المساء
عثمان الدلنجاوى
نبض الوطن .. الأخطر ينبت من هناك..!
إذا كان داعش تبني تنفيذ هجوم كنيستي طنطا والإسكندرية فإن السؤال: مَنْ صنع داعش؟ وماذا أراد بوجود مثل هذا التنظيم الدموي داخل بلاد العرب والمسلمين.. هل جاء لينشر إسلاماً جديداً بين أهله.. أم جاء ليعيث دماراً وتخريباً. ويشوِّه صورة الدين السَمِح الذي بني حضارة عريقة عاشت قروناً مديدة دون أن تسفك دماً حراماً أو حتي تقطع شجرة. أو تسمح بانتهاك حقوق حيوان ولو بحبسه أو تجويعه حتي أن رسولنا الكريم قال: إن امرأة دخلت النار في "هرة" لا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض.
الإسلام لا يحتاج دفاعاً من أحد. فقط يحتاج من أتباعه الخلصاء أن يعودوا إلي منابعه الصافية. وأن يقدموا للعالم قدوة حسنة من أنفسهم. وأن يسعوا جاهدين لاستعادة حضارتهم العريقة.
وإذا ثبت أن داعش الإرهابي صنيعة الغرب؛ فلا نعدم دليلاً علي تورط أوباما في تأسيسه بموجب وثائق أمريكية سرية جري رفع الحظر عنها بدعوي قضائية منذ فترة؛ وهو ما تأكد في وثائق سنودن التي نشرها الدبلوماسي الروسي السابق فيتشلاف ماتوزرف الذي أكد أن داعش جزء من الاستراتيجية الغربية المسماة بـ "عش الدبابير" وأن أجهزة مخابرات أمريكا وبريطانيا وإسرائيل تتحمل مسئولية إنشاء هذا التنظيم الذي تلقي زعيمه أبو بكر البغدادي تدريباً عسكرياً مكثفاً لمدة عام علي يد الموساد الإسرائيلي بالتوازي مع تلقيه دروساً في اللاهوت والخطابة.. ثم أين كان الأمريكان حين كان داعش ينمو ويزداد وحشية وقضماً للأراضي والأرواح.. لماذا لم تضغط واشنطن علي حلفائها الذين ساندوا المسلحين المتطرفين بشهادة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن؟!
ما يحدث عندنا وعند غيرنا من حوادث إرهابية ليس بمنأي عما يحدث في الغرب ويجري استنباته هناك من صعود للشعوبية واليمين المتشدد في بعض دول أوروبا. وعودة أفكار صمويل هنتنجتون لتحكم البيت الأبيض من جديد. وهي الأفكار التي تبشر بصدام الحضارات وصراعها وقد أنتجت من قبل أيام بوش الابن حروباً كارثية في العراق وأفغانستان.. اليوم تعود أفكار صدام الحضارات في لباس جديد علي أيدي أشخاص أكثر تعصباً وتطرفاً وشوفينية وكراهية للآخرين. وعلي رأسهم ستيف بانون مدير الحملة الانتخابية لترامب ومنظره الاستراتيجي المعبِّر الأبرز عن النزعة الهنتنجتونية التي تعتبر الإسلام والصين أكبر عدوين لأمريكا والغرب وهي الأطروحة التي تفضي إلي ضرورة التمسك بأمريكا مسيحية بروتستانتية الديانة. إنجليزية اللغة والثقافة؛ وتعزز الإحساس بالهوية القومية الأمريكية. وتجرُّدها من التعددية السياسية والثقافية واللغوية. الأخطر أن بانون صرَّح لبرنامج إذاعي في فبراير الماضي بتوقعه نشوب حرب بين أمريكا والصين خلال السنوات العشر المقبلة بسبب نزاعهما علي جزر صناعية أقامتها الأخيرة في بحرها الجنوبي. وشن أمريكا حرباً جديدة في الشرق الأوسط.. الأدهي قول بانون إن هناك إسلاماً توسعياً. كما أن الصين راغبة في التوسع؛ إنهما ـ الإسلام والصين ـ يتسمان حسب قوله بالتحفُّز والاندفاع والغرور. إنهما يحثان السير لتحقيق غاياتهما ويظنان أن الحضارة اليهودية ـ المسيحية تتراجع.
إن متابعة هادئة لجذور داعش وما يتشكل الآن في الغرب وأمريكا من صعود أفكار اليمين المتطرف تدلنا علي خطورة العبث بالأفكار الدينية والقومية. كما أن شحن الشباب بفكرة الجهاد لا يمكن أن ينتهي بزوال السبب السياسي. وأن زرع الإرهاب يبدأ بالأفكار وينتهي إليها؛ فحرب الأيديولوجيات لا يمكن حسمها بالسلاح فقط بل بالفكر والحجة والمنطق السليم وإعادة التربية علي قيم التسامح والتعايش وليس الصراع والتمييز والاستعلاء القومي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف