الوطن
محمود مسلم
مصنع البسمة
لدىّ قناعة راسخة بأن أسوان هى مصنع البسمة فى مصر بطيبة أهلها وبشاشتهم وسحر طبيعتها ونيلها الرائع وخضرتها المبهجة، فلا يمكن أن تقابل مواطناً أسوانياً عابساً أو محتقناً طوال الوقت، وأكاد أنصح أى صاحب هم بالانتقال إلى أسوان فوراً ليغسل همومه فى النيل هناك لتزول أحزانه مع كل أسوانى يقابله بسمار البشرة وجديتها وابتسامتها.

لقد أجاد منظمو مؤتمر الشباب فى اختيار مدينة أسوان، حيث الهدوء والأصالة والطيبة والسماحة وناس مصر الحقيقيين الذين يحتاجون من يطبطب عليهم ويجبر بخواطرهم، فأسوان مشفى الهموم والكرب فى ظل تحديات ثقيلة ومتشابكة، فزيارة الرئيس السيسى إلى هناك وإقامته 5 أيام أثرت كثيراً فى هذا الشعب الراضى المتصالح مع نفسه المهموم بقضايا وطنه، الصابر على المشكلات.. وأعتقد أن الرئيس نفسه قد حصل على جرعة من هذه الطاقة الإيجابية، فمن يتفاعل مع هذا الشعب الأبى الطيب سيترك الهموم ويتمسك بالأمل والتفاؤل بدليل أن الرئيس كان منفعلاً فى الجلسة التى سبقت زيارته المفاجئة إلى مصنع كيما بسبب عدم إدراك البعض للمشكلات والتحديات والمؤامرات ووقتها قال لأحد الشباب: «اسمع.. هيقولوا لكم مفيش تعليم.. مفيش اهتمام بالصحة.. لكن مش هيقولوا لكم إن البلد فقيرة أوى لكن إن شاء الله هنبقى كبار».. حدة الرئيس غير المعتادة أثارت الجدل، ثم ذهب بعدها السيسى إلى مصنع كيما.. وبعيداً عن تفاصيل الزيارة الرسمية التى تعد نموذجاً فى المعالجة الميدانية للمشكلات، فقد التقى الرئيس عدداً من أهالى أسوان ونزل من سيارته لمصافحة سيدة بسيطة من أهلنا هناك، استمع إلى شكواها رغم ما يحيط الزيارة المفاجئة من مخاطر، وسقاها، ووعدها بحل شكواها، ثم عاد الرئيس إلى الجلسة الختامية بطاقة جديدة وروح مختلفة فقد تفاعل مع رضا وابتسامة الشعب الأسوانى بعيداً عن جدل الفضائيات والنخبة، كما أن الجلسة الختامية تضمنت تكريماً لشباب من الصعيد فى مجالات مختلفة، بالإضافة إلى أغانٍ من شباب آخر تفاعل معها كل من فى القاعة.

وجاءت كلمة الرئيس، والتى لا يمكن أن تكون هذه التوصيات قد تم إعدادها فى المؤتمر فقط، فقد لامست مشاكل حقيقية وطرحت حلولاً جادة بجدول زمنى لها مما يعكس أن دراستها استغرقت وقتاً طويلاً ويدل على أن مؤتمر الشباب أصبح محفلاً حقيقياً للفرحة ليس لأهل أسوان فقط ولكن لكل المصريين الذين يجدون فيه طرحاً لمشاكلهم ومواجهة حقيقية لها، واستمرار المؤتمر كل شهر يمثل إضافة حقيقية للعمل الشعبى وللتواصل مع فئة مهمة وهى الشباب دون وسطاء أو منظرين.

لقد أسعد الرئيس السيسى أهل أسوان والنوبة والصعيد بقراراته الجريئة التى لو تم تنفيذها ستحمل مستقبلاً أفضل لهم على المستوى السياسى، لكن على الجانب الإنسانى فأعتقد أن الطبطبة على أهل أسوان وجبر خواطر أهالى النوبة والتكريم المعنوى لكل أهالى الصعيد الذين يمثلون السند الحقيقى للدولة المصرية عندما أشاد بهم قائلاً: «الصعايدة أرجل ناس.. لديهم عزة نفس لا تنكسر.. ويحمون بعضهم بعضاً، لكن كل واحد يصرف على نفسه» سيفرق كثيراً فى روحهم المعنوية.

أسوان.. مصنع البسمة.. مؤتمر الشباب حالة خاصة من التواصل المجتمعى والسياسى والإنسانى وتوصياته تمثل حلولاً جادة لمشاكل واقعية.. الصعايدة «أرجل ناس».. شباب متعطش للمعرفة فى كل أنحاء مصر.. عندما يجتمع كل هؤلاء فى مكان واحد فالأمل فى المستقبل يجب أن يزداد.. والتفاؤل يجب أن يسود.. ومصر يجب أن تبتسم وتبدع وتنطلق.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف