الأهرام
عبده مباشر
خطبة الجمعة فى الحرمين الشريفين
نسأل شيوخنا الأجلاء الذين اعترضوا على خطبة الجمعة المكتوبة، عما إذا كانوا يعلمون أنه نظام معمول به فى الحرمين الشريفين، وعما ذا كان منهم من شاهد أيا من الأئمة الكبار هناك وهو يقرأ الخطبة المكتوبة؟

والسؤال هنا، هل ستبدون اعتراضا على نظام خطبة الجمعة المكتوبة هناك، أم أنكم ستصمتون مثلما فعلتم طوال السنوات الماضية؟ وإذا لم تعترضوا، فهل يعنى ذلك أنكم تمتلكون شجاعة الاعتراض داخل مصر فقط؟

إن المنطق واتساق المواقف، يفرض عليكم أن يكون لكم موقف واحد تجاه خطبة الجمعة المكتوبة، أى إذا لم تعترضوا عليه هناك، فيجب ألا تعترضوا عليه هنا، والعكس صحيح وإذا كنا نحمل لكم الاحترام باعتباركم شيوخا أجلاء، فإننا سنزداد لكم احتراما إذا ما أتخذتم موقفا معارضا لنظام الخطبة المكتوبة هناك، وإذا لم تعترضوا، فاسمحوا لنا أن نتساءل. وأين ذهبت شجاعة المواجهة التى تسلحتم بها فى مصر؟ لقد تناديتم، واجتمعتم بسرعة بعد إعلان قرار الخطبة المكتوبة، وقررتم الاعتراض، ولنقل أنكم قررتم إعلان الحرب على هذا القرار، وهنا هل من حقنا أن نطالبكم بالاجتماع بنفس السرعة للاعتراض على ما يجرى العمل به فى الحرمين الشريفين وباقى دول الخليج.

ونود أن نسأل شيوخنا الآجلاء، عما إذا كانوا يعيشون معنا فى مصر؟ وعما إذا كانوا يعرفون أن المتشددين والمتطرفين والإرهابيين من الإخوان والسلفيين وباقى الجماعات المماثلة قد سيطروا على منابر معظم المساجد خلال العقود الماضية؟

إن هذه السيطرة أتاحت لهم الوصول بأفكارهم المشوهة إلى الرأى العام، ومنها تكفير المواطن المسيحى وتحريم الفن والغناء والسينما ومشاهدة التليفزيون إلا إذا كان يبث قرآنا أو صفحات من السيرة النبوية أو أحاديث ودروسا لشيوخهم، بجانب الهجوم على الديمقراطية لتناقضها مع الإسلام. وهم جميعا يأمرون الناس بالنقاب والحجاب وإطلاق اللحي، ومن لا يستجيبون فإنهم ليسوا من المسلمين. وبمثل هذا الخطاب المتشدد سمموا حياة الناس، وهددوا السلام الاجتماعي، وزعزعوا الاستقرار، وهيأوا التربة لظهور الإرهاب والإرهابيين. ولما كنا نعلم أنكم أيها الشيوخ الأجلاء أو من مثلكم بلجنة الدستور قد تحالفتم مع السلفيين للهجوم على مدنية الدولة، ومنع النص عليها فى الدستور، والاكتفاء بالإشارة إليها فى الديباجة، فإن ذلك يفتح الباب لنسألكم هل أردتم بالاعتراض على الخطبة المكتوبة حماية سيطرة السلفيين وباقى القوى المتطرفة على المنابر؟ وبصورة أخري، هل توافقون على تكفير المواطن المصرى المسيحي؟ وهل تعترضون أو ترفضون الديمقراطية؟ وهل هناك منكم من يحرم الفن والغناء والسينما؟ ويرفض الحياة المعاصرة والحضارة الغربية؟ وإذا كنتم كذلك، فإن رفضكم لخطبة الجمعة المكتوبة يصبح مفهوما. أما الدعاة والخطباء الذين تخرجوا فى الجامعة الأزهرية فى ظل انهيار مستوى التعليم وتهافت مستوى الخريجين، فهم بالضرورة لم يتعلموا بشكل جيد، ولم يعرفوا الطريق إلى الثقافة والمعرفة. معنى ذلك أنهم ينشرون فى خطبهم فقدان المعرفة وفهما قاصرا للإسلام.

تنبه المسئولون والعلماء فى دول الخليج إلى خطورة دعاة التطرف والإرهاب على الأمن والاستقرار والسلام الاجتماعي، فقرروا الأخذ بنظام الخطبة المكتوبة، وقد نجحوا فى ذلك إلى حد كبير. وعندما أرادت مصر أن تحاول تحقيق هذه الأهداف، قررتم إعلان الحرب على القرار وأصحابه، فلماذا أيها الشيوخ الأجلاء؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف