الجمهورية
مصطفى هدهود
مصر ما قبل 5 يونيو وما بعد 9 يونيو 1967
يعتبر يوما 5 يونيو و9 يونيو 1967 من الأيام الفارقة في تاريخ الأمة المصرية والعربية بسلبياتهما وايجابياتهما. ويعتبر 5 يونيو 1967 يوم الصدمة الكبري للشعب المصري والشعوب العربية والإسلامية كلها.
عاش الشعب المصري علي آمال كبيرة منذ ثورة 1952 وتولي عبدالناصر مقاليد الحكم ومشروعاته العملاقة لتنمية مصر بشرياً وعلمياً وصناعياً وزراعياً وتقوية العلاقات مع دول عدم الانحياز. والإنجازات التي كنا نعيش فيها والأخبار السعيدة والايجابية اليومية بالنسبة لمشروعات التصنيع الحربي والمدني ودور مصر لتحرير معظم الدول الأفريقية من الاستعمار الغربي وشعورنا نحن الشعب المصري في ذلك الوقت بالفخر والزهو خاصة بعد الوحدة مع سوريا عام 1958 ونجاح القوات المسلحة في تنفيذ مشروعات عملاقة لتصنيع الصواريخ القاهر والظافر والرائد بمدي حتي 700كم بالتعاون مع بعض الخبراء الألمان والتصنيع داخل المصانع المصرية وتنفيذ مشروع تصنيع الطائرة المقاتلة الجديدة بالتعاون مع الهند وتنفيذها واختبارها داخل مصر.. كنا نشعر جميعا بأن مصر تسير في الطريق السليم بعلمائها وصانعيها ومزارعيها.
وللأسف تربصت أمريكا وإسرائيل بمصر وعبدالناصر حيث اتفقا بضرورة الحصول علي رأس الزعيم عبدالناصر والتخلص منه حيث أصبح خطرا مباشرا ضد إسرائيل ويهدد استمرار تواجد إسرائيل وامكانية إزالة إسرائيل كلها في حالة استمراره علي قيد الحياة.
خططت إسرائيل بعد حرب 1956 ونجاحها في اقتحام سيناء والوصول إلي قناة السويس بمساعدة انجلترا وفرنسا إلي الإعداد لحرب أخري تكون حربا شاملة ضد الدول المجاورة لإسرائيل مصر وسوريا والأردن كخطوة لتحقيق الحلم الصهيوني وهو التمدد حتي النيل والفرات.
واستغلت إسرائيل وانجلترا وأمريكا تواجد قوات مصرية في اليمن لحماية الثورة اليمنية منذ عام 1962 وتهديدها لتواجد القوات الانجليزية في عدن واليمن الجنوبية في تجنيد جنود مرتزقة لمحاربة القوات المصرية علي الحدود اليمنية- السعودية وداخل اليمن كوسيلة لزيادة أعداد القوات المصرية المرسلة لليمن وإنهاك الاقتصاد المصري والفرد المقاتل المصري واختارت إسرائيل التوقيت الملائم لها واستطاعت الوصول لقناة السويس مرة أخري يوم 9 يونيو 1967 واحتلال القدس والضفة الغربية والجولان في سوريا.
ولذا فإن 5 يونيو 1967 يوم ذو سلبيات متعددة علي الوطن المصري والعربي والشعوب العربية.
لقد اهتزت الثقة بين الشعب وقيادته السياسية والعسكرية وحدثت انتكاسات اقتصادية وعسكرية وأخلاقية ونفسية بين الشباب والكبار وضاعت الابتسامة والفرحة من وجود الشعب المصري وفقدت مصر آلاف الشهداء وملايين الجنيهات قيمة المعدات العسكرية المدمرة وفقدت الدول العربية أجزاء كبيرة من أراضيها.
لقد كنت يوم 5 يونيو طالبا بالكلية الفنية العسكرية ومكثنا خمسة أيام في ملعب الكلية نحاول الحصول علي أي أخبار ايجابية ولكن الصدمة الكبري كانت يوم 9 يونيو حيث عرفنا بأن المعركة انتهت وان سيناء احتلت وان عبدالناصر تنحي عن الحكم وكانت خيبة أمل كبيرة لي ولزملائي وضاع الحلم المصري وهو إعداة فلسطين لأهاليها والقضاء علي الكيان الصهيوني المدسوس بواسطة انجلترا داخل الجسم العربي.
ولكن أؤكد أن 9 يونيو كان يوم بداية إعادة الأمل حيث تمسك الشعب المصري بزعيمه عبدالناصر لإعادة بناء القوات المسلحة والدولة والتمسك بمبادئ ان ما فقد بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.
ومن ايجابيات 5 يونيو 1967 ظهور الحقيقة أمام عبدالناصر ومعرفته عن قرب علي كفاءة قادة القوات المسلحة وحالة الانهيار التي كانت متواجدة داخل الجيش خاصة بعد انتكاسة انفصال الوحدة مع سوريا والانغماس المتزايد داخل اليمن.
أدت نكسة 1967 إلي إعادة ترتيب وتشكيل وتدريب القوات المسلحة المصرية وتسليحها بأسلحة متطورة خاصة بالقوات الجوية والدفاع الجوي والبحرية.. ويؤكد ذلك ما تم بعد 9 يونيو مباشرة من الهجوم الجوي للطائرات المصرية أيام مدكور أبوالعز علي مناطق التمركز للقوات الإسرائيلية داخل سيناء والنجاح في صد القوات الإسرائيلية لمحاولتها احلال بورفؤاد التي كانت الجزء الوحيد في سيناء تابعا للقوات المسلحة المصرية وتدمير قواته في رأس العش ثم النجاح في تدمير المدمرة إيلات بواسطة ضابطين مصريين وصواريخ ب15 الروسية.. ومن الايجابيات المهمة تلاحم قوي الشعب المصري وبث روح الانتماء للوطن والتبرع للقوات المسلحة بكل الصور وايجابيات 5 يونيو و9 يونيو تواجد روح العزيمة والاصرار والصبر وتحمل كل العائلات المصرية تواجد أولادهم بالقوات المسلحة لمدد زادت علي ثمانية أعوام.. ونجح عبدالناصر في انشاء خط صواريخ الدفاع الجوي علي طول غرب قناة السويس وتحمله عناء المرض حيث كان يعاني من أمراض متعددة منها السكر والقلب وزيادة معدلات التدخين وشعوره بالانكسار النفسي والمعنوي وعدم اظهار ذلك للشعب والقوات المسلحة ومن ايجابيات 5 يونيو و9 يونيو التخطيط الجيد وتأهيل الدولة للحرب ونجاح القوات المسلحة في حرب 1973 وعبور قناة السويس وبداية مشوار إعادة الأرض المصرية بسيناء إلي حضن الدولة بواسطة الزعيم السادات بعد وفاة عبدالناصر عام 1970 ومن خلال تطوير خطة عبدالناصر العسكرية التي تم إعدادها قبل وفاته.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف