الجمهورية
بسيونى الحلوانى
تعذيب المواطنين في مكاتب البريد!!
من النادر أن تذهب الي مكتب بريد من آلاف المكاتب المنتشرة في طول البلاد وعرضها ولا تجد مشاجرة بين مواطن وموظف في المكتب أو بين المواطنين الذين يتعذبون في الوقوف في طوابير طويلة لإنهاء معاملة قد تكون بسيطة ولا تستغرق دقائق ولا تتطلب كل ما يحدث للمواطن من ضغوط نفسية وتلف أعصاب بسبب الانتظار الطويل محشورا في مكتب لا يختلف كثيرا في معظم أحواله عن أماكن الحجز في أقسام الشرطة!!
كان للبريد في السابق مهمة محددة ومحترمة وهي ترتبط باسمه وكنا نعتز به ونراه جزءا مهما من تاريخنا وحضارتنا ولا تزال صورة ساعي البريد الذي يطوف الشوارع والحواري بدراجته لتوزيع الخطابات حاضرة في أذهاننا جميعا ونتمني أن تعود.
الآن تراجعت مهمة البريد الأساسية ودخل عالم البزنس وأصبح ينافس البنوك في جمع الأموال من المواطنين ونقلها الي بنك الاستثمار القومي مقابل عمولة علي ذلك. كما أصبح للبريد مهام أخري في تحصيل مصروفات بطاقات التموين وحجز شقق الاسكان الاجتماعي ومصاريف المدارس وغيرها.. وهذه المهام الكثيرة التي تقوم بها مكاتب البريد أدت الي تكدس المواطنين يوميا بها ليذوقوا العذاب ربما من أجل سداد جنيهات قليلة لقضاء مصلحة في جهة ما.
*****
لكن أبشع ما في مكاتب البريد الآن هو أن بعض موظفيه يعملون وفقا لهواهم الشخصي ويتفنون في تعذيب المواطنين ومعظم المتعاملين مع البريد من كبار السن والسيدات وفي النهاية يضطر المواطن الي تنفيذ طلبات الموظف حتي ولو كانت مستفزة وغير منطقية.
مكاتب البريد تضع قيودا علي حرية تصرف المواطنين في أموالهم. وتترك الفرصة لموظفيها لحرق دم المتعاملين معهم وتعطيل مصالحهم فهل هذا هو التطوير والتحديث الذي يتحدث عنه رئيس هيئة البريد ويصدعنا به في وسائل الإعلام كل يوم؟!
لقد تطور العمل في البنوك المصرية بشكل جيد واصبح المواطن يقف أمام ماكينة تنفذ له كل رغباته سحبا وايدعا.. حتي تحويل العملة أصبح لها ماكينات خاصة في كثير من البنوك لتسهيل مهمة المواطن الذي يتصرف في أمواله بالطريقة التي تحقق مصالحه.. كما أن عائد الادخار في البنوك أصبح يفوق كثيرا عائد دفاتر توفير البريد مما دفع الآف المواطنين الي سحب مدخراتهم من البريد ووضعها في البنوك.
ومن المؤسف أن التطور التي شهدته منظومة البنوك لم يواكبه تطوير مماثل في مكاتب البريد التي لا تزال تعمل بشكل متخلف ولا يتناسب مع العصر وتطوراته.. مازال موظف البريد يجد متعة في "تستيف الأوراق" ويطلب من المواطن أن يذهب الي مكتبة معينة لتصوير بطاقته ويوقع المواطن ستة توقيعات علي أوراق من أجل سحب خمسين جنيها من حسابه!!
وما زال المواطن يهدر عدة ساعات من وقته من أجل قضاء مصلحة داخل مكتب بريد فضلا عما يتعرض له من قهر نفسي.
*****
لا ينبغي أن يتفاخر رئيس هيئة البريد بكثرة عدد مكاتبه المنتشرة في القري والمدن ولا بكثرة عدد المضطرين للتعامل معها.. فمحل التفاخر الحقيقي هو التطوير والتحديث والقدرة علي جذب متعاملين جدد بما تقدمه مكاتب البريد من تيسيرات علي المتعاملين معها.
مكاتب البريد ثروة قومية هائلة لكنها للأسف تعاني من الإهمال وعدم وجود خطط وبرامج حقيقية للتحديث.. حتي المكاتب النموذجية أصبحت مثالا للفوضي والإهمال.
الواقع المؤلم الذي يجب أن تعترف به هيئة البريد هو أن "سيستمها العام" يحتاج الي تغيير حتي لا يهرب ما تبقي من المتعاملين معها.
البريد يحتاج الي تطوير حقيقي .. وليس الي تصريحات دعائية لا وجود لها علي أرض الواقع.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف