الجمهورية
محفوظ الأنصارى
قطر.. ونهاية قريبة.. لدور لم يعد له مبرر!!
احترام الدول.. واحترام الشعوب.. واجب. وقيمة. وضرورة.. بصرف النظر عما إذا كانت الدولة صغيرة الحجم والمساحة.
أو كان عدد أفراد شعب من الشعوب. محدوداً. ولا يتجاوز بضعة آلاف فرد.
وبالفعل استقرت القوانين والقواعد الكونية.. علي المساواة بين الدول "المستقلة".. صغيرها وكبيرها.. كثيفة السكان كانت. أو قليلة السكان.
وأن تكون المساواة. في التعامل.. هي القاعدة التي يلتزم بها جميع أعضاء الأسرة الدولية.. ودون تمييز. بين دولة وأخري.
وعلي هذا المبدأ والأساس.. تمت صياغة القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وعلي هذا الأساس.. تم الاتفاق علي إقامة "الأمم المتحدة".
صحيح.. أن هناك دولاً من أعضاء الأسرة الدولية يتجاوز عدد سكانها. أو يقترب من "المليار ونصف المليار" مواطن.
بينما لا يذهب حجم السكان. أو عددهم. في دولة أخري من دول العالم إلي بضعة آلاف. أي أقل من نصف مليون مواطن.
هذا التفاوت الرهيب.. في الحجم والمساحة.. وفي الكثافة وعدد السكان.. لم يؤثر كما قلنا. في الدور. أو في القرارات.
صحيح.. أن للحجم وللمساحة.
وصحيح.. أن للعدد وكثافة السكان.
تأثيرات أخري متعددة.. وفي مجالات لا حصر لها.. إلا أن الجماعة الدولية.. بدولها. وشعوبها.. متساوية. ومتكافئة ــ وكما قلنا ــ أمام القانون الدولي.. والعلاقات بين بعضها البعض.
* * *
ربما كانت الصورة. كما تم عرضها.. طبيعية.. أو قانونية.. لكنها في واقع الأمر.. ومن خلال ما يدور ويجري من تعاملات. بين مختلف أعضاء الأسرة الدولية.. غير ما هو مدون في القانون الدولي.
ليس من خلال التفاوت في حجم المساحات بين الدول.. أو من خلال التباين في عدد السكان.
وإنما من واقع ما يجري من سياسات. ومواجهات وتحالفات. أو صراعات.
والحكم أو المعيار هنا. ليس القوة أو الحجم.. وإنما هو شيء آخر مختلف.
ــ هل نطلق عليه.. "نوعية الممارسة".. وشكلها؟!
ــ أم نسميه.. "طبيعة" شعب.. أو فصيل؟!!
هذا عنيف شرس.. ومعتد..
وذاك.. أليف. متفاهم. ووديع..
وذلك بصرف النظر. عما يمثله هذا النوع أو ذلك.. من حجم وعدد وإمكانيات.
وحتي لا نذهب بعيداً عما نتحدث فيه..
فلنأخذ "النموذج القطري"..
فدولة قطر ليست. كائناً ذا حجم ومساحة وسكان.
وهي أيضاً.. ليست مالكة لقدرات "فريدة" وخاصة بها.
باختصار.. قطر ليست صاحبة قدرات. عسكرية.. أو علمية.. أو سكانية.. وبشرية.. أو جغرافية.
إمكانيات تؤهلها.. أن تمارس هذا الدور "الضخم".. الذي مارسته.. ومازالت تحاول الاستمرار فيه.
وهي وإن كانت تمارس الجزء الأكبر من هذا النشاط والدور في الخفاء.. إلا أن الجانب المعروف والمعلن.. واضح للجميع.
هي نفسها تعترف به أحياناً.. وأحياناً أخري تحاول إخفاءه.. وحدثت مواجهات.. وفرضت عقوبات.. وتم الإعلان عن عدد من التراجعات أو الاعتذارات غير الجادة.
إلا أن الأوضاع. والممارسات والتصرفات.. بقيت كما هي.. ثم كان الوضع الأخير.. وتجمعت السعودية. ومصر. والإمارات. والبحرين. وعدد آخر من الدول.. حول قرار يطلب من قطر:
ــ التراجع عن ممارسة الإرهاب ضد الدول المشار إليها.. وإلي غيرها.. سواء كان إرهاباً مباشراً.. أو كان. تآمراً. يجري توظيف الجماعات والمنظمات الإرهابية لممارسته.. أو كان إيواء للعصابات والمجرمين.. أو غير ذلك من مختلف الأنواع.
* المفاجأة.. أنه رغم هذا الحشد الضخم من الدول المضارة من السلوك القطري.. هذا السلوك الذي يعرفه.. بل ويعترف به معظم دول العالم.. كبيرها وصغيرها.
إلا أن هذه "الدولة العملاقة"!!!... شكلاً. وهي قطر. تقف وتتحدي الجميع.. وتؤكد.. كذب ما تقوم به "وتؤكد أيضاً الاستمرار".
* * *
ونسأل هنا.. ومن واقع ما نعايشه:
ــ ما هو المنطق. والسبب الذي علي أساسه تستمر دولة.. بسكانها محدودي العدد.. وبمساحتها الضئيلة والمحاصرة. في سياستها.. وفي تآمرها.. وفي توظيفها للإرهاب وتمويله؟!!
ــ هل يكفي لحمايتها وأمنها.. أن تسمح لقوات من تركيا.. باحتلال جزء من أراضيها ــ المحدودة المساحة ــ وكيانها المحاصر؟!!
ــ وهل يكفي أيضاً.. أن نفتح باباً للتناغم والتعاون مع إيران.. علماً بأن كلاً من إيران وتركيا ليسا علي وفاق؟!!
ــ وهل "قاعدة العيديد" الأمريكية.. بكل ما تحمل من أدوات قتل ودمار وقوة.. كفيلة بمنع أي ضرر قد يصيب قطر.. رغم أن التصريحات الأمريكية.. خاصة الصادرة علي لسان رئيسها "ترامب". تؤكد ارتباط قطر بالإرهاب والإرهابيين؟!!
ــ أم أن هذا الموقف "المائع".. أو "الغامض".. أو المتردد من جانب روسيا. سيكون حائلاً ضد أي عمل ضار بقطر؟!!
ــ ثم ما هي طبيعة هذه "الحسبة" الغريبة. التي يشهدها عالم اليوم.. وتجمع بين أطرافها. وجوانبها. وقلبها؟!!
كل التناقضات.. وكل الأطراف. أعداء كانوا. أو أصدقاء.. تجمع.. إيران. وتركيا. وروسيا. بل وجانب من الإدارة الأمريكية.. وغيرها.
كل هؤلاء وغيرهم.. تتداخل مواقفهم وأهواؤهم. وتدور حول ما تثيره. وتفعله قطر.
سواء جلبت إلي أرضها قوات تركية.. وأخري إيرانية.. أو ادعت مرة بأنها قادرة.. وأخري بأنها محاصرة.. وثالثة بأنها مواصلة لممارساتها وسياساتها.
.. والسؤال هو:
ــ هل صحيح أن لقطر إرادة.. أو قدرة.. أو أنها صاحبة قرار وموقف وتوجه وسياسة؟!!
أم أن المسألة في جوهرها شيء آخر تماماً؟!!
* * *
بالتأكيد.. ليست صاحبة قدرة.. ولا مالكة لقرار.. ولا تستطيع أن تخطط وتدبر وتقرر.. وإنما من البداية وحتي النهاية.. ليست إلا "أداة" بالفعل.. "السلطة القطرية".. ليست أكثر من أداة.. ولكنها ليست أداة لطرف دون آخر.. وإنما هي أداة للجميع.
وبالطبع أداة لجميع من قاموا بتكليفها وتوظيفها لإثارة الفتنة والاضطراب. في كل الأنحاء.. حتي ولو كان هؤلاء الذين يقومون بتوظيفها وتكليفها.. ليسوا علي وفاق.
المهم إثارة الفوضي.. وإشاعة الإرهاب. والوقيعة بين كل الأطراف. وفي كل مكان.
وهي.. أي "قطر".. بهذه المهمة الجهنمية.. تعتبر نفسها في مأمن من أي شر أو خطر.
لأن الهدف العام.. وهو الفوضي والإرهاب.. ينتهي في آخر الأمر. لصالح كل الأضداد. أو كل الأعداء. أو الأطراف.
لكن ما يغيب عن قطر.. ويغيب عن عدد من المحركين لها.. والدافعين بها إلي هذا الخضم.. هو:
أن الأوضاع في مجملها.. وفي كل الاتجاهات.. في طريق التحول والتغيير.. وأن الفوضي مهما طالت أو زادت لابد أن تنتهي.. وهي الإرادة. العامة الدولية. التي أخذت في التبلور والتوحد.. فقد ضاقت الشعوب والدول بـ:
* ألاعيب الصغار..
* ومؤامرات الطامحين والبلهاء من دول المنطقة الباحثة عن دور. وعن أطماع..
* ضاقت الشعوب أيضاً.. من أكاذيب.. ودعاوي. التنافس والصراع.. في حين أن هؤلاء ليسوا أكثر من عملاء.
.. ولهذا.. مهما طال ما يطلقون عليه "عناد قطر".. وما يطرحونه كمحاولات إنقاذ من تركيا أو إيران. أو غيرهما.. سرعان ما سينتهي ليبحث كل طرف.. عن الحقيقة.. وعن الأمن.. وعن التعاون الحقيقي والجاد.
الصفحة السابقة
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف