الأهرام
محمد مصطفى حافظ
رمضان شهر الأخلاق
يقول الله في كتابه القرآن الكريم " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون " صدق الله العظيم، فشهر رمضان مدرسة الأخلاق فصولها الصبر والصدق والبر والكرم والرحمة والصفح والحلم والمراقبة والتقوي ، ولن يؤتي الصيام ثمرته إلا إذا ظهر أثر هذه الفضائل علي سلوك المرء وتعامله مع الآخرين والبعد عن الفحشاء والمنكر واللغو والرفث والفسوق، وصدق الرسول محمد عليه الصلاة والسلام " الصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله إني امرؤ صائم ".
وعندما أراد الرسول الكريم تلخيص هدف رسالته السامية لم يقل لأعلم العباد الصلاة أو الصوم والحج والزكاة وإنما قال " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ، وقال " الدين حسن الخلق " ، وزاد بقوله " إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا ، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون ، قالوا " يا رسوا الله وما المتفيهقون ؟ قال : المتكبرون " ، وعندما سئل " ما أكثر ما يدخل الجنة يا رسول الله ؟ قال : التقوي وحسن الخلق " ، وإذا أردنا تعريف الصوم فنسمع للرسول " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " و قال " رب صائم ليس من صيامه إلا الجوع ورب قائم ليس من قيامه إلا السهر " إي ليس الغرض من الصوم الإمساك عن الطعام والشراب والجماع من آذاني الفجر للمغرب وهو صوم العموم ، أو صوم الخصوص بكف القلب والجوارح عن المعاصي وسئ الأخلاق من كذب وخيانة ونفاق وأذي لفظي أو مادي ورياء وغيرها من الموبقات ، أو صوم خصوص الخصوص بكف القلب عن الهمم الدنية والشواغل الدنيوية والإقبال علي الله عز وجل بالكلية المطلقة، إي حسن العبادة لأبد أن تظهر علي سلوك الصائم في أخلاقه وتصرفاته وتعاملاته مع الآخرين في المجتمع .

وللأسف نجد الكثير يعتبر رمضان عادة فيكون صيامه الإمساك عن الأكل والشرب والجماع فقط ويترك العنان للفواحش وما حرم الله فبصره مطلق لما حرم الله وترك عينه وأذنه للأغاني والمسلسلات والأفلام وما بهم من خلاعة وعري وكلام يغضب الله ، ويتراخي في تأدية عمله بحجة الصيام أو يمارس خلاله من ذنوب من كذب ورشاوي وكذب وغيبة ونميمة وهزال مع نساء، وتري عراك وشتمائم بأفظع الألفاظ بالشوارع علي أهون الأسباب بحجة الصيام وهو برئ من ذلك وتلك ، فرمضان الحق شهر الخير والبركة والغفران وعيد للمؤمن وكنزه للاغتناء من الحسنات ومضاعفة أجر العبادة والدعوات وكثرة الصدقات للفقراء والمحتاجين وصلة الأرحام وإقامة موائد الرحمن، وهو شهر القرآن الذي زين بنزول القرآن الكريم علي سيدنا محمد ويتنزل الله جل وعلا لسماء الدنيا فيسجيب دعوات عباده المخلصين ويغفر ذنوب المستغفرين فأوله رحمه وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار كما قال رسول الله ، والصوم من أعظم العبادات وركنا أساسيا من أركان الإسلام بل تعهد الله بأجره لأنه خالصا له وحده ، كما أن للصائم دعوة لا ترد عند فطره وكما له فرحتان كما أخبر الحديث الشريف " للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحه عند لقاء ربه " ، وفيه تغلق أبواب جهنم وتفتح أبواب الجنة وتصفد الشياطين بالأغلال ، وتملئ المساجد بضيوف الرحمن في كل الأوقات الخمسة للصلاة وصلاة التراويح ودروس التدبر وحلقات الذكر وقراءة القرآن ، وفيه ليلة خير من ألف شهر ليلة القدر ويختتم بيوم الجائزة يوم عيد الفطر ، فخسر من جاءه رمضان وتتكاسل عن عبادة الرحمن لتكفير ذنوبنا والإخلاص في الصيام والصلاة وفعل الخيرات وتجنب الآثام والتوبة عن الذنوب ويكون رمضان عهداً جديداً مع الله سبحانه وتعالي.

فيارب نجنا من عالم تتداخل فيه الظلمات مع النور وإلباس الحق ثوب الباطل وإظهاره حقا ، ونجنا من وسائل إعلام فاسدة تبدل طرائق التفكير وتخريب الضمائر والشماتة للبناء والتنمية بحجج الدفاع عن الحريات للشعوب .. ويارب لا تجعلنا تحت رحمة المصالح لقمة سائغة بل نقيم ميزان العدل بين أرواحنا ، ويكون رمضان شاهدًا لنا لا علينا وأحمي مصر ومنطقتنا شر الفتن ما ظهر منها وبطن وأدحر الإرهاب وأذنابه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف