المصرى اليوم
ياسر أيوب
مصر ودرس الكلاسيكو الإسبانى
كان هناك أكثر من ستمائة مليون شاب ورجل وفتاة وامرأة تابعوا، أمس الأول، الكلاسيكو الإسبانى وشاهدوا فوز برشلونة على ريال مدريد.. وانتهت المباراة بفرحة هؤلاء الذين يحبون برشلونة وحزن الذين ينتمون للريال.. ولم ينته بعد كلام هؤلاء عن ليونيل ميسى الذى فاقت موهبته الكروية كل الحدود أو أخطاء زين الدين زيدان فى قيادته الفنية للريال والتحكيم الذى لم يكن منصفاً فى رأى كثيرين سواء للريال أو برشلونة.. وليس هذا ما يشغلنى الآن ومازلت أرى الأمر أكبر كثيرا وجدا من مجرد بطولة ومباراة وانتصار أو هزيمة وهدف هنا وهناك.. ولهذا أريد التوقف الآن بتحية التقدير والإعجاب والاحترام للإسبان الذين اخترعوا كل هذا.. فإسبانيا لم تلعب كرة القدم أصلا إلا منذ عام 1890.. أى قبل مصر مثلا بخمس سنوات فقط.. ولم تكن إسبانيا، حتى وقت قريب، إلا واحدة من أقل وأضعف وأفقر دول غرب أوروبا.. وعانت حربا أهلية وحكما ديكتاتوريا قاسيا ودمويا حتى وفاة الجنرال فرانكو عام 1975.. وحتى ذلك التاريخ لم تكن هناك للكرة الإسبانية أى قيمة أو متابعون وعشاق.. وحتى حين بدأ ريال مدريد
ينتصر أوروبيا فى عام 1955.. فإنه لم يكن ناديا يحظى بالشعبية الجارفة خارج إسبانيا إنما كان يتعامل معه الجميع باعتباره نادى مدريد عاصمة الجنرال فرانكو الذى كان يحارب كل أندية الأقاليم خارج مدريد، سواء فى إقليم كتالونيا فى الجنوب أو الباسك فى الشمال.. وعلى الرغم من صمود ناد مثل برشلونة فى وجه الجنرال فرانكو وانتصاراته الكروية المحلية بين الحين والآخر.. إلا أن كثيرين الآن لا ينتبهون إلى أن أول بطولة أوروبية لبرشلونة كانت عام 1992.. أى أنه منذ خمس وعشرين سنة فقط.. لم يكن هناك كلاسيكو ولم تكن هناك هذه الصورة الكروية الكلاسيكية التى يحتفظ ويهتم بها ويحبها ويحترمها العالم كله وتجمع بين ريال مدريد وبرشلونة.. وهو ما يعنى أن ما شاهده العالم أمس الأول فى استاد البرنابيو فى مدريد.. ومواجهة الريال وبرشلونة..
وكل هذا الاهتمام الإعلامى.. وكل هذه القنوات التى تسابقت لنقل المباراة فى بلدان العالم.. وكل هؤلاء الذين سافروا إلى مدريد خصيصا من أجل هذه المباراة أو جلسوا فى بيوتهم ومقاهيهم وحدهم ومع أصدقائهم للفرجة.. وكل هذا الجدل والصخب والتحيز والعشق العاقل والمجنون سواء لبرشلونة أو الريال.. كل هذا لم يكن له أى وجود قبل خمسة وعشرين عاما إنما أمر اخترعه الإسبان ونجحوا فى صناعته وترويجه وأجبروا العالم كله على أن يعيش هذا الكلاسيكو وأن يدفع من وقته وماله واهتمامه وأعصابه ثمنا للفرجة والاهتمام الدائم بالريال وبرشلونة.. ومازلت مقتنعا بأن هذه التجربة الإسبانية تستحق مراجعتها ثم تطبيقها فى مصر التى تعلمت الكرة من الإنجليز مثل إسبانيا وبدأت تلعبها فى نفس التوقيت الإسبانى تقريبا.. وأن يتحول صراع الأهلى والزمالك إلى قصة نجاح مصرية إعلاميا واقتصاديا وكرويا بدلاً من أن تبقى وسيلة لتخريب الكرة والحياة فى مصر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف