بوابة الشروق
خالد سيد أحمد
«الإمام».. فى العاصفة
تثير الحملة الإعلامية الحالية، التى تستهدف مؤسسة الأزهر الشريف وشيخه الدكتور أحمد الطيب، الكثير من التساؤلات حول الدوافع الحقيقية التى تقف وراءها، خصوصا انها تتجاوز يوما بعد يوم «الخطوط الحمراء»، عبر السعى لـ«شيطنة الأزهر» واتهامه بأنه «مفرخة الإرهابيين»، والمحاولات المستمرة لاغتيال شخصية «الإمام الأكبر» بزعم أنه لم يقم بواجبه تجاه دعوة الرئيس السيسى له بـ«تجديد الخطاب الدينى».

فمنذ الهجوم الارهابى المزدوج الذى استهدف كنيستى «المرقسية» بالإسكندرية و«مارجرجس» فى طنطا قبل أيام، وما قبله من حوادث ارهابية غادرة طالت أماكن كثيرة فى هذا الوطن، نجد الكثير من وسائل الإعلام المقروءة، لا تخلو من موضوعات وقصص وحكايات على شاكلة «تضليل شيخ الأزهر»، و«الأزهر ينحاز للإخوان»، و«المشيخة تسير على نهج التنظيم الإرهابى فى حربه ضد الدولة»، فيما تعج برامج التوك شو الليلية، بانتقادات لاذعة للمناهج التى يتم تدريسها بالأزهر والادعاء بأنها تساهم فى «تخريج ارهابيين»، فضلا عن التطاول على شخصية شيخ الأزهر، إلى درجة اتهامه بـ«السلبية» ومطالبته بالتنحى وترك منصبه، طالما لا يستطيع ان ينفذ «المطلوب منه» لمواجهة الإرهاب.

هيئة كبار العلماء برئاسة الطيب، لم تتردد ايضا من جانبها فى الدفاع عن نفسها وعن مؤسسة الأزهر ضد هذه العاصفة من الانتقادات الاعلامية، وأصدرت بيانا قالت فيه :«من التدليس الفاضح وتزييف وعى الناس وخيانة الموروث تشويه مناهج الأزهر واتهامها بأنها تفرخ الإرهابيين، والحقيقة التى يتنكر لها أعداء الأزهر بل أعداء الإسلام هى أن مناهج الأزهر اليوم هى نفسها مناهج الأمس التى خرجت رواد النهضة المصرية ونهضة العالم الإسلامى».

هنا ينبغى التوقف والتأكيد على بعض الأمور، قبل ان تتسع رقعة هذه الحرب الإعلامية المتبادلة، أولها ان هذه الحملات التى تستهدف تشويه الأزهر، لن تفيد غير جماعات الإرهاب والتطرف والتشدد، التى ستسغل فرصة تعرض أكبر مؤسسة سنية فى العالم الإسلامى للانتقادات والهجمات الإعلامية، للتوسع والانتشار واكتساب أرضية أكثر على حسابها بين أوساط الشباب الحائر الذى يبحث عن يقين.

ثانيها بلا شك هناك دور أساسى للأزهر فى التصدى للأفكار المتطرفة والشاذة التى تخالف الشريعة الإسلامية السمحاء، وتثير هذا الكم الكبير من الفوضى والدمار والدماء فى انحاء واسعة من عالمنا الإسلامى، واذا كان هناك من قصور فى التفكير أو العمل الدعوى الفاعل أو الاجتهاد والفتاوى المناسبة لتطورات العصر من جانب الأزهر ورجاله، فإن معالجة ذلك الوضع لن يكون بـ«كسر ظهر المؤسسة»، لأنها لو كسرت فلن يكون فى الساحة غير المتطرفين الذين نعرفهم جيدا.

ثالثها ان مواجهة الإرهاب والقضاء عليه، يتطلب من الدولة ان تقوم من جانبها بالمهمة الأكبر والأهم، وهى «تغيير المناخ الذى يسمح بنمو الأفكار المتطرفة والمتشددة»، وهذا الأمر يعنى بشكل واضح فتح المجال العام وعدم خنق السياسة أو محاصرتها، وتحقيق قيم العدل والمساواة ورفع الظلم ووقف انتهاكات حقوق الإنسان.. فالإرهاب لا ينمو الا فى ظل القمع والمنع والمصادرة ودولة الصوت الواحد!.

أخيرا.. يجب على وسائل الإعلام المختلفة، التوقف عن محاولة «ذبح الإمام الأكبر»، لان هذا الأمر له تداعيات كبيرة وخطيرة على الأمن القومى لمصر، ولمن لا يعى هذا الأمر أو يتصور ابعاده، عليه ان ينظر بتركيز إلى فقرة واحدة من بيان هيئة العلماء الأخير، وهى تلك الفقرة التى جاء فيها نصا: «ليعلم هؤلاء أن العبث بالأزهر عبث بحاضر مصر وتاريخها وريادتها، وخيانة لضمير شعبها وضمير الأمة كلها».
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف