الوفد
مجدى حلمى
البرازيل وكوريا.. ومكافحة الفساد
تشهد المدن البرازيلية منذ أيام مظاهرات ضخمه لتأييد القضاء فى تحقيقاته لمكافحة الفساد، وهذه المظاهرات جاءت بعد أن تكشفت قضايا فساد لها بعد دولى مثل قضية اللحوم الفاسدة والتى تم تصديرها لعدد كبير من الدول، ومن بينها مصر.
فالشعب البرازيلى أراد أن يقف خلف الجهود الرسمية لمكافحة الفساد الكبير منه والصغير، وخاصة السلطة القضائية وخرج آلاف فى الشوارع عندما أعلن بعض القضاة أنه توجد ضغوط لوقف التحقيقات فى هذه القضايا.
وأعلنوا دعمهم للقاضى الذى يحقق فى قضايا فساد يتعلق بعضها بتلقى عمولات فى علاقة بالشركة الوطنية للنفط، والمتورط فيها رئيس مجلس الشيوخ هناك.
ومنذ أيام أسقط الشعب الكورى الجنوبى رئيسة الدولة بمظاهرات ضخمة لأن صديقة لها استغلت منصبها فى قضايا فساد، ويتم الآن التحقيق معها فى قضايا فساد تورطت فيها صديقة رئيسه الدولة.
فالبرازيل وكوريا الجنوبية نموذجان مهمان فى قضية الحرب على الفساد، فلا يكفى أن تكون هناك إرادة سياسية لمكافحته ولكن يجب أن تكون معها إرادة شعبية قوية وواعية بأهمية محاربته، وأن تتحول إرادة الشعوب إلى ممارسة يومية، وأن يتخلى الناس عن الممارسات الفاسدة على كافة المستويات.
فكل الذين كتبوا ووضعوا النظريات لقضية مكافحة الفساد وجميع الخبراء المحليين والدوليين انتهوا إلى ضرورة وجود إرادتين سياسية وشعبية لتحقيق إنجاز ملموس فى قضية مكافحة الفساد.
ومهما وضعت قوانين وتشكلت أجهزة رقابية فلن تقلل الفساد بدون ممارسات حقيقية على الأرض تؤكد أن الدولة بشقيها السياسى والشعبى مصرة على محاربة الفساد، وأن الشفافية فى جميع القرارات والميزانيات ووضع نظام عادل للأجور يراعى الارتفاعات المتتالية فى الأسعار ووضع نظام متوازن للعمل يحمى حقوق العمال وأصحاب الأعمال هى الخطوة الأولى لمكافحة الفساد.
ففى ظل الحرب على الفساد لابد من عدة أسلحة كى تتم متابعة الممارسات على الأرض، منها قوانين لحرية تداول المعلومات ومنع تضارب المصالح وحماية استقلال القضاء ودعم حرية المجتمع المدنى ودعم حرية الإعلام والسماح بالرأى الآخر، فالمعارضة فى الدول الجادة فى محاربة الفساد جزء أساسى ومهم فى نجاح هذه الحرب.
فالحرب على الفساد تتطلب تغيير سلوك المواطنين أولاً، وهذا لن يأتى إلا ببناء جسور الثقة بين السلطات العامة وبين الناس، وأن يكون هناك قدوة حقيقية، وأن يعمل الإعلام على تسليط الضوء عليها والتصدى لكل النماذج السيئة التى دائما تختفى خلف السلطة أو أجهزة الأمن حتى تنال الحماية للممارستها الفاسدة.
فالحرب على الفساد تحتاج إلى وعى مجتمعى أولاً وهذا الوعى لن يأتى إلا بإسقاط رموز الفساد مهما كانت درجة قربهم من السلطة أو من أى جهاز، ومهما كان منصبهم حتى يشعر المواطن أن السلطة جادة فى محاربة الفساد، ووقتها سوف يتوقف الجميع عن أى ممارسة فاسدة من إكراميات أو رشاوى صغيرة وخلافه من المظاهر، وسوف يدعم الشعب جهود السلطات فى مكافحته.
فالشعبان البرازيلى والكورى قدما نموذجين مهمين فى أهمية وعى الشعوب وخروجهما لحماية سمعة الدولة أولاً وحماية النهضة التى بدأت تظهر فى البرازيل، وضمان استمراها فى كوريا الجنوبية، ثانياً نحن نريد شعباً واعياً بأهمية مكافحة الفساد ونريد إرادة سياسية حقيقة تريد القضاء على الفساد، ونريد إعلاماً حراً وقضاء مستقلاً ومجتمعاً مدنياً حقيقياً قوياً لا تحركه إلا الدوافع الوطنية لهذه الأمة، ووقتها سننجح فى مكافحة الفساد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف