التحرير
دينا توفيق
ذبابة الرمل وطارق عامر وأشياء أخرى!
إننا نعيش الآن وبشكل عام تناقضا مفزعا وهلوسات وكوابيس لا إنسانية مريعة.. حيث يحدث يوميا أشياء تتجاوز العقل والمنطق فى النقابات والسجون والوزارات.. فى المستشفيات ودور العبادة ومترو الأنفاق.. وفى كل مطرح فيك يا بلد! الجنون مرادف لما يدور.. وبشكل ساخر نراقب رفض واستنكار رجال مصر استخدام وسائل منع الحمل العملية العالمية الجديدة، أسوة بالنساء اللواتى تتعرضن لكل المخاطر الجانبية لكل موانع الحمل، وذلك بمنتهى الشوفينية الذكورية البحتة وبصلفهم يعتمدون بشكل أساسى على الستات.. هههههههه، جهل الفحل الشرقى الفظيييييع. ويأتى موضوع الشاب السجين المريض أحمد الخطيب بسبب سوء أحوال السجن وذبابة الرمل وإصابته بطفيل الليشمانيا كموضع استشكال للعفو الصحى، مما يفجر أزمة السجون التى قُتلت بحثًا ويظهر علينا من يؤكد أنه مصاب بالمرض قبل دخول السجن وكأن السجن برىء براءة الحملان والذئب من دم ابن يعقوب! ثم تأتى حالة السيد طارق عامر الصحية وراحته وعمليته وزواجه، وكأنهم سيكونون السبب الرئيسى لانهيار اقتصادنا، وكأنه كشخص هو السيستم.. ونحن بلا أدنى سيستم وأى سياسة اقتصادية واضحة! ولم يقل أحد أو ينبس بحرف حول أنه فشل فى تعليم الجنيه العوم طبقا لأوامر الدولة.. ولم يقل إن تفجر الأزمة هو مجرد سبب مختلق لخروجه الآمن. وفى حالة معتادة يأتى الصحفيون وتناقضهم الفاضح المثير للجدل الشنيع المرعب. فبإجماع فى جمعية عمومية يؤكدون أن النقيب السابق يحيى قلاش باتجاهه السياسى السابق لم يكن يمثلهم! وفى نفس الوقت ينجح الصحفى عمرو بدر (سبب الأزمة شخصيا) فى الفوز بعضوية مجلس نفس النقابة، وبالتأكيد بأصوات كثيرة تسببت فى نجاحه.. ولقد أخبرت عمرو فى اليوم التالى لفوزه أنه سيكون رمانة ميزان فى مجلس النقابة الجديد لأننى عرفت مسبقا أن تناقض وشيزوفرينية الناس والأحداث شيء أساسي. وإلى هذا الحد دعونى أعُد إلى أحمد الخطيب، المتهم بالانتماء إلى جماعة الإخوان وحالته الخطيرة والخطر لا يتوقف عليه وحده، بل على كل السجناء، سياسيين وجنائيين. وبدلا من الجدل لا بد وأن يتم مسح شامل للسجن، كما أوصى المتخصصون، وبخاصة توصية رئيس قسم الباثولوجيا الإكلينيكية في مستشفيات جامعة القاهرة لمنع انتشار العدوى وسرعة علاج أحمد، لأن التأخير يعرضه لمضاعفات تنتهي بالموت المؤكد ونحن غارقون فى الجدل والعناد.. (ولمن لا يعرف فأحمد مقبوض عليه منذ 28 أكتوبر 2014، حال وجوده بسكن الطلبة بمنطقة الشيخ زايد وهو متهم بالانتماء إلى جماعة محظورة وهو على ذمة القضية رقم 5078 لعام 2015 كلي جنوب الجيزة، وصدر ضده حكم في 26 مارس 2016 بالسجن 10 أعوام). هل يمكن لأحد إنكار حقيقة أن معظم السجون المصرية مدافن فعلية، الأمر الذى تم توثيق عناصره من قبل العديد من المنظمات الحقوقية المصرية، سواء من حيث التكدس وتدنى نوعية الطعام وانعدام الرعاية الصحية وتفشي الأمراض المعدية وأيضا من حيث شيوع العديد من حالات المعاملة القاسية والانتهاكات. وهل يمكن إنكار أن هذه الأوضاع المتردية تستخدم كنوع من أنواع العقوبة الإضافية تجاه المحتجزين عموما وتجاه المعتقلين السياسيين خصوصا حين يمتنع المحتجزون عن الإقرار بالاتهامات الموجهة إليهم؟! مستحيل الإنكار إذن وبالطبع.. ولكن الأهم أن تلك الأوضاع المتردية تسوء وتتفاقم كعقاب إضافى، فتعاني العنابر من التكدس ويمنع اتصال المحتجزين بذويهم كما يمنعون من الحصول على الأدوية والأطعمة. وطبقًا لملاحظات وتقارير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان لملف السجون توجد بعض العوامل الأساسية التي تسهم في انتشار الأمراض، ومن بينها: "سوء التغذية الذى يؤدي إلى انتشار الأمراض، فإذا لاحظنا النظام الغذائي داخل السجون فسوف نجده من أسوأ الأنظمة الغذائية، حيث يتم الاعتماد على الفول والعدس والجبن والحلاوة والخضار والأرز، كما يقدم لهم في بعض الأحيان بعض اللحوم أو البيض مرة في الأسبوع، ويتم إعداد الطعام بسلقه في المياه بدون أي زيوت أو ملح، ويكون الإعداد في غاية السوء، فالطعام بصفة عامة غير نظيف وغير كافٍ، مما يؤدي إلى انتشار العديد من حالات سوء التغذية والتسمم الغذائي والضعف العام، وقد أدى ذلك إلى اعتماد النزلاء على الطعام الوارد إليهم من الزيارات التي يحضرها ذووهم، كما يقوم النزلاء بشراء بعض الأطعمة من الكانتين. أما التكدس داخل الزنازين فهو المشكلة الثانية، حيث إن متوسط مساحة الزنازين داخل أغلب السجون المصرية حوالي 4×66 أمتار، ومتوسط عدد النزلاء داخل الزنزانة حوالي 15 فردا، بحيث يكون نصيب الفرد الواحد داخل الزنزانة حوالي بلاطتين، ولا شك أن وجود هذا العدد الكبير من النزلاء داخل هذه المساحة الضيقة يؤدي إلى انتشار العديد من الأمراض الوبائية والأمراض الصدرية. وتحتوي الزنزانة الواحدة في أغلب السجون على شباك صغير للتهوية بمساحة 1 متر ×500 سم لا يسمح بدخول أشعة الشمس والهواء. كما أن المياه داخل السجون دائما غير متوفرة، حيث يتم قطعها بصفة مستمرة ولا توجد سوى ساعة واحدة كل ثلاثة أيام ويتم الاعتماد على المياه الجوفية بما فيها من شوائب، مما يؤثر على الكلى ويؤدي إلى انتشار الأمراض الوبائية وعدم تمكن النزلاء من الاستحمام لفترة طويلة. أما عن الوضع داخل الزنازين فلا يُعتَنَى بنظافتها، حيث يتم ترك مخلفات النزلاء داخل العنبر لمدة طويلة، ولا يتم إزالتها إلا عند مرور أحد الضباط. كما أنه لا يتوافر داخل السجن أغطية ومفروشات، وينام النزلاء على الأرض، مما يؤثر على الحالة الصحية للنزلاء، وبخاصة كبار السن منهم، كما أنه توجد دورة مياه عبارة عن حائط بارتفاع 150سم من جهتين ويكون مكشوف السقف، كما لا يوجد عليه باب، ونظرًا لعدم الاعتناء بالنظافة فإنه يولد الروائح الكريهة، مما تكون سببًا لانتشار الأمراض. وهناك بعض النزلاء يتم منعهم من التريض لفترات طويلة، مما يؤثر على أرجلهم وعظامهم وحالتهم النفسية. كذلك عدم توافر الأطباء الإخصائيين داخل السجون، حيث يوجد داخل كل سجن عيادة ويوجد بها طبيب ممارس عام، وأغلب الحالات المرضية يتم توقيع الكشف الطبي عليها من قِبل هذا الطبيب وعند تفحصه لأي حالة مرضية يقوم بمعالجتها بنوع واحد فقط من الأدوية، وهو عبارة عن مسكن ويتم صرفه لجميع الحالات وفي الحالات الحرجة يقرر عرضها على الطبيب الإخصائي والذي نادرًا ما يوجد داخل السجن، حيث يوجد مرة كل ثلاثة أشهر، وكثيرًا ما يخشى النزلاء المطالبة بالتوجه إلى العيادة، حيث إنه في حالة عدم وجود أعراض قوية للمريض فإن ذلك يعرض النزيل للحبس الانفرادي بحجة التمارض، وكذلك إذا تم الكشف على النزيل فإنه لا يتم صرف الأدوية المعالجة للحالات المرضية، مما يجعل النزلاء يعتمدون على الأدوية التي تحضرها أسرهم، وكذلك الاعتماد على بعض النزلاء الأطباء في الكشف على زملائهم وتشخيص الأمراض. تنبيه هام: أكدت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان في تقريرها السنوي الذي صدر مؤخرا أن سوء الرعاية الصحية داخل المعتقلات نتيجة لمجموعة من العوامل أهمها تكدس العنابر وتدني مستوى النظافة وكذلك سوء حالة مستشفيات السجون وقلة عدد الأطباء وتعمد إدارة السجون الامتناع عن تقديم الرعاية الصحية اللازمة للمرضى المعتقلين كنوع من العقاب. وأشار التقرير إلى أن معظم المعتقلين يعانون من ربو مزمن وقرحة بالمعدة ورمد والتهاب كبدي وبائي وآلام روماتيزمية بمفاصل الأيدى والأرجل والفقرات وأمراض السكر والقلب وقصور في الكلى وارتفاع ضغط الدم وصرع وتليف في الكبد وحساسية بالصدر. وبناء على مشاهدات وقراءات لتقارير صحفية نؤكد التالى: "توفير الرعاية الجيدة والاهتمام بأحوال المساجين ونظافة العنابر والزنازين يقضى على انتشار الأمراض". (ملحوظة هامة: إن مرجعية المنشور تعود إلى المادة المتوافرة على الإنترنت).

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف