فيتو
ايهاب زكريا
القطاع العام بين الخصخصة والتأهيل العلمي
عندما أصبح "باراك أوباما" رئيسًا للولايات المتحدة انتقده الكثيرون لعدم حصوله على شهادة MBA، التي أصبحت جزءًا من مؤهلات أي مدير في الولايات المتحدة، في إشارة لاعتماد التفوق الاقتصادي الأمريكي على علوم الإدارة المتطورة.

ودائمًا ما ينصح البنك الدولي دول الاقتصاديات الناشئة ببيع أصول القطاع العام، نحو خلق سوق حر مبني على التنافسية والاتجاه نحو زيادة الصادرات، ولكن هناك دول كان لها تجارب مختلفة في تطبيق علوم الإدارة المتطورة بتحقيق مبادئ total quality management إلى تطبيق 6sigma في بعض الأحيان، حيث إنها استطاعت أن تقدم نموذجًا مختلفًا مع تأهيل القطاع العام.

ألمانيا استطاعت أن تنشئ شركات حكومية لإدارة المناطق الصناعية، أيضًا الإمارات التي أدارت الاقتصاد إما بشركات حكومية يسيطر عليها فكر القطاع الخاص، أو بشركات تعود ملكيتها للعائلة الحاكمة، استطاعت تحقيق التنمية المستدامة بالتوازي مع تحقيق أرباح، ولعل أشهر الشركات هى شركة "إعمار" التي شيدت أعلى برج في العالم الذي لم يكن الهدف منه الربح بقدر وضع دبي في منافسة حقيقية مع عواصم العالم مثل نيويورك ولندن..

أيضًا لا ننسى دور الشركة في مشروع "النخلة" حيث إن دورها لم يكن مقاول للبناء إنما كانت المطور الرئيسي الذي يضلع بإنشاء البنية التحتية، ودعم المقاولين والمستثمرين وليس منافستهم، بما حقق نجاح المشروع لاحقًا الذي حقق بالتبعية الثقة في حكومة الإمارات.. فهى التي اعتمدت على فكر القطاع الخاص وخلق تنافسية حقيقية وتفعيل الحوكمة الرشيدة بين شركات الدولة أو العائلة الحاكمة من جانب، وباقي الشركات من جانب آخر لدرجة نسى فيها السوق أي من الشركات هى قطاع عام أو خاص في تجربة فريدة لدولة لا يتعدى عمرها عقودًا.

وفي لقاء سابق مع ممثلي شركة saic الصينية التي اشترت مصانع شركة MG الإنجليزية وثار الشعب الإنجليزي عندما علم أنها شركة صينية حكومية الملكية- وتشعب الحديث عن تجربة الصين التي بدأت بعملية الهيكلة من خلال هيئة عليا الهيكلة، مهمتها مراقبة جودة الإدارة وفعاليتها، فضلًا عن التحول بالنظام الإداري من الصلب إلى المرن الذي يميز القطاع الخاص خاصة في التوظيف -من حيث الفصل والتعيين ووضع الحوافز والعقوبات التي تراها الإدارة مناسبة...

هذا وقد وضعت الدولة خطة لتواجدها في قطاعات إستراتيجية دون غيرها، مثل الطاقة والاتصالات والطيران بما تمثله من قطاعات حساسة إلى جانب تواجدها في قطاعات أخرى مثل الأسمنت والحديد والسيارات والإلكترونيات...إلى جانب تحفيز المنافسة بين المحافظات لتوجيه ٢٥٪‏ من ضرائب المبيعات و٤٠٪‏ من الضرائب لذات المحافظة، بما خلق روح المسئولية لدى الموظف والمواطن نحو الاقتصاد..

بدأت التجربة في بداية التسعينيات حيث كانت شركات القطاع العام هى مدن مترهلة بها مدارس ومستشفيات وبها ملايين العمال وكانت تحقق خسائر بكل المقاييس، ورفضت الحكومة الصينية الخصخصة ولكن الدولة خاضت معركة التأهيل وفي بعض الأحيان اعتمدت على بيوت الخبرة في الرقابة على الجودة والتطوير الإداري، بما يضمن الاندماج مع الاقتصاد العالمي من خلال مرونة النظام واستيعابه للتطور المستمر واعتماد التكنولوجيا وعلوم الإدارة بل إن التوظيف والفصل والمرتبات المرنة خضع لمرونة فائقة مرتبطة بتحقيق الأرباح.

واستقر النظام السياسي الصيني بنقل ٤٠٠ مليون مواطن من خط الفقر وبدولة قوية متطورة وناجحة.. وإن نجاح تجربة التنمية الصينية كانت القاطرة الأولى لها هو تطبيق العلوم الإدارية في القطاع العام، الذي تم تطويره بآليات تتوافر لدى المهارات المصرية في علوم الإدارة ولا تعد حلمًا مستحيلًا ولا يجب أن نغفل كيف تحولت الشركات المخصخصة المصرية إلى شركات رابحة في غصون سنوات بنفس الأدوات السابق ذكرها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف