الوفد
على البحراوى
قفزة الموت!!
ماتت الضمائر.. وغابت القيم.. وانعدمت المبادئ.. وضاعت الأخلاق.. وأصبحت المكاسب والأرباح أهم من أرواح البشر.. الموت تحول إلى خبر عادى جداً.. ومهما انفعلنا مع كل حادثة ومهما هللت برامج الفضائيات ومهما تحرك المسئولون كرد فعل مسكن لوجع الرأى العام الغاضب أو وجيعة أصحاب المشكلة، إلا أننا لا نتعلم الدرس وتتكرر المأساة ولا حياة لمن تنادى!!
غرق الطالب محمد بدر فى حمام سباحة مجمع استاد القاهرة، فصل جديد من فصول الإهمال والتسيب والضياع الذى يحاصرنا من كل الاتجاهات وأصبح لا مفر منه ويبدو أن الكثيرين فقدوا الأمل ويفكرون فى رفع الراية البيضاء لأن المسألة زادت على حدود المعقول ولم يعد العقل قادراً على تقبل ما يحدث!
حمل محمد بدر ابن الـ18 عاماً أحلامه فى الالتحاق بإحدى الكليات العسكرية قادماً من أشمون بالمنوفية والتحق بأكاديمية الديب التى تتولى تدريب هؤلاء الحالمين وتأهيلهم للالتحاق بإحدى هذه الكليات، وذهب مع زملائه إلى مجمع حمامات السباحة باستاد القاهرة الذى تقوم هذه الأكاديمية باستئجاره للتدريب على السباحة والغطس وقفزة الثقة التى تحولت فى لحظة إلى (قفزة الموت)!!
قفز محمد ولم يخرج من حمام السباحة إلا جثة هامدة، ولم يتم اكتشافها إلا فى اليوم التالى بالصدفة، أنهت الأكاديمية التدريبات وحصدت الأرباح التى تركز عليها أكثر من الأرواح، لم تهتم بوجود منقذين، خاصة أن الأعداد التى يتم تدريبها وتأهيلها كثيرة جداً ولم يهتم أحد بالتأكد من أن العدد الذى حضر هو الذى خرج من حمامات السباحة، ولكن التفكير لم يكن إلا فى المصلحة وحصد آلاف الجنيهات أما من حضر ومن خرج ومن غرق كلها أمور ثانوية!!
رغم إعلان اللواء على درويش المدير التنفيذى باستاد القاهرة استقالته وتأكيده أنه يتحمل جزءاً من المسئولية إلا أن الأمر يحتاج لوقفة جادة حتى لا تتكرر هذه المهزلة لأن هذه الأكاديميات بها الكثير من المخالفات التى لا يمكن السكوت عليها، والحكاية تعيد إلى الأذهان حكاية الكافيهات التى قامت الدنيا عليها ثم هدأت بعد أسبوع من حادث مقتل شاب فى أحد كافيهات مصر الجديدة بعد مباراة مصر والكاميرون فى نهائى الأمم الأفريقية الأخيرة، المؤكد أن الجهات المعنية ستتحرك وتفتش على هذه الأكاديميات وتغلق بعضها ثم (تعود ريما لعادتها القديمة)!!
أزمتنا تكمن فى الضمائر التى ماتت والقلوب التى لم تعد تعرف الرحمة والنفوس التى أصابها العفن وحتى الموت لم يعد رادعاً ولا عبرة للكثيرين، شاب مات وشباب كثيرون سيموتون بعده بنفس الطريقة أو بطريقة مشابهة ولن تنتهى المأساة وسنكتفى برد الفعل اللحظى الوقتى ونعود جميعاً من حيث أتينا.. لا حول ولا قوة إلا بالله.. اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا..
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف