الوفد
طارق تهامى
نور.. أعظم ثورة فى تاريخ مصر (5)
< من أهم إنجازات ثورة 1919 إنتاجها وولادتها لشخصية تاريخية لا تتكرر، هى شخصية الزعيم الجليل، زعيم الأمة، سيد الناس مصطفى النحاس.
< بعد وفاة سعد زغلول عام 1927 تم اختيار مصطفى النحاس باشا رئيساً للوفد ورئيساً للبرلمان.. فكان الرجل مميزاً في إدارته للوفد والوطن وكان يستعير فكر القاضي العادل.. فقد كان النحاس من أبرز رجال القضاء في زمنه.. وتصف الكاتبة سناء البيسي هذه المرحلة من حياته وصفاً مبدعاً عندما كتبت عنه في الأهرام يوم 8 سبتمبر 2007 قائلة..«دولة مصطفي النحاس.. الوحيد المتفرد علي أرض مصر أول من سبق اسمه لقب دولة.. كان لقاؤه الأول بسعد زغلول في عام 1909 عندما كان يشغل موضع العضو الشمال في إحدي الدوائر القضائية بمحكمة القاهرة في الدائرة التي يرأسها صالح حقي باشا، وأثناء نظر إحدى القضايا مال رئيس الدائرة علي عضو اليمين وتحدث معه، ثم مال علي عضو الشمال مصطفي النحاس وقال له باستخفاف: سنصدر حكماً بكذا، فقال النحاس: أنا لي رأي آخر ويجب في هذه الحال الانتقال إلي غرفة المداولة.. ولكن حقي باشا لم يستجب لطلب النحاس ونطق بالحكم، فما كان من الأخير إلا أن قال لكاتب الجلسة بصوت عالٍ وعلي مرأي ومسمع من جمهور المتقاضين وغيرهم من المواطنين داخل قاعة المحكمة: اكتب أنه لم يؤخذ برأي عضو الشمال في هذا الحكم.. وحدثت ضجة كبري داخل القاعة مما اضطر حقي باشا إلي رفع الجلسة والانتقال إلي غرفة المداولة، وترتب بعدها بطلان الحكم، ولم يجد حقي باشا ما يشفي غليله إلا أن يشكو النحاس إلي وزير الحقانية وقتها سعد زغلول الذي استدعي إليه النحاس لتكون المقابلة الأولي بينهما التي أسفرت عن اعتزازه بموقف النحاس، فأصدر قراراً بنقله قاضياً جزئياً تكريماً وإعجاباً بشجاعته، وتمضي مسيرة سعد زغلول الوطنية ليتم تأليف الوفد المصري في نوفمبر 1918 استعداداً للسفر إلي بريطانيا من ثلاثة من المنتمين للحزب الوطني كان النحاس أحدهم، ومن يومها أصبح النحاس سكرتيراً عاماً للوفد وأقرب الشخصيات إلي قلب سعد، وعندما اشتعلت ثورة 1919 كان زميل المنفي بعدما اعتقلت السلطات سعد زغلول ومصطفي النحاس وفتح الله بركات وعاطف بركات وسينوت حنا ومكرم عبيد في 23 ديسمبر 1921 وقامت بنفيهم إلي جزيرة سيشل، وأمام الثورة العارمة للشعب اضطرت إنجلترا إلي إطلاق سراح الثوار».
< سيرة مصطفي النحاس تستحق أن يعرفها الناس لأنها تمثل قصة رجل وهب حياته لوطنه بلا ملل واجه صعوبات في حياته ولم ينحنِ يوماً أمام طغيان القوة الباطشة ولم يتراجع أمام طوفان السلطة لتبقى سيرته نقية لم يلوثها فساد حتى أنه مات عام 1965 وهو لا يملك ثمن الدواء.. وكان رأي سعد زغلول في النحاس غريباً جداً.. فقد كان يسميه «سيد الناس» وقال عنه «سريع الانفعال ولكنه لا يتغير بتغير الأحوال، وطني مخلص.. وهو فقير مفلس، ذكي غاية الذكاء... وفي كل الوفاء، وله في نفسي مكان خاص».
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف