الوطن
على السلمى
ساؤلات تبحث عن مجيب! (2 - 2)
نستكمل اليوم عرض المزيد من التساؤلات التى تبحث عمن يجيب عنها مهما تكن الإجابات مؤلمة!

التساؤل الأول يتصل بما طلبه الرئيس السيسى من المصريين بأن يصبروا ستة أشهر، وكان ذلك يوم الثامن والعشرين من ديسمبر الماضى 2016، إذ خاطب سيادته رجال الأعمال، مطالباً إياهم بالوقوف إلى جانب مصر خلال الفترة المقبلة. وقال الرئيس، خلال حضوره افتتاح عدد من مشروعات الاستزراع السمكى بالإسماعيلية: «أنا باطلب من رجال الأعمال يقفوا جنب مصر.. اقفوا جنب بلدكم بس 6 شهور، والأمور هتبقى أفضل». وطالب الرئيس المواطنين، بمواصلة دورهم فى دعم الدولة، رغم ما تمر به من ظروف، مُثنياً على تحمّلهم الظروف الصعبة التى تمر بها مصر.

ونحن الآن فى منتصف الطريق نحو نهاية فترة الستة أشهر، ولا نكاد نشعر بأن ثمة بداية نحو «الأمور الأفضل»، مع استمرار تصاعد أسعار كل شىء من سلع أو خدمات، سواء كانت محلية الصنع أو مستوردة. ونحن نشهد الآن معاودة سعر الدولار للارتفاع فى البنوك، وعلى سبيل المثال بلغ سعره يوم الأحد 19 مارس فى البنك المركزى 18.08 للشراء و18.19 للبيع، وكانت أسعاره تدور فى دائرة متقاربة فى بنوك القطاع العام والبنوك الخاصة حول الـ18 جنيهاً وكسور للشراء والبيع. لكن الدلالة الأهم كانت إعلان وزارة المالية رفع سعر الدولار الجمركى مرة أخرى إلى 17 جنيهاً حتى آخر مارس، بما يعنى أن هناك موجة جديدة من ارتفاع أسعار الواردات، ومعها كل السلع والخدمات.

ويتوقع المصريون ارتفاعاً قادماً فى أسعار الكهرباء، حيث تداولت وسائل الإعلام أنباءً عن أن اللجنة المشكلة من الشركة القابضة للكهرباء تدرس مقترحات زيادة تعريفة الكهرباء خلال العام المالى المقبل 2017 - 2018 وفقاً لبرنامج إعادة هيكلة الأسعار الذى تم الإعلان عنه فى عام 2014. وجاء فى الأنباء أن اللجنة استقرت على مد فترات دعم الكهرباء، الذى كان مقرراً رفعه نهائياً فى 2019، وزيادة جميع شرائح استهلاك الكهرباء بنسب متغيرة، وفقاً لمعدلات الاستهلاك، وأن محدودى الدخل والشرائح الأقل استهلاكاً ستتم مراعاتهم فى الزيادة المرتقبة، وتم اقتراح زيادة الشرائح الأولى فى الاستهلاك المنزلى حتى 200 كيلووات بنسب تتراوح بين 10 وحتى 25%.، كما تم اقتراح زيادة الأسعار بنسب تتراوح بين 30 و40% للشرائح الأعلى استهلاكاً، على أن ترتفع تدريجياً لمعدلات الاستهلاكات الأعلى، مع إمكانية وصول الزيادة إلى 60%.. ورجحت المصادر أن تكلفة وحدة الطاقة الكهربائية خلال عام 2017 - 2018 سترتفع عن العام الماضى، حيث كانت التكلفة محسوبة على أساس أن سعر صرف الدولار يبلغ 8.88 جنيه، طبقاً للسعر المعلن من البنك المركزى آنذاك، على خلاف سعره بعد التعويم، الذى يدور حول 18 جنيهاً حالياً.

واستبعدت المصادر تأجيل زيادة أسعار الكهرباء المرتقبة فى يوليو المقبل والعمل بالأسعار الحالية بعد تقدّم عدد من نواب البرلمان بطلبات لتنفيذ هذا المقترح، خصوصاً أن وزارة الكهرباء لن تتمكن من استيفاء احتياجاتها وخطتها التوسعية وتأمين مصادر التغذية والاستقرار بالشبكة فى ظل الأسعار الحالية والدعم البالغ 63 مليار جنيه بعد التعويم.

إذاً نحن أمام طفرة جديدة فى تكلفة إنتاج الطاقة الكهربائية سوف تؤدى إلى قفزات فى أسعار كل شىء، فهل يتفق هذا السيناريو المحتمل مع توقعات الرئيس بأن «الأمور هتبقى أفضل» تقريباً فى ذات التوقيت (يوليو المقبل)؟

وثمة تساؤل يُلح على كثير ممن استمعوا إلى مطلب الرئيس لرجال الأعمال بالوقوف إلى جانب مصر، هل استجابوا لطلب الرئيس؟ وماذا قدموا لمصر؟

وعلى صعيد متصل بقضية الكهرباء، أتوجه بالتساؤل: أين مشروعات الطاقة الشمسية؟ وما خطة الدولة فى استثمار تلك النعمة التى أفاض الله علينا بها، والتى يؤكد الخبراء أنها لو استُغلت لكانت المصدر الأهم فى توليد الكهرباء للعالم كله، وليس لمصر وحدها! ونقرأ فى «المخطط القومى الاستراتيجى للتنمية العمرانية 2012 - 2052» الذى طال حديثنا عنه دون أن يعيره المسئولون أى اهتمام ما يلى: «تعتبر الطاقة الواردة إلينا من الشمس من أهم أنواع الطاقة التى يمكن للإنسان استغلالها. وتتمتع أكثر من 95% من مساحة مصـر بمستويات إشعاع شمسى عالية، حيث إنها تقع فى وسط الحزام الشمسى الذى تتركز فيه أكبر ساعات سطوع الشمس التى تتراوح بين 9 - 11 ساعة/ يوم. وتعتبر معدلات شدة سطوع الشمس فى مصر ضمن أعلى المعدلات فى العالم. وتشير الدراسات التى تمت فـى هذا الشأن إلى أن الإمكانات المتاحة فى مصر لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية الحرارية تجعلها فى مقدمة دول العالم المنتجة لهذه الطاقة. والعامل الذى يحول دون استخدام الطاقة الشمسية فى الوقت الحالى على نطاق واسع هو ارتفاع تكلفة وحدة الإنتاج (ك.و.س) المنتجة من الطاقة الشمسية، مقارنة بالمصادر التقليدية، لكن تكنولوجيا النانو حقّقت مؤخراً انخفاضاً كبيراً فى تكلفة توليد الكهرباء من الشمس. والبحث العلمى فى مصر والخارج يتجه حالياً نحو تحسين اقتصاديات الطاقة الشمسية؛ حتى يمكن استخدامها بصورة أوسع وأشمل عما هى عليه».

ويضيف المخطط الأهم فى تاريخ مصر والأكثر إهمالاً فى الوقت ذاته أن مصر تقع ضمن أفضل مناطق الإسطاع والانبعاث الحرارى للطاقة الشمسية، وأن الطاقة الشمسية فى صحارى مصر تعادل مليون برميل نفط لكل كم2 سنوياً، وأنه تم تنفيذ مشروع أول محطة شمسية حرارية لتوليد الكهرباء بالكريمات بقدرة 140م.و وهى إحدى 4 محطات فى العالم، وتم تشغيلها عام 2011 (أى أنه تم تخطيط وإنشاء المحطة قبل الثورة!)، وأنه جارٍ إنشاء محطة شمسية حرارية لتوليد الكهرباء بكوم أمبو بطاقة إجمالية 100م.و، ومحطة أخرى تحت الإنشاء لتوليد كهرباء بالخلايا الفوتوفولطية بقوة إجمالية 40 ميجاوات، 20 فى كوم أمبو و20 فى الغردقة.

وللعجب أن يكون أحد أعضاء مجلس علماء مصر برئاسة الجمهورية هو أحد أساطين الطاقة الشمسية فى العالم، وهو الدكتور هانى النقراشى، ثم لا تبدو أى مؤشرات على الاستفادة من علمه وخبرته العالمية!

وكيف نقدِم على إنشاء المفاعل النووى فى الضبعة بقرض من روسيا قيمته 24 مليار دولار أمريكى، بخلاف تكاليف التشغيل وإعداد وتدريب العناصر الفنية القادرة على تشغيله وصيانته، فضلاً عن تكلفة التفكيك عند انتهاء عمره الافتراضى وتكلفة الحوادث ومطالب التأمين النووى؟!

ويشار فى هذا المقام إلى أنه وفى الوقت الذى تسعى فيه الدول الصناعية إلى دعم استقلالها فى مجالات الطاقة النووية، تبحث مصر عن باب جديد يؤدى إلى تبعيتها باستيراد التكنولوجيا النووية من ألفها إلى يائها من روسيا التى وضح تغليبها لمصالحها الذاتية وتعنّتها فى مسألة استئناف رحلاتها الجوية إلى مصر، لتتخلى مصر عن المصدر المحلى الذى يُحقق لها حالياً استقلالها الكهربائى، كما يؤدى الاهتمام بالطاقة النووية إلى إهمال الطاقة الشمسية المنتشرة فى جميع أنحائها.

وثمة تساؤل آخر وليس أخيراً: ما احتمالات توقيع اتفاقية مفاعل الضبعة، فى ضوء تلكع الجانب الروسى فى استئناف الرحلات الجوية وقدوم السياح الروس إلى مصر؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف