التحرير
محمود سامى
جوارديولا يصل متأخرًا
للمرة الأولى فى تاريخه التدريبى يخرج جوارديولا من الدور ثمن النهائى لدورى الأبطال الأوروبى، تلك البطولة التى حصل جوارديولا على لقبها فى مناسبتين مع أولى محطاته التدريبية برشلونة، واكتفى بالوصول لدورها نصف النهائى فى خمس مناسبات خلال مشواره التدريبى، الذى يصل إلى موسمه الثامن هذا الموسم مع مانشيستر سيتى الإنجليزى بعد أربعة مواسم مع برشلونة وثلاثة مواسم مع بايرن ميونيخ الألمانى.

فبعد فوزه بشق الأنفس فى مباراة الذهاب بملعب الاتحاد بإنجلترا على موناكو الفرنسى بخمسة أهداف لثلاثة فى مباراة بها الكثير والكثير من التوفيق لفريق جوارديولا.
حيث ارتكب جوارديولا فى تلك المباراة الكثير من الأخطاء التكتيكية، مثل اللعب بلاعب الارتكاز البرازيلى فيرناندينهو كظهير أيسر عكسى ليسهم فى تحول الرسم الخططى للسيتى من ٤-١-٤-١ إلى ٣-٢-٤-١ بدخول فيرناندينهو ليلعب بجوار يايا توريه أمام ثلاثى دفاعى عند امتلاك السيتى للكرة، بالإضافة إلى تفضيله للعب بخط دفاع مرتفع جدا، الشىء الذى فرغ الكثير من المساحات على الأطراف فى ملعب السيتى استطاعت الجبهات القوية لموناكو سواء اليمنى بقيادة الظهير سيديباى، والجناح بيرناردو سيلڤا بمساندة دائمة من لاعب الوسط فابينهو، أو اليسرى بقيادة الظهير ميندى والجناح ليمار بمساندة دائمة من المهاجم الشاب الواعد ميبابى استغلالها وتشكيل كثير من الخطورة منها أغلب فترات المباراة.
ليستقبل السيتى ثلاثة أهداف لفشله فى الدفاع على الأطراف والكرات الطويلة المباشرة لمهاجمى موناكو فى اتجاه دفاعهم، وذلك لمواجهتهم مرتدات موناكو بخط دفاع ثلاثى متوجه نحو العمق وبمكان مرتفع جدا من الملعب.

ليصل جوارديولا متأخرا فى مباراة الذهاب، فى ظل تقدم موناكو بثلاثة أهداف لهدفين، بعد أن تقدم فالكاو مجددا لموناكو بالهدف الثالث، ليلغى هدف التعديل لأجويرو الناتج من خطأ مباشر لحارس موناكو فى تصديه لتسديدة أجويرو السهلة، بعد أن أهدر فالكاو ركلة جزاء كانت كفيلة بتوسيع الفارق لموناكو إلى ثلاثة أهداف لهدف مع بداية الشوط الثانى، فى سيناريو فيه الكثير من الحظ والتوفيق لجوارديولا وفريقه.

فأخرج جوارديولا فيرناندينهو ودفع بزباليتا بعد هدف موناكو الثالث ليواجه مرتدات موناكو بخط دفاع أعرض وأكثر عمقا مكون من أربعة لاعبين، ليعود الفريق ويسجل ثلاثة أهداف من بينها هدفان من ضربتين ثابتتين لم يتميز الفريق فيها يوميا تحت قيادة جوارديولا، ليكمل سيناريو به الكثير والكثير من التوفيق بل والحظ لمانشيستر سيتى.
ذلك الحظ الذى لم يصاحب وصول جوارديولا المتأخر أيضا فى مباراة العودة. حيث ولمدة ٤٥ دقيقة هي عمر الشوط الأول فشل مانشيستر سيتى فى صناعة أى فرصة خطيرة، بل وفشل فى تسديد أى تسديدة داخل أو خارج مرمى موناكو، وذلك لنجاح باهر لتوجه موناكو التكتيكى من بداية الضغط على السيتى عند وصول الكرة للثلث الأوسط من ملعب السيتى، بضغط الثنائى الهجومى لموناكو مبابى وجريمان على الارتكاز الوحيد للسيتى فيرناندينهو فى الرسم الخططى ٤-١-٤-١، فى ظل شبه انعدام لخيارات التمرير الطولى لفيرناندينهو للضغط الدائم من خطى الوسط والدفاع لموناكو على الخماسى الهجومى للسيتى، بعد سماحهم بوصول الكرة لفيرناندينهو خلفهم ليبدأوا ضغطهم عليه، بعدما نجحوا فى عزله عن باقى عناصر فريقه، الشىء الذى أسفر عن بعض الفرص لموناكو نتيجة استخلاصهم للكرة من فيرناندينهو فى مناطق مؤثرة من ملعب السيتى.

بينما عانى الفريق دفاعيا أشد المعاناة الشوط الأول فى الدفاع على أطراف موناكو القوية، حيث استطاع الفريق الفرنسى تسجيل هدفين من كرات عرضية أرضية من جبهتهم اليسرى نتيجة لزيادة عددية من بيرناردو سيلڤا الجناح الأيمن العكسى فى الهدف الأول، والظهير الأيسر ميندى فى الهدف الثانى فى ظل ضعف وفوضى كبيرة فى الخط الدفاعى لمانشيستر سيتى، سواء فى مواجهة تلك الزيادة العددية للاعبى موناكو على الأطراف، أو الدفاع على العرضيات الناتجة منها.
ليتدخل جوارديولا متأخرا بين الشوطين بتغيير الرسم الخططى بإعادة دي بروين للعب بجوار فيرناندينهو والدفع بديڤيد سيلڤا لمناطق متقدمة أكثر خلف أجويرو، فى تحويل للرسم الخططى من ٤-١-٤-١ بالشوط الأول إلى ٤-٤-١-١، تتحول فى مرحلة الصناعة والتحضير والضغط العالى إلى ٤-٢-٤ الشىء الذى خفف كثيرا من الضغط على فيرناندينهو، وأعطاه هو ودي بروين خيارات أكثر فى التمرير الطولى سواء لسيلڤا وأجويرو خلف ثنائى الوسط لموناكو فبيانو وبكايوكو، أو على الأطراف لستيرلينج وسانى بعد تبديل مركزيهما فى الشوط الثانى، ليلعب ستيرلينج على الجناح الأيمن وسانى على الجناح الأيسر، وإعطائهما تعليمات بتوسيع الملعب بشكل دائم بتمركزهما خارج جسم الظهير الدفاعى لموناكو، الذى يواجه كلا منهما مما يخلق كثيرا من المساحات فى دفاع موناكو يستطيعان استغلالها من الأطراف وأجويرو وسيلفا من العمق.

الشىء الذى تحقق وبوضوح منذ أول فرص السيتى فى الدقيقة ٥٧ من عرضية ستيرلينج الأرضية لأجويرو، بعد بينية ديبروين لستيرلينج فى المساحة الموجودة خلف دفاع موناكو، ليتكرر هذا الموقف أكثر من مرة أدى إلى سيطرة السيتى بشكل كامل على المباراة ولمدة ٢٠ دقيقة، نجح فيها السيتى فى خلق عدد كبير من الفرص وتسجيل هدف كان كفيلا بقيادتهم إلى الدور ربع النهائى من دورى الأبطال الأوروبى، حتى ألغى بكايكو فاعلية هذا الهدف بتسجيله للهدف الثالث لموناكو من متابعته لضربة ثابتة نفذها ليمار فى الدقيقة ٧٧، ليتدخل ليوناردو يارديم هذه المرة ويصحح خطأه فى مباراة الذهاب، حيث أسرع بإغلاق المباراة بالدفع بلاعب الوسط البرتغالى موتينيهو بديلا للمهاجم الشاب مبابى، ذلك التغيير الذى كان يجب أن يقوم به أثناء تقدمه فى مباراة الذهاب، ليكتفى جوارديولا بعد ذلك بتغيير وحيد بالدفع بالمهاجم النيجيرى الشاب إيهناتشو بديلا للظهير الأيسر كليشى، فى محاولة لتسجيل هدف آخر يقوده لدور ربع النهائى ويحافظ على سجله فى دورى الأبطال خاليا من الخروج من البطولة قبيل دورها نصف النهائى، ولكن كما صرح جوارديولا فى المؤتمر الصحفى بعد المباراة فلا يمكن الوصول متأخرا ٤٥ دقيقة فى مباراة بمثل هذا المستوى.

"أن تصل متأخرا خير من أن لا تصل أبدا"، هى عبارة صحيحة فقط فى كرة القدم إن علمتك مرارة تأخرك أن تصل مبكرا فى المستقبل، وهو ما لم يتعلمه جوارديولا حتى الآن.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف