المساء
حنان عبد القادر
جحيم زوجة الأب
"ماتعرفش قيمة أمك غير لما تشوف مرات أبوك".. نعم لن يعرف قيمة الأم إلا من رحلت عنه وجاءت له زوجة أب أخري بهذه الكلمات الصادقة التي تعكس معاناة آلاف الأطفال بسبب زوجة الأب.. عبر الطفل عبدالرحمن الشهير إعلاميا بـ "الراقص مع الكلاب" والذي هزت قصة معاناته مع أسرته وزوجة أبيه.. قلوب آلاف المواطنين والتي تعكس قسوة أب تخلي عن مسئوليته كأب وراع لأطفاله.. وأنانيته الفجة ويتخلص من أطفاله بطردهم إلي الشارع ليواجهوا الضياع بكل صوره من أجل عيون زوجته الجديدة.. الطفل البريء الذي روي مأساته بكلمات لا ينقصها الصدق حياة الضياع التي يحياها في الشارع لتصبح أقصي أمانيه غرفة وأربعة جدران تحميه من حرارة الشمس صيفا وبرد الشتاء القاسي الذي لا يتحمله سنه وضعفه.
عبدالرحمن ــ تحدث عن احتياجه كأي طفل طبيعي إلي حنان أمه وحضنها واحتوائها وطبطبتها عليه وحرمانه من هذه المشاعر التي تمثل له كل الحياة.. تحدث واعترف بأنه هو من ترك منزل أبيه هربا من قسوة زوجة أبيه ومعاملتها السيئة وضربها المبرح له ولم يترك البيت وحده ولكنه تركه هو وأخوه الذي يصغره بثلاثة أعوام ويبلغ من العمر 9 سنوات.. ليمشي هو الآخر في الدنيا هائما علي وجهه ليصبح الشارع مأوي له يعيش فيه أقسي التجارب الإنسانية فلا أمن ولا أمان وتهديدات البلطجية والخارجين علي القانون له طالما انه بلا أهل.. يصبح أداة في أيدي هؤلاء يذيقونه العذاب ألوانًا ويكون فريسة لهم واعتداءاتهم علي المستويات كافة.
عبدالرحمن الطفل الذي لم ينجح الشارع في أن يقسو علي براءته والدليل عطفه علي الكلاب وتعايشه معهم وإحساسه بهم وحرصه علي إطعامهم بما يجود به أهل الخير عليه.. يحكي كيف أن الكلاب أكثر إخلاصا وإحساسا من بعض البشر ممن ماتت ضمائرهم واستغنوا عن إنسانيتهم.. يحكي كيف أنهم يشعرون به إذا مرض.. ويشاركونه حياته بتفاصيلها فرحه ــ مرضه ــ رقصه.
عبدالرحمن وأخوه المفقود نموذج حي لطفل الشارع المقهور المنسي ــ الذي يعيش حياة الضياع يجوع ويتألم ويمرض ويتعرض للاعتداءات وينام علي الأرصفة وأسفل الكباري وأسفل عربات النقل شتاء ليحتمي من البرد الشديد ــ الذي يلفظه المجتمع وينظر إليه نظرة قرف وازدراء.. يتجاهلهم الكبير والصغير.. يبخل عليهم الناس بالمساعدة ولا يشعرون بمعاناتهم مع الجوع والبرد ربما بسبب محترفي التسول الذين أضاعوا الفرصة عليهم من عطف وعطاء القادرين. عبدالرحمن مأساة متكررة تعكس الكثير من المشكلات الاجتماعية.. التي أحيانا نكون شركاء فيها.. التربية الخاطئة والعنف ضد الأطفال وراء هروب الكثير من الأطفال من أحضان أسرهم.. هروب لا يعرف عودة وزيادة عدد أفراد الأسرة الواحدة بصورة لا تلبي احتياجات أبنائها فيكون مصير الأطفال الشارع. وأنانية بعض الآباء علي حساب الأطفال الأبرياء. فضلا عن المعاناة التي يعيشها أطفال الشوارع عندما يجدون أنفسهم بلا مأوي فيعيشون الضياع في أسوأ صورة.. ليت حكاية عبدالرحمن التي أبكت قلوبنا قبل عيوننا تكون جرس إنذار لنا لكي لا نقسو علي أولادنا ونحسن معاملتهم ونحتضنهم طالما اننا ارتضينا مسئولياتنا كآباء وأمهات.. ليتنا نفكر بشكل عملي في حل لأطفال الشوارع الذين هم فلذات أكبادنا وهم أيضا مصدر الخطر إذا ما ظلوا منسيين بلا رعاية لابد من حل سريع لإيوائهم في أماكن مؤهلة تشعرهم بآدميتهم وتكفل لهم الرعاية حتي نحمي المجتمع من شرورهم.. يخطئ من يقسو عليهم ويدوس عليهم فلنرعاهم لأن لهم حقًا علينا!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف