الوفد
المستشار . محمد حامد الجمل
أنوار الحقيقة .. دستورية تعيين رؤساء الهيئات والجهات القضائية
< أحيل إلى اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب منذ عدة أيام الاقتراح بمشروع قانون بشأن تعيين رؤساء الهيئات القضائية المختلفة، ويقضى هذا الاقتراح بأن يرشح لوظيفة الرئاسة لأية هيئة أو جهة قضائية ثلاثة مرشحين دون التقيد بالأكثرية المطلقة، ويختار رئيس الجمهورية أحد المرشحين لتعيينه فى المنصب القضائى، وقد انتهى مجلس الدولة والمجلس الأعلى للقضاء مؤخراً إلى رفض هذا الاقتراح بمشروع القانون بالإجماع لتعارضه مع استقلال السلطة القضائية المنصوص عليه صراحة فى الدستور وأثار هذا الرفض السؤال عما إذا كان رفض مجلس القضاء الأعلى ومجلس الدولة لهذا الاقتراح له أساس فى الدستور، وما إذا كان رأى السلطة القضائية بفرعيها ملزماً للسلطة التشريعية طبقاً لأحكام الدستور، وهل هناك احتمال ألا يتقيد مجلس النواب، أى السلطة التشريعية، بما قرره المجلس الأعلى للقضاء ومجلس الدولة بالإجماع، وفى هذا الخصوص فإن المادة (121) من الدستور تنص على أن لرئيس الجمهورية ولمجلس الوزراء ولكل عضو فى مجلس النواب اقتراح القوانين، ويحال كل مشروع قانون ستتقدم به الحكومة أو من عشرة أعضاء بالمجلس إلى اللجان النوعية المختصة بمجلس النواب لفحصه وتقديم تقرير عنه إلى المجلس ويجوز للجنة أن تستمع إلى ذوى الخبرة فى الموضوع ولا يحال الاقتراح بقانون المقدم من أحد الأعضاء إلى اللجنة النوعية إلا إذا أجازته اللجنة المختصة بالمقترحات، ووافق المجلس على ذلك وإذا رفضت اللجنة الاقتراح بقانون وجب أن يكون قرارها مسبباً «وكل مشروع قانون أو اقتراح بمشروع قانون رفضه المجلس لا يجوز تقديمه فى دور الانعقاد»، كما نصت المادة (185) على أن «تقوم كل جهة قضائية على شئونها ويكون لكل منهما موازنة مستقلة يناقشها مجلس النواب بكامل عناصرها وتدرج بعد إقرارها فى الموازنة العامة للدولة رقماً واحداً، ويؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين المنظمة لشئونها»!!
< ويتضح من هذه النصوص الدستورية أنه يجب حتماً أخذ رأى كل جهة أو هيئة قضائية مستقلة فى الاقتراحات أو مشروعات القوانين المنظمة لشئونها وأخذ الرأى واجب وملزم حكماً دستورياً، ولكن رأى هذه الهيئات أو الجهات القضائية بالقبول أو الرفض أو التعديل ليس منصوصاً على إلزاميته الدستورية، ولذلك فإن مشروع القانون المذكور الخاص بتعيين رؤساء الهيئات القضائية وبعد رفض من جهات وهيئات السلطة القضائية يصبح مرفوضاً منها، فقد جرى العرف القضائى والدستورى على أن ما تراه كل هيئة أو جهة قضائية فى شأن هذه المشروعات ليس ملزماً دستورياً بالنص الصريح ولكنه وفقاً لما جرى على العرف الدستورى والقضائى فى مصر، فإن السلطة التنفيذية والتشريعية يجب عليهما أن تنفذا ما انتهت إليه رأس السلطة القضائية فى هذا الشأن، وهذا هو الأمر المتوقع أن يتبع بالنسبة للمشروع المذكور الخاص بتعيين رؤساء الهيئات القضائية، فالمشروع يخالف الدستور من حيث أنه يعتدى على استقلال السلطة القضائية ويجعل تعيين رؤساء هيئات وجهات هذه السلطة بناء على قرار جمهورى إدارى من رئيس الجمهورية، وهو رئيس السلطة التنفيذية بدلاً من الالتزام بالأقدمية والجدارة والكفاءة فى اختيار وترشيح وتعيين رؤساء الهيئات القضائية هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن المشروع قد رفضته السلطة القضائية بالإجماع ويتعارض مع استقلال هذه السلطة الذى نص عليه صراحة الدستور، وأتوقع أن يتم رفض اللجنة التشريعية والدستورية لهذا المشروع إعمالاً للعرف القضائى والدستورى.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف