المساء
محى السمرى
بين الغلاء والمشروعات
بصراحة شديدة ــ في رأيي الشخصي ــ أن لدينا قصوراً في الدعاية والإعلام عن كل ما يجري علي أرض مصر من إنجازات وأعمال أراها من وجهة نظري أنها أفضل وأعظم ما جري في مصر بعد سنوات طويلة من التوقف عن إتمام أو التفكير في أي مشروع.. ومن واجب أجهزة الإعلام أن تلقي الأضواء بحرفية ومهنية وأساليب حديثة ومتطورة عما يجري تنفيذه علي الأرض المصرية. ولأن هناك قصوراً في الإعلام فإن الشباب راحوا ينتقدون كل شيء.. "لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب".. هم وغيرهم يرون ما يجري وكأنهم يرتدون نظارات سوداء لا يشاهدون منها شيئاً.
قد يكون معهم حق.. ولكنه حق مبتور ــ لعدم رؤيتهم لما يجري نحن في سباق مع الزمن لتنفيذ وعود قطعها الرئيسي السيسي علي نفسه ــ كان من الضروري الإسراع في تنفيذ شبكة طرق ضخمة نحن في أشد الحاجة إليها إذا كنا نريد التوسع في الصادرات المصرية.. وهناك محطات للكهرباء.. أوشك بعضها علي الانتهاء ومع بداية التشغيل بالإضافة إلي ذلك هناك سباق آخر لتطوير وإصلاح زراعة مليون ونصف المليون فدان ومزارع سمكية.. وتنمية وتطوير مشروعات قناة السويس.. التي تعتبر نقلة حقيقية ورائعة لتعظيم موادر مصر.. وغيرها وغيرها هذا بخلاف العاصمة الإدارية الجديدة.
وفي رأيي أنه لابد من أجهزة الإعلام سواء في رئاسة الجمهورية أو مجلس الوزراء تنظيم رحلات سواء للشباب أو للمواطنين لزيارة هذه المشروعات وزمان نظمت وزارة المعارف رحلات لطلبة المرحلة الثانوية الأخيرة لزيارة مشروع السد العالي منذ لحظة التفكير في إقامته.. ولأن الناس لا تعرف فإن النقد يشتد ويشتد ويقرنون زيادة الأسعار والغلاء بتنفيذ هذه المشروعات القومية.. والحقيقة أن موضوع الغلاء كان في حاجة إلي توضيحات كثيرة ومن أشخاص تفهم جيداً في الأمور الاقتصادية والاجتماعية.. لأن الغلاء لا علاقة له أبداً بما يجري من مشروعات لأن السبب الحقيقي لارتفاع الأسعار راجع إلي بعض رجال الأعمال الذين دخلوا هذا المجال من خلال أعمال الاستيراد.. فراحوا يستوردون "عمَّال علي بطَّال" دون النظر إلي أهمية ما يستوردون والعبرة في رأيهم أن يتم البيع لكل ما يأتون به من الخارج.. ونتيجة لذلك استنزفوا معظم موارد الدولة من العملات الحرة.. حتي لم يعد هناك فرصة لاستيراد الاحتياجات الملحة للمواطنين ومن بينها المواد الخام اللازمة لبعض الصناعات وعلي وجه الخصوص صناعة الأدوية.. وترتب علي ذلك اختفاء أنواع كثيرة من الأدوية وكذلك بعض المنتجات الأخري.. وعندما اضطرت الحكومة إلي تعويم الجنيه وارتفعت أسعار العملات الحرة لجأ التجار إلي رفع الأسعار بنفس نسبة ارتفاع سعر الدولار رغم أنه في معظم إن لم يكن في كل الأحيان لا علاقة بين الدولار وبين أي منتج محلي آخر.. وكان المفروض أن تبحث الأجهزة الحكومية مسائل رفع الأسعار مع الغرف التجارية وأن يتم الاتفاق علي تحديد سقف للأرباح بشرط أن ينفذ لا أن يكون مجرد كلام.. وهذا الاتفاق الودي ضروري نظراً لصعوبة فرض أسعار جبرية في زمن الأسواق والأسعار المفتوحة.
يضاف إلي ذلك لجوء الناس إلي الامتناع عن الشراء بحيث تتكدس البضائع لدي التجار ولا يجدون من يشتري.. وقد حدث بالفعل أن تكدست الفراخ عند المنتجين فاضطروا إلي تخفيض أسعارها.. ونفس الحال مع السلع الكهربائية التي ارتفعت أسعارها بشكل جنوني.. واضطر الناس إلي الامتناع عن الشراء وبالتالي اشتكي التجار من حالة الكساد.. واضطروا إلي تخفيض الأسعار مؤقتاً ولكن بشكل مخفف علي أمل أن تتراجع الأسعار بعد أن تستقر الأوضاع.
وعموماً أقول إن مصر دائماً كانت تعاني من الغلاء ومن ارتفاع الأسعار حتي في عهد الملكية.. حيث أشارت بعض الوثائق التي نشرت عن عام 1951 أن الغلاء عم البلاد ولجأت الحكومة إلي تسعير السلع وشكلت لجنة مركزية تابعة لوزارة التجارة والصناعة.. ولكن لا التسعيرة نفعت ولا اللجنة المركزية استطاعت أن تفعل شيئاً وفي ذلك الوقت زار وفد من جمعية ربات البيوت وزير التجارة وتحدثن معه في إمكانية دعم الحكومة لتثبيت وتخفيض أسعار السلع.. ولكنه قال.. وكان صريحاً: الحالة لا تسمح بأن تدفع الحكومة أي فروق أو دعم والموقف بالغ الخطورة بحيث لا يمكن لحكومة حتي لو كانت من السماء أن تقاوم هذا الغلاء أو أن تخفض مليماً واحداً من سعر أي سلعة وأضاف أن الأسعار الآن هي مثالية لو قيست بالحالة التي ستكون عليها غداً أو بعد غد.. وفعلاً عندما جاء عبدالناصر إلي الحكم وفرض التسعيرة الجبرية علي كل شيء وأنشأ جمعيات استهلاكية تبيع السلع بأسعار محددة ومخفضة.. والنتيجة انتشار الوساطات للحصول علي هذه السلع المخفضة وكذلك انتشار الطوابير أمام الجمعيات وصارت فعلاً "طوابير الجمعية.. وطوابير الفراخ".
هذه الحكايات لمجرد التذكرة.. نحن فعلاً نسير إلي مستقبل باسم بإذن الله والأمل كبير في أن يعم الرخاء بدلاً من الغلاء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف