الجمهورية
السيد هانى
في مكتبة الأسكندرية: متحدون ضد التطرف "3" وجهات نظر ..!
من أهم الجلسات التي عقدت في مؤتمر مكتبة الإسكندرية "العالم ينتفض: متحدون في مواجهة التطرف" "17: 19 يناير 2017 "... كانت جلسة ¢الأمن القومي¢ التي رأسها اللواء دكتور محمد مجاهد الزيات.. وتحدث فيها كل من اللواء محمد ابراهيم الدويري رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية ــ الفلسطينية بالمجلس المصري للشئون الخارجية. والخبير الأمني خالد الفضالة من البحرين. والعميد المختار بن نصر من تونس..
ــ أهمية هذه الجلسة ترجع إلي ثلاثة أسباب:
1ــ موضوع الجلسة وهو ¢الأمن القومي¢.. حيث أوضح د.محمد مجاهد الزيات في بداية الجلسة أن ¢الأمن القومي¢ لا يعني حماية حدود الدولة فقط. إنما يعني توفير الأمن وتحقيق التنمية بمعناها الشامل.. لأنه إذا لم تتحقق التنمية فلن يتحقق الأمن..
2ــ أن المتحدثين قدموا ثلاث تجارب متنوعة من ثلاث دول عربية: مصر. والبحرين. وتونس.. شملت إرهاب الدول والجماعات..
ــ كان أول المتحدثين في هذه الجلسة اللواء محمد ابراهيم الدويري الذي تحدث عن تأثير السياسات الإسرائيلية في المنطقة علي الأمن القومي العربي وكيفية المواجهة. وطالب المجتمع الدولي بأن ينتفض ضد اسرائيل لإرغامها علي الإنسحاب من الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967. وإقامة الدولة الفلسطينية..
ــ ثم تحدث الخبير الأمني خالد فضالة . فتناول الوضع في البحرين. والدور الذي تقوم به الجماعات الإرهابية الممولة من الخارج في زعزعة استقرار الدولة. وطرق التصدي لها..
ــ تحدث بعد ذلك العميد المختار بن نصر .. فقدم ورقة تحت عنوان ¢نحو إستراتيجية وطنية لمكافحة التطرف ــ المثال التونسي¢. أوضح فيها أن تونس تواجه تهديدات إرهابية متواصلة وغير مسبوقة منذ إندلاع ثورتها عام 2011. حيث عاشت البلاد طوال السنوات الماضية علي وقع عمليات إرهابية دموية عديدة. والآن وجدت نفسها تواجه معضلة لا تقل خطورة. وهي احتمال عودة الآلاف من شباب تونس الذين إلتحقوا بجماعات العنف المسلح في كل من ليبيا وسوريا والعراق. لذلك اتخذت الحكومة التونسية في العامين الماضيين عددا من الإجراءات. كإصدار قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال. وتعيين لجنة وطنية لمكافحة الإرهاب. ووضع استراتيجية متعددة الأبعاد لمواجهة التطرف والإرهاب..
3ــ أما السبب الثالث الذي جعل جلسة ¢الأمن القومي¢ من أهم جلسات المؤتمر في مكتبة الإسكندرية.. فيرجع إلي إدارة الجلسة بطريقة ناجحة ومنضبطة من رئيس الجلسة اللواء دكتور محمد مجاهد الزيات.. فالرجل ذو شخصية قوية.. بدأ الجلسة بمقدمة قصيرة . وحدد فترة زمنية لكل متحدث لا يزيد عنها . ثم فتح باب النقاش للجالسين في القاعة. وحدد 3 دقائق لكل متحدث.. بذلك استطاع ضبط الحوار بين القاعة والمنصة من خلال عملية توزيع عادلة للوقت.. كما أنه لم ينه الجلسة إلا بعد أن تحدث كل من طلب الكلمة..
* لابد هنا أن أتوقف أمام المقدمة القصيرة التي بدأ بها اللواء دكتور محمد مجاهد الزيات أعمال جلسة ¢الأمن القومي¢. حيث أكد أن معظم التنظيمات الإرهابية هي من صنع أجهزة المخابرات.. ساق مثالا علي ذلك بتنظيم ¢القاعدة¢ قائلا إن المخابرات المركزية الأمريكية هي التي صنعته.. ثم تحدث عن ¢داعش¢ فقال إن قوات التحالف الدولي في سوريا التي تتكون من 60 دولة. قامت خلال العامين الماضيين بـ15 ألف طلعة جوية علي ¢داعش¢.. كلها لم تسفر عن شيء..!! ولو كانت كل طلعة جوية قتلت شخصين فقط من ¢داعش¢ لانتهي هذا التنظيم منذ فترة..! أشار د.الزيات إلي أن القوات الأمريكية أسقطت عدة شحنات من الأسلحة علي ¢داعش¢. وفي كل مرة كانت تقول إنها سقطت بطريق الخطأ.. كما أنها قصفت قوات الجيش السوري. وقالت أيضا إنها قصفته بطريق الخطأ..!
***
من الجلسات المهمة في المؤتمر أيضا.. الجلسة التي عقدت برئاسة الدكتورة نيفين مسعد أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة. وناقشت قضية ¢التنوع الديني الثقافي¢..
* تحدث في هذه الجلسة الدكتور إلياس الحلبي أستاذ الحضارات بجامعة ¢بلمند¢ في لبنان. فأكد أن رفض التعددية والتنوع راجع إلي مفهوم الهوية الذي يتم حصره في كثير من الأحيان في الهوية الأحادية التي لايستطيع فيها الشخص أن يتقبل أن تكون لديه هوية مركبة لها عدة جوانب. مما يؤدي إلي خلق حالة صراع داخلي لدي صاحبها تدفعه إلي ¢الاختزالية¢. بمعني أن يختزل الشخص المحددات الكثيرة للهوية في الهوية الدينية . ثم النزول لمستوي أدني وهو الهوية الطائفية..
ــ أضاف: أن التفكير الاختزإلي يصل بالإنسان إلي النظرة الأحادية للذات ورفض التنوع. فيجنح به إلي الأصولية الدينية التي تعطيه الحصانة والوكالة الحصرية كي يكون الناطق الرسمي باسم الله والمنفذ لإرادته..
* كما تحدث في الجلسة المطران منير حنا رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية بمصر وشمال إفريقيا والقرن الإفريقي. فتناول المشروعات المشتركة بين الكنيسة المصرية والأزهر الشريف كمشروع ¢بيت العائلة¢ ودعا إلي نقل الحوار من كونه حواراً نخبوية إلي رجل الشارع البسيط . مؤكدا أنه لا يمكن أن يكون هناك سلام بين الشعوب إلا بالسلام بين الأديان. وأن هذا الأخير لن يتحقق إلا بالحوار الذي أصبح ضرورة حتمية لمواجهة التطرف والإرهاب..
* ثم تحدث في الجلسة الدكتور عبد الله بن علي فهد الخطيب الأستاذ بكلية الآداب جامعة الملك عبد العزيز بجدة. فكشف عن أن سياسات التعددية الثقافية قد فشلت في العديد من الدول.. كان أولها ألمانيا عندما صرحت المستشارة أنجيلا ميركل بأن مقاربة التعددية الثقافية قد فشلت بشكل مطلق في ألمانيا.. بعد ذلك بعدة أشهر صدر نفس التصريح من رئيس الوزراء البريطاني في ذلك الوقت ديفيد كاميرون. الذي قال إن التعددية فشلت في بريطانيا. وإن بريطانيا بحاجة إلي هوية قومية أقوي حتي لا يلجأ الناس إلي التطرف.. نفس الشيء تكرر في فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية..
* أوضح د. الخطيب أن سبب فشل سياسات التعددية يرجع إلي الخطورة التي تشكلها تلك التعددية من وجهة نظر بعض الحكومات. وإلي التجاور الشكلي للثقافات دون أن يكون هناك تفاعل حقيقي خارج إطار النفعية. وانكفاء بعض الثقافات علي نفسها. مما خلق بيئة خصبة لنمو التطرف والتشدد..
* أضاف: إن ما يطلق عليه ¢سلوكيات الأنا¢ تجاه الآخر. يمكن تصنيفها في 4 نماذج.. الأول هو: ¢الإقصاء¢ عن طريق إبعاد الآخر المختلف.. الثاني هو: ¢العزل¢ بعدم اختلاط المستضيف بالمستضاف.. الثالث هو: ¢الإندماج¢ الذي يسعي فيه الإنسان لمعرفة ذاته عن طريق معرفة الآخر.. الرابع: ¢الانصهار¢ وهو الأخطر علي الإطلاق لأنه يهدف إلي تغيير ثقافة المستضاف وصهرها في ثقافة الدول المستضيفة.. ودعا الدكتور عبد الله الخطيب إلي تطبيق ¢المثاقفة¢ التي تختلف عن مفهوم ¢التثقيف¢. وإلغاء التفاضل بين الشعوب والقبول بالحد االأدني من القيم المشتركة..
***
* كان من أهم الأبحاث التي ناقشها المؤتمر.. البحث الذي قدمته الدكتورة حنان سعيد السيد مدرس علم النفس بكلية الآداب جامعة الإسكندرية. تحت عنوان ¢الشباب وعوامل التطرف.. دراسة في الآليات النفسية للتطرف وكيفية المواجهة¢.. أكدت فيه أن الشباب هم الثقل الرئيسي في قوة الإنتاج لأي مجتمع. لما يتميز به من خصائص جسمية وعقلية ونفسية واجتماعية.. بالتإلي فالشباب هم الوسيلة الفعالة لتحقيق التنمية الاجتماعية..
* لفتت د.حنان النظر إلي أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي الأعلي علي مستوي العالم من حيث معدلات البطالة مما يستلزم توجيه الاستثمارات نحو المشروعات كثيفة العمالة وخلق ثقافة العمل الخاص لدي الشباب..
* تري أن قضية ¢التطرف وما يستتبعها من تطورات تؤدي للإرهاب¢ هي من القضايا التي تحتاج إلي إهتمام متعدد الأبعاد من الدوائر السياسية والأكاديمية علي الصعيدين العربي والعالمي.. لأنها قضية ذات أبعاد متشعبة. فإذا كان عدد من يمارس العنف الظاهر محدودا . فإن عدد المؤمنين بالأفكار المتطرفة كبير.. تقول د. حنان إن أهم أسباب ظهور التطرف لدي الشباب هو تراجع دور المؤسسات الدينية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي مما أدي إلي صعود تيارات الإسلام السياسي بما تحمله من أفكار حاضنة للتطرف. كذلك غياب المشروع الفكري والثقافي الجامع الذي ترتكز عليه المجتمعات. بالإضافة إلي وطأة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية بين الشباب . وانتشار البطالة والفقر وتأخر سن الزواج..
***
* من أهم الأبحاث التي ناقشها المؤتمر أيضا.. الورقة البحثية التي قدمها المستشار الدكتور خالد القاضي تحت عنوان: ¢الوعي بالقانون لمواجهة الإرهاب¢ التي طالب فيها الأطراف الفاعلة في المجتمع العربي بتبني آليات عملية محددة قابلة للتطبيق للوعي بالقانون في مواجهة الإرهاب. وفتح قنوات اتصال دائمة علي المستوي القطري والعربي والإقليمي والدولي لتفعيل تلك الآليات مع تطويرها وتحديثها باستمرار. واستمرار حالة الحوار العام حولها بين كافة فئات وأعمار الشعوب العربية . التي قد يكون من بينها نشر الثقافة القانونية بإدخالها ضمن المقررات التعليمية في المراحل المختلفة . ودعوة مراكز البحوث ووسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني ودور العبادة للمساهمة في نشر ثقافة الوعي بالقانون.. لتصبح ثقافة إحترام القانون سلوكا راسخا. وممارسة حياتية في الضمير الجمعي العربي..
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف