الأخبار
علاء عبد الوهاب
انتباه
أشعر في أحيان كثيرة أن الاستماع للآخر أصبح فضيلة غائبة، أو عملة نادرة.
ألتقي ببعض الأصدقاء، ممن فرقت بيننا الأيام، فيكون أول ما يشكو منه أن أحداً لم يعد يسمعه، وإن اعطاه اذنا، فإن الكلمات سرعان ما تخرج من الأذن الأخري!
أحدهم اعترف لي:
- تصور لقد أصبحت أتردد علي طبيب نفسي، إنه »مستمع بالأجر»‬، بعد أن فقدت امكانية أن يسمعني من احبهم ويحبونني.
الاعتراف كان صادماً لي، لكنه للأسف أكد ملاحظتي، اننا في زمن بات من الصعب أن تجد من يصغي إليك، وإن منحك دقائق معدودات فسرعان ما يبدي تبرمه، ويستعد لانتحال الاعذار ليغادرك!
غير أن هناك من يكسرون القاعدة بحثاً عن مادة خصبة للنميمة يشبعون بها غريزة منحرفة، لم يستطيعوا تهذيبها، ناهيك عن الاقلاع عنها، هؤلاء يسمعون، ويشهرون أذانهم كأجهزة رصد فائقة الحساسية، فإذا ما فرغ ضحيتهم من شكواه، أو بث جانبا من همومه، إذ هي أصبحت مباحة للجميع!
لاعجب -إذن- لو صادفك من يتكلم مع نفسه، أو ينفجر كبتاً، أو لايحتمل الكتم المستمر لمكنون ذاته، فينطوي، ويبتعد، تنظر إليه فتجده شارداً، متوحداً مع نفسه بعد أن فقد الثقة في جميع من حوله، لأنه ببساطة لم يجد من بينهم من يستمع اليه!
ربما كان أكثر المستفيدين من غياب فضيلة الاستماع للآخر، الأطباء النفسيين، رغم أن بعضهم يظهر علي الشاشات داعياً للائتناس بحبيب أو صديق يصغي لما تقول، إلا أن »‬مني عينهم» اصابة كل من يستطيع الانصات بالصمم!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف