الجمهورية
فريد إبراهيم
قرآن وسنة .. فلسفة إقبال
كانت الأزمة الفكرية لفيلسوف الإسلام محمد إقبال تتمثل فيما يملكه المسلمون من أدوات الرقي والتقدم روحياً وعلمياً وحضارياً لكنهم يعانون الذل والهوان علي أيدي الاستعمار ويعيشون التخلف والجهل وكأنهم لا يملكون قرآنا ولا سنة يحميانهم من الضلال أي ضلال سواء أكان علميا أو فكريا أو اجتماعيا أو سياسيا إلي آخر الضلالات التي قد يواجهها الإنسان في حياته فكانوا كالرجل الغني الذي يعيش جائعا وعريانا ومريضا.
لكن فيلسوفنا هداه الله إلي سر التناقض هذا المتمثل في تحولهم عن التفكر والبحث في عالم الشهادة "وهو مفردات الكون المنظور وواقع الحياة والقضايا اليومية" إلي التفكر في عالم الغيب حتي أخذ عالم الغيب معظم جهدهم متأثرين بذلك بطابع الفلسفة اليونانية الذي يحصره فكره وبحثه في غيبيات تعزله عن المجتمع والكون الذي أمر الله بالبحث فيه من خلال آيات كثيرة وفي أحاديث نبوية كثيرة حتي ليبدوا وكأن الاسلام قضيته الأولي الدنيا وإصلاحها وإعمار الأرض وإذا قارنا بين ما جاء بخصوص العلاقات بين البشر والبحث في الكون وجدناه الغالب الأغلب في مقابل الحديث عن الآخرة. فلما ينقلب الفكر الإسلامي فيصبح للغيبيات لديه النسبة الغالبة في البحث والتفكير وهو ما بلغ ذروته في القرن الرابع الهجري كما يقول المفكر الدكتور عبدالحميد مدكور في بحثه عن الدين والفلسفة عن محمد إقبال. مشيرا إلي أن الفلسفة الإسلامية خالفت بمسلكها هذا روح الإسلام الذي غرس في اتباعه روح الكفاح والعناية بالواقع ويتفق معه في هذا الاتجاه الواقعي العلوم والطبيعة التي تلتقي معه علي الجد والعمل والبعد عن الانشغال ببحوث لا جدوي لها. لذلك وضع نظرية الذاتية في مقابل نظرية الفناء التي يقول بها الفكر الصوفية أي انه دعا إلي الاهتمام بالذات وتطويرها بدلاً من التخلي عن الدنيا والتخلي عن الذات حتي تفني في الله.
فإقبال اكتشف ان انشغال المسلمين بالجدل وما يتعلق بالغيبيات مع إهمال الجوانب العلمية استهلك قواهم وأضعفهم وآخرهم في مفابل ثورة أوروبا علي هذه الظاهرة التي عاشتها في فترة من تاريخها. كما انهم ضيقوا في فترة من حياتهم مفهوم العبادة حتي قصروها علي أركان الاسلام فقط فخرج كل عمل نافع وكل جهد بشري ينفع الآخرين وخرجت قضية إعمار الأرض "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها" من مفهوم العبادات رغم ان اعمار الأرض أمر سماوي من المفترض يرجو به الإنسان وجه ربه بل خرج من العمل الصالح كل ما يتعلق بالدنيا ووجدنا من يستنكف العمل الدنيوي باعتباره عملاً لا يوصل إلي الآخرة رغم ان الله سبحانه وتعالي أمرنا به وما دام قد أمرنا فهو عبادة وعمل صالح يوصل إلي الجنة لأنه سبحانه وتعالي الذي يقول "فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه" وهو الذي يقول "قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق" وهو الذي يقول "قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين" ورسولنا الذي يقول لأحد شباب المسلمين يريد أن يشارك في الجهاد ألك أبوين كبيرين قال نعم قال اذهب وجاهد فيهما.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف