الأهرام
أشرف محمود
حماية المستهلك وحقوق المشاهد والتوقيت
بات جهاز حماية المستهلك ومنع الاحتكار ، واحدا من أشهر الهيئات في مصر خلال الاسبوعين الماضيين لا لشىء إلا لان مسئولي الجهاز اكتشفوا ان بطولة افريقية لكرة القدم ـ انطلقت امس في الجابون ـ يشارك فيها المنتخب الوطني الاول وأن الجماهير الغفيرة المحبة لمنتخب بلادها والعاشقة للساحرة المستديرة لن تتمكن من متابعتها ، لان حقوقها ملك لقناة اعتادت احتكار بطولات الكاف منذ عام 2010، على صعيد المنتخبات والاندية ، ومن هنا وجدت قرارات جهاز حماية المستهلك صدى في الشارع ، وتلقفتها وسائل الاعلام لتصنع منها قضية الساعة ، ومنها انطلقت الاخبار وتعددت في القارة الإفريقية كلها خصوصا في ظل اصرار البعض على اقتران اسم الكاميروني عيسى حياتو رئيس الاتحاد الافريقي لكرة القدم بقرار احالة الشكوى الى النيابة المصرية ، ماعكر صفو الاجواء هناك في الجابون حيث كانت اسرة الكاف تجتمع لتكريم المتميزين في القارة خلال العام المنصرم ، وتضع اللمسات الاخيرة على تنظيم النسخة الجديدة من بطولتها القارية ، وما بين مطالب جهاز حماية المستهلك الذي تخطى حدود مسئولياته الى التهوين من امر امكانية نقل الكاف لمقره من مصر ، وهو مردد فعليا من قبل مسئولين في الكاف من الصف الثاني ألمحوا الى ان امر النقل ممكن ، وحددوا اسم دولة جنوب افريقيا خاصة لاحتضانه ، فجاء الرد سريعا من قبل السيدة منى الجرف رئيسة الجهاز التي هونت من هذا الامر مؤكدة أنه يتطلب حسب لائحة الكاف موافقة 75 بالمائة من اعضاء الاتحاد ، ملمحة الى صعوبة حدوث ذلك، ومشيرة في الوقت نفسه الى ان جهازها يجري تنسيقا مع عدد من الاتحادات الوطنية الافريقية في الازمة نفسها، وزادت بعد مطالبتها بإلغاء عقد بيع الحقوق الذي قرره الكاف مع الشركة الفرنسية التي باعت بدورها للقناة المحتكرة في الوطن العربي ، بأن يعيد الكاف طرح حقوق البث لبطولاته في مزايدة واقترحت ان تقسم مناطق القارة الى خمس مناطق، وهو الامر الذي يعد فيه تدخل من الجهاز في اختصاصات الكاف، وحقه المطلق في بيع حقوقه بالطريقة التي يراها دون توجيه او تدخل من احد، غير أن هذه الضجة التي لم تثمر عن شىء، وهدأت كشبيهتها من القضايا الجماهيرية التي تطرح على الساحة وتتصدر اهتمام الاعلام والجمهور، ثم سرعان ما تخبو نارها وتتلاشى اثارها، وتعود الامور سيرتها الاولى وتنتهي القضية، لذا فإنني سجلت على الجهاز انه اختار قضية عادلة ودافع عنها بطريقة خاطئة فخسر الجولة الاولى منها، وكان عليه ان يحسن اختيار التوقيت الذي يطرح فيه قضيته، وان كنت ابدى اعجابي الشديد بفكر السيدة منى الجرف, وكذلك دراستها للقضية بجميع جوانبها والاستفادة من التجربة الاوروبية خصوصا في ايطاليا وانجلترا، الا انني اسجل عليها التوقيت الذي جانبه التوفيق، اذ إن إلمام الجهاز بجميع تفاصيل القضية يؤكد ماذهبت اليه من انه اختار التوقيت الخاطئ ، وكأنه لعب على شعبية اللعبة وبحث عن استحسان جمهورها العريض رغم ادراكه ان الوقت لم يمنحه القدرة على تحقيق هدفه ، فطرح القضية قبل ايام من انطلاق البطولة ، رغم معرفة الجهاز بموعدها المحدد قبل عامين ، ورغم معرفة الجهاز بأن تجديد التعاقد المباشر بين الكاف والشركة الفرنسية تم قبل فترة طويلة ايضا، ما يجعله يلام على التأخير في طرح القضية العادلة.

وهنا أتساءل : اذا كان الجهاز حريصا على حماية المشاهد المصري وانه ينسق في هذا الامر مع الدول العربية الإفريقية ليشكل تكتلا يواجه به الاحتكار الذي قض مضجع العاشقين للرياضة وحرمهم من متعة متابعتها الا عن طريق القناة المحتكرة التي باتت تفرض شروطا تعسفية من نوعية اجبار المشتركين على تغيير القمر الصناعي من نايل سات الى قمر تابع لدولتها ، واجبارهم ايضا على الاشتراك لمدة عام كامل بدلا من الاشتراك لبطولة بعينها، كل ذلك ولا احد يثير الامر او يتوقف عنده لينصف الجمهور المغلوب على امره ، حتى الدورات الأوليمبية التي ينتظرها العالم مرة كل اربعة اعوام ويتابعها ملايين المشاهدين في العالم وكانت متاحة للجمهور العربي من خلال اتحاد اذاعات الدول العربية التابع لجامعة الدول العربية الذي كان يشتري حقوق الاولمبياد لتعرضه كل الشاشات العربية الحكومية والخاصة من خلاله ، سيحرم الجمهور العربي من هذه الميزة بدءا من الدورة المقبلة المقررة في بكين 2020 ، من هنا إنني اطالب جهاز حماية المستهلك في مصر والوطن العربي ومعهم وزارات الاعلام بأن يتفاعلوا مع هذه القضية التي تدق جرس انذارها الآن وقبل ثلاثة اعوام ونصف عام من موعد الاولمبياد ، لعلهم ينجحون هذه المرة في حماية حقوق المشاهد العربي ، وعليهم ان يستشهدوا بقانون حماية حقوق المشاهد الاوروبي الذي يمنع الاحتكار للحقوق الرياضية ويؤكد احقية كل بلد في متابعة رياضييه، وعلى مجلس وزراء الاعلام العرب ان يتخلوا عن صمتهم ازاء هذا المطلب الجماهيري وان يشرعوا باصدار قانون عربي لحماية حقوق المشاهد يمنع الاحتكار ، حتى لانضع الرءوس في الرمال الان ونتجاهل قضية ستفرض نفسها مع اولمبياد بكين وساعتها سيكون الوقت فات ونلعب في التوقيت الخاطئ كما حدث مع الكاف ، فهل يتحرك المسئولون قبل فوات الاوان !
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف