الجمهورية
عبد الحليم رفاعى حجازى
الإرهاب .. والأصل في العبادات
لا شك أن الأمم والحضارات التي لا تقوم علي القيم والأخلاق تحمل عوامل سقوطها.. ومن هنا فإن تلك الجماعات التي تتخذ من العنف والإرهاب وسيلة لنشر أفكارها. وتتخذ من الدين شعاراً لها. تفقد المصداقية. ومصيرها السقوط والانزواء مهما طالت محاولات بقائها. مستندة في ذلك إلي بعض القوي السياسية العالمية والإقليمية التي تسخرها لتنفيذ مخططات ومؤامرات تضر بالدول والشعوب.
والإسلام في سبيل وحدة المسلمين يحرم التنازع والتفرق والاختلاف من كل سبب يؤدي إليه. ويبين العواقب الوخيمة التي تترتب عليها.
.. والأصل في العبادات أنها تؤدي امتثالاً لله. وأداء لحقه علي عباده. وشكراً لنعمائه التي لا تنكر.. وللعبادات ثمراتها الطيبة التي تعود علي المسلم قطعاً. ولها حكمها الجمة. ولكن ليس من اللازم ولا من الضروري أن يحيط الإنسان بثمراتها وفائدها. بل ولا يستطيع ذلك كما لا يستطيع عقله المحدود أن يدرك حكمها. وحسبه أن يعلم أن الله إذا تعبد الإنسان بشيء. فإنما يتعبده بما يصلح نفسه يعود عليه بالخير في حياته الروحية والمادية والفردية والاجتماعية.
فالصلاة فرضها الله علي المسلمين خمس مرات في اليوم والليلة وهي توحي بالوحدة بين المسلمين إيحاء لا ينقطع: فلقد جعل الله مواقيتها واحدة. وركعاتها واحدة. وهيأتها واحدة ولا تختلف من بلد إلي بلد. أو من جيل إلي جيل. بل يتم الإعلام لها في وقت واحد. فيستجيب المؤمنون للنداء ويجتمعون خمس مرات كل يوم في المسجد يناجون رباً واحداً. ويؤدون أعمالاً واحدة. ويتجهون إلي قبلة واحدة.
وفي الصيام نلحظ إيحاء للوحدة بين المسلمين ظاهراً وقوياً: فحينما يطل شهر رمضان علي المسلمين يوحد بينهم في مشارق الأرض ومغاربها علي اختلاف ألسنتهم وألوانهم.. في شعورهم وسرورهم.. في استعادة ذكرياتهم المجيدة.. في ليلهم ونهارهم.. في وقت طعامهم وشرابهم. ويجعل فقراءهم وأغنياءهم وحكامهم ومحكوميهم ورجالهم ونساءهم في ذلك كله سواء.
في الزكاة وأنواع الصدقات نجد أنها روافد وبواعث للوحدة الإسلامية الشاملة.. وكذلك الحج. فهو من أظهر العبادات عملاً علي وحدة المسلمين: ففيه نري معني الوحدة جلياً كالشمس.. وحدة في المشاعر.. في الشعائر.. في الهدف.. في القول والعمل.. لا إقليمية ولا عنصرية ولا قومية. إنما هم جميعاً مسلمون. برب واحد يؤمنون. وبيت واحد يطوفون. وفي كتاب واحد يقرأون. ولرسول واحد يتبعون. ولأعمال واحدة يؤدون: فأي وحدة أعمق من هذا وأبعد غوراً؟!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف