الوطن
أحمد الخطيب
.. لماذا لم يُخف "الأمن" قبر "حبارة" كما فعلها مع "الإسلامبولي"؟
بعد صدور حكم الإعدام وتنفيذه بحق الجهادي "عادل حبارة" أثيرت أسئلة كثيرة بشأن مصير جثمانه بعد الإعدام، وإمكانية تسليمه لأهله، ودفنه في مقابر معلومة من عدمه، على طريقة دفن قتلة الرئيس الشهيد أنور السادات- عدا "خالد الإسلامبولي"- عقب تنفيذ حكم الإعدام بشأنهم في مقابر الصدقة.. وهل ما إذا كانت السلطات الأمنية ستتولى ذلك، أم تترك عملية الدفن للأسرة، سيما وأن عملية دفن "حبارة" شابها العديد من المآخذ التي كشفت عدم الاحتراف في التعامل مع واقعة شهيره يتابعها الرأي العام المصري بكافة تفاصيلها الدقيقة!

من المعلوم أنَّ سلطات الأمن تتعمد في بعض الأحيان، عدم تسليم جثامين بعض مشاهير الحركات الإسلامية والثورية، بعد تنفيذ حكم الإعدام بحقهم إلي ذويهم، وترجع السلطات في ذلك إلى أن دفنهم في مكان معلوم ربما يضفي عليهم قداسة وقيمة لا يستحقونها، أو يجعل قبورهم مزارًا ومصدرًا لإلهام لجيل جديد يقتفي آثارهم.

فعلت ذلك وزارة الداخلية المصرية من قبل مع "خالد الإسلامبولي" وآخرين ممن شاركوا في اغتيال الرئيس الشهيد محمد أنور السادات، كما فعلته أمريكا مع "أسامة بن لادن" و"تشي جيفارا"، وفعلته قوات "الناتو" مع الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي" بعد مقتله علي يد ثُلة من الأجراء البُغاة، وفعلته سلطات الاحتلال الإيطالي للأراضي الليبية مع المُجاهد البطل عمر المختار.

العلة الرئيس في اتجاه "السلطات" لحجب مكان دفن تلك النماذج على اختلاف توجهاتها، إسلامية أو ثورية أو تاريخها السياسي، هو طى صفحة تلك الشخصيات إلى الأبد، لكي لا يتحول قبر الواحد منهم إلى مزار ومقصد، لمن يرى فيهم أبطالًا ومغاوير، بعد إهالة قصص القداسة، وخلع القصص البطولية المُختلقة في جُلّها على بعضهم، فيقض موتهم مضجع "السلطات" مرة أخرى، كما كانوا في حياتهم!

وعلى وجه اليقين، لا يمكن لأحد أن يزعم معرفته مثلًا بمكان دفن "الإسلامبولي"، لدرجة أن البعض يزعم عدم إعدامه من الأساس، وآخرين يقولون بوجوده على قيد الحياة، حتى أن إحدى بنات الرئيس السادات صرّحت قبل سنوات بأنها رأته بعينيها يؤدي شعيرة العمرة في الحرم المكي بمكة عام 1994، أي بعد إعدامه عام 1982، بنحو 12 سنة!

كما لا يمكن لأحد الزعم بمعرفته مكان قبر "بن لادن"، رغم ان إحدى الرويات تقول إنَّ السلطات الأمريكية دفنته في قاع أحد البحار!

واقعة دفن "عادل حبارة" عقب تنفيذ حكم الإعدام بحقه أثارت العديد من الالتباسات، منها رفض أهالي قرية "الأحراز" التابعة لمركز أبوكبير بالشرقية "مسقط رأسه"، دفن جثمانه في مقابرها، الأمر الذي اضطر السلطات الأمنية إلى دفنه في مقابر قرية مجاورة، فكانت المفاجأة أن تصادف القبر الذي دُفن فيه "الإرهابي" قد جاور قبر أحد "شهداء" القوات المسلحة الذي استشهد في 2013 على يد الإرهاب الغادر الذي أخرج "حبارة" وأمثاله!

لماذا إذًا لم تخف سلطات الأمن أمر جثة "حبارة"، كما فعلتها قبل 34 عامًا مع "الإسلامبولي".. أو سمحت لذويه بتسلمها ودفنها بمعرفتها؟

يبقى أن أؤكد أن "حبارة" لا يمكن تشبيهه بمن ذكرت من نماذج لضآلة حجمه، فهو شخص غير مؤثر في الحركة "الإسلامية" مثل "بن لادن" أو "الإسلامبولي"، ولم يكن زعيمًا أو مؤسسًا، مثل "المختار" أو "جيفارا"، وهو بأقصى تقدير ليس أكثر من عنصر بين آلاف العناصر "الراديكالية" التي تموج بها الجماعات المتطرفة في مصر، لكنه استقى حجمه الإجرامي وصورته كإرهابي من هول الجريمة التي ارتكبها، بإقدامه على قتل 25 جنديًا مصريًا في سيناء قبل ثلاثة أعوام بدم بارد، واعترافه بجريمته، وإصراره عليها، وتأكيده في التحقيقات أنه لو خرج من السجن لأقدم على ما فعله مرات ومرات.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف