الوفد
ناصر فياض
شعاع .. أشعار فى الأسعار
ارتفاع الأسعار، كلمة السر، على مر العصور، الشكوى مستمرة، من سبقونا كانت أمامهم، ربما فرصة، فى حرية الكتابة، مع موهبة، والنتيجة إبداعات لا تقدر بثمن، فى كل مجالات الكتابة، إنها كلمات سارية باقية، وتصلح لكل عصر، وتدل على عدم انسجام العلاقة بين الحاكم والشعب، وربما هذا الوصف قائم فى حياة البشرية فى كل زمان ومكان، الحاكم يريد موارد مالية وعينية، ويحصل عليهما من زيادة أسعار، وتحصيل ضرائب وجمارك وغيرهما من مسميات عديدة. المهم أن الثابت هو، عدم الانسجام بين الحاكم والرعية.
أبدع شاعرنا العبقرى، حافظ إبراهيم قصيدة منفردة، فى غلاء الأسعار قال فيها: «أيها المصلحون ضاق بنا العيشُ.. ولم تحسنوا عليه القياما.. عزّت السّلعة الذّليلة حتى.. بات مسحُ الحذاء خطباً جُساماً.. وغدا القوتُ فى يد الناس كاليا.. قوتُ حتّى نوى الفقير الصياما... يقطعُ اليوم طاوياً ولديه.. دون ريح القتار ريح الخُزامى.. ويخال الرّغيف فى البعد بدراً.. ويظن اللّحوم صيداً حراماً.. إن أصابَ الرغيف من بعد كدٍ.. صاحَ: من لى بأن أُصيبَ الإداما؟.. أيها المصلحون أصلحتم الأرض.. وبتم عن النفوسِ نياما.. أصلحوا أنفسا أضر بها الفقْر.. وأحيا بموتها الآثاما.. ليس فى طوقها الرحيل ولا الجد».
إلى شاعرنا العامى المبدع بيرم التونسى، حيث تناول يوميات الحياة، والأسعار وفساد المحليات، هذا المتألق ترك لنا تراثاً من الزجل له حيثياته، قرأ به المستقبل. وعن الأسعار المرتفعة فى المناطق الراقية بالقاهرة يقول:
«يا زمالك وطى الأسعار ويا جاردن سيتى يا جبار.. ويا دقى يا مولع نار على بابكم حطوا اليافطات.. الثورة يجازيها بخير حتى ذلك يام أسانسير.. والفيلا أم جنينه وطير أجرتها شلنات».
وحول فساد المحليات والمجالس البلدية وقفزات الأسعار يقول: «إذا الرغيفُ أتى، فالنصف ُ آكُلُه، والنصفُ أتركُه للمجلس البلدى.. وإنْ جلستُ فجَيْبِـى لستُ أتركُهُ، خوفَ اللصوصِ وخوفَ المجلسِ البلدى.. وما كسوتُ عيالى فى الشتاءِ ولا فى الصيفِ إلاَّ كسوتُ المجلسَ البلدى.. كَــأنَّ أٌمّى بَلَّ اللهُ تُربتها، أوصَتْ فقالت: أخوك المجلس البلدى.. أخشى الزواجَ إذا يوم الزفافِ أتى.. أن يَنْبَرِى لعروسى المجلسُ البلدى.. ورُبَّمَا وَهَبَ الرحمنُ لى ولداً، فى بَطْنِهـا يَدَّعيه المجلس البلدى.. وإنْ أقمتُ صلاتى قلتُ مُفتتحا، اللهُ أكبرُ باسم المجلـس البلــدى.. أستغفرُ الله حتى فى الصلاةِ غَدَت، عِبادتى نصفُها للمجلـس البلـد.. يا بائعَ الفجلِ بالمِلِّيـمِ واحدةً، كم للعيالِ وكم للمجلس».
وفى وقتنا الحالى، كتب الشاعر محمد شرف، قصيدة شعبية باسم بائع الخضار، يقول فيها: «ليه بترفع الأسعار، لا الكوسا مستوردة.. ولا بامية جت م اليمن... ولا من فرنسا خيار.. ولا توم جديد أو بصل.. مدفوع لهم جمرك.. علشان كده بسألك.. ليه ترفع الأسعار.. أسمع نداك أنبسط... وأعرف بلدنا عمار.. أسأل بكام أتفرس.. وألقاك بقيت جزار.. بقى ده كلام تعمله... ده يرضى مين أدفع المنحة ومرتبى.. فى ستة كيلو خضار.
إذن، أقول لنفسى ولغيرى لا تفرطوا فى الحزن، لأن هذه سنة جارية بين كل حاكم وشعبه، نعم الغلاء الحالى، هد الأبدان، وفرق البنيان، وسدد طعنة فى كل إنسان، ولكن، ننصح بالصبر، وفرج الله آت، ولو بعد حين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف