الأهرام
عبد الفتاح البطة
رحلات إلي المريخ
(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتي يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلي كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت - 53)) تشير الآية إلي حد بعيد إلي إحتمالية بقاء التقدم العلمي والقدرة علي اكتشاف عجائب الكون وآيات الله عز وجل في سمواته وأرضه وبحاره في يد غير المسلمين . فالمسلم لا يحتاج إلي هذه الآيات ليزداد يقينه .
وكما قال سيدنا علي رضي الله عنه : ( لو كُشف لي الحجاب ما إزددت يقينا ) أي لو رأي ملكوت السموات ،والصراط والميزان ، وعذاب القبر ونعيمه ،ومشاهد يوم القيامة ، والعرش والأرضين السبع، والبحر المسجور ما زاد ذلك في إيمانه شيئا ، فكلام الله عز وجل في كتابه الكريم وكلام الرسول صلي الله عليه وسلم يكفينا . والصحابة ما احتاجوا إلي الطائرات والصواريخ والذهاب إلي القمر أوالمريخ ليكونوا كالجبال الشوامخ والراسيات في الإيمان برب الأرض والسموات . وكما قال أحد الصالحين : ( لو علمت أن منيتي ( وفاتي ) غدا ما إزددت إيمانا ) .

كل هذه المقدمة أثارها إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما أنه سيساعد على إرسال رحلات تجارية إلى كوكب المريخ في غضون ١٤ عاما من الآن، متعهدا بالعمل مع شركات خاصة لبناء مركبات جديدة يمكنها إعالة ونقل رواد الفضاء في رحلات تستمر فترة طويلة في عمق الفضاء.
وقال أوباما ( لقد حددنا هدفا واضحا مهما للفصل التالي من قصة أمريكا في الفضاء ، وهو إرسال البشر إلى المريخ بحلول ثلاثينات القرن الحالي ، وإعادتهم سالمين إلى الأرض بهدف نهائي هو التمكن ذات يوم من البقاء هناك لفترات ممتدة) .

ويقول بعض خبراء وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا " إن الذهاب إلى هناك سيستغرق نحو تسعة أشهر تبعا لسرعة الصاروخ ، وإن رحلة سريعة للغاية إلى المريخ ستستغرق وقتا قصيرا قد يبلغ ١٣٠يوما.وكانت الولايات المتحدة قد أرسلت رواد فضاء إلى القمر في عام ١٩٦٩ .
أخبار علمية مفرحة ، لكنها في نفس الوقت محزنة لمن يتابع قفزات الآخرين العلمية والتكنولوجية والإقتصادية ، ويقارنها بأحوالنا . وقد كنا بعلماء الأمة وفقهائها ودعاتها ووعاظها نتفوق علي هؤلاء في جانب تميزنا به دائما علي الآخرين ، ولكن مع مرور الوقت نفقد كثيرا من قدرتنا علي القول أننا نسبقهم فيه كثيرا ، ألا وهو الجانب الأخلاقي والسلوكي في العلاقات داخل الأسرة وبين الجيران وفي الشارع والمدرسة والجامعة والمعهد وعلاقات العمل .

فمن يري العلاقات البينية في كل هذا المجالات ويقارنها بما هو مسطور في كتاب الله عز وجل وكلام نبينا صلي الله عليه وسلم وسيرته العطرة وسيرة الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين يتأكد أن هناك انسلاخا وتباعدا شديدان بين النظرية والتطبيق . ويا ليتنا احتفظنا بتميزنا في الجانب الأخلاقي والقيمي ولو تراجعنا في أي جانب آخر ، فإن الأخلاق تستطيع أن تجر وراءها ما عداها ، أما أن تتقدم أمة في كل الجوانب الأخري وتتراجع في الجانب القيمي والأخلاقي والديني فهو تقدم يشبه تقدم قارون أوفرعون أوقوم عاد . وما أغنانا عن تقدم هؤلاء وأمثالهم من الغربيين ومن يوالونهم ويحبونهم وتربوا علي موائدهم في العصر الحالي .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف