المساء
أحمد معوض
كلمة ونصف .. أولاد حارتنا "1"
لم تشهد رواية مثلها في تاريخ الأدب الحديث ما أثارته من جدل دُرة أعمال الأديب العالمي نجيب محفوظ "أولاد حارتنا".
أبناء جيلي من مواليد الثمانينات. كانوا في علم الغيب عندما نُشرت أولي حلقات الرواية عام 1959. وبعدها مُنعت من النشر في مصر. وأيضاً لم نكن جئنا إلي الحياة بعد عندما نشرت للمرة الأولي كاملة في لبنان عام 1967. وكنا في السنوات العشر الأولي من عمرنا. عندما فاز محفوظ بسببها بجائزة نوبل في الأدب عام 1988. وبدأت عيوننا تتفتح مع حادث محاولة اغتياله علي أيدي اثنين من المتطرفين المغيبين- تم اعدامهما فيما بعد- عام 1994. وأخيراً كنا قد تخرجنا في الجامعة. عندما نُشرت الرواية للمرة الأولي في مصر عام 2006 بعد شهور قليلة من وفاة صاحب الرواية.
لذا شعرت بعد الانتهاء من قراءة الرواية في 2016 بواجب أدبي نحو كاتب "أولاد حارتنا" وقارئها. برصد انطباعي الشخصي حولها. ودعوة من لم يقرأها إلي قراءتها. ومن قرأها قديماً أن يعيد قراءتها.
بالتأكيد شخص مثلي أصغر بكثير أن يتحدث عن براعة نجيب محفوظ في رسم الشخصيات ووصف البيئة ومسرح الأحداث. ودقته في رصد التفاصيل وابداعه الذي يجعلك تشعر أن شخصيات روايته خرجوا لك من الكتاب ويجلسون معك تسمع أصواتهم وتشتم رائحة أجسادهم وتشعر بنبضات قلوبهم. تلك القدرة علي التعبير بالكلمات تأخذك من زمانك إلي زمان فات. يعزلك عمن حولك. ويلصقك بأبطال رواياته. حتي أنك مع مرور الوقت والاستغراق في القراءة تجد نفسك تتحدث مع أقرانك بلسان إحدي شخصيات الرواية. وأحياناً بأكثر من لسان!
عودة إلي "أولاد حارتنا" حتي نضع النقاط فوق الحروف من أولها. لا يخطيء أي قاري للرواية "الرمزية والاسقاطات" بها. حتي أن بعض أسماء شخصيات الرواية كانت حروفها أقرب إلي حروف أسماء الشخصيات الحقيقية التي يرمز لها في الرواية: أدهم "سيدنا آدم"* إدريس "إبليس". قدري "قابيل". همام "هابيل". قاسم "سيدنا أبوالقاسم محمد رسول الله".
إذاً. فالرواية هي سرد لقصة الخلق والخليقة و"حارتنا" هي كوكب الأرض. وأبطال الرواية هم رموز لأنبياء الله ورسوله "آدم وموسي وعيسي ومحمد".
هذا هو الثابت. والذي كما قلت لا يخطئه عقل بعد قراءة الصفحات الأولي من الرواية. ولكن هل عاب محفوظ في الذات الالهية. أو تعرض لها بشكل يخرجه عن الملة ويكفره.ويدفع الجماعات المتطرفة لمحاولة اغتياله؟!
ثم هل سكت محفوظ عن وصمه بهذه التهمة ولم يدافعع عن نفسه قبل رحيله عن دنيانا؟! وإذا كان قد سكت ألم يحاول أحد من تلاميذه أو محبيه أن يدرأ عنه التهمة ويفند آراء ووجهة نظر محفوظ فيما كتب؟!
هذا ما سنجيب عنه وأكثر في مقال الاسبوع المقبل.. بإذن الله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف