الأهرام
عبد الفتاح البطة
أخلاق الناقصين
( يا بنى أول ما أحذرك : نفسك, فإنَّ لكل نفس هوى وشهوة ، فإن أعطيتها شهوتها تمادت وطلبت سواها ، فإن الشهوة كامنة ٌ فى القلب كمون النار فى الحجر، إن قُدِح أُورى، وإن تُرك توارى ) .بهذه الكلمات يُعلم لقمان الحكيم عليه السلام ابنه ،ومن وراءه كل ابن وابنة ، ويُلفت نظر ويحذركل أب وأم أراد لنفسه ولبنيه الصلاح والخيرفى الدنيا والآخرة
ولا سبيل للحصول على ذلك فى طريقة تربية الأولاد وتنشئتهم إلا بتنفيذ تلك الوصايا وهذه التعليمات الربانية التى أوردها الله عز وجل على لسان لقمان الحكيم عليه السلام فى سورة لقمان ، والتى لا يراعيها فى تربية ولده ولا يلتفت إليها من الأولاد إلا من رحم الله عز وجل .
ولو طبق الآباء والأبناء ما ورد فى هذه الصورة لاختفى الكثير – إن لم يكن كل – المصائب والبلايا وسوء الأخلاق والرزايا التى نسمع عنها أونراها فى معظم - إن لم يكن كل - شارع، بل كل شبر مطروق من الأرض .

ولقمان عليه السلام يُشير إلى أن الصحراويين يستخدمون الحجر فى الحصول على النار مع أن شكل الحجر وظاهره لا يدل على وجود النار ، لكن مع قدح واقتراب واحتكاك حجر بآخر تخرج النار ، وكذلك الشهوات جميعها تتولد من الاقتراب منها فتهواها النفس فيتشربها القلب فتتحرك الجوارح من أجل الظفر بها وامتلاكها . ومن هنا كانت خطورة بعض أشكال الاختلاط بين الأولاد بالبنات فى المدارس والمعاهد ، والرجال بالنساء فى المصانع وأماكن العمل والوظائف .

وقد تواردت الأبحاث والدراسات من الغرب -الذى حمل لواء خروج المرأة إلى العمل واحتكاكها بالرجل فى كل الميادين ، وأنه لا فرق بين الاثنين – على أن الاختلاط فى المدارس والجامعات والمعاهد يُضعف القدرة على التركيز، وأن المدارس والجامعات غير المختلطة ترتفع فيها القدرات الاستيعابية والتعليمية . واعترفت غربيات ممن حصلن على أعلى الدرجات العلمية أن القدرة على مقاومة الشهوة والغريزة تكون فى بعض اللحظات صفرية ، وأنهن لم يتمالكن أنفسهن بالرغم من الذكاء والحزم والصرامة اللاتى يتمتعن بها .

ولعل ذلك يذكرنا بقول أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها وأرضاها بعد سنوات قليلة من وفاة النبى صلى الله عليه وسلم وفى المدينة المنورة – أشرف بقاع الأرض بعد مكة المكرمة – : ( لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن كما مُنعت نساء بني إسرائيل ) رواه البخاري ومسلم .

قال الإمام النووي في شرح مسلم : وإنما مُنعت نساء بني إسرائيل من المساجد لِمَا أحدثن وتوسعن في الأمر من الزينة والطيبِ وحسنِ الثياب( وقيل أيضا : أنهن كنا على عهد النبى صلى الله عليه وسلم لا يخرجن من المسجد بعد أداء الصلاة فى نفس الوقت الذى يخرج فيه الرجال ، فأصبحن يُزاحمن الرجال فى وقت الخروج .( فيا تُرى بماذا يأمر النبى صلى الله عليه وسلم لو رأى التزاحم والتلاصق والاقتراب والأحاديث والمكالمات والصداقات على الفيس وغير ذلك مما يحدث فى المدارس والمعاهد والجامعات والأسواق والطرقات وأماكن العمل ؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف