شاهدت فيلم «الماء والخضرة والوجه الحسن» للمخرج القدير يسرى نصر الله. أخذت قرار مشاهدته أنا وزوجى لعدة أسباب، أولها أننا من عشاق السينما، وثانيها يتعلق بفكرة وطنية قليلا وهى تشجيع السينما المصرية التى تتعافى الآن ببطء شديد من موت إكلينكي كاد يقضى عليها، لولا ستر ربنا وإيمان بعض فنانينا بضرورة المقاومة وعدم الاستسلام لتلك الأزمة الطاحنة التى تعانى منها السينما المصرية منذ أكثر من خمس سنوات .

ثالثها أن أسماء مهمة لنجوم كبار تصدرت الأفيش. يسرى نصر الله مخرجا. ليلى علوى، منة شلبى، باسم سمرة، أنعام سالوسة، علاء زينهم، أحمد داود. سيناريو أحمد عبد الله. وهذا أعطانا بعض الطمأنينة بشأن مستوى الفيلم .

المهم دخلنا وجلسنا وتأهبنا لمشاهدة تمنينا أن تكون ممتعة. وبدأ الشريط السينمائى يتحرك، وأنا وزوجى فى حالة ترقب وتأمل . تتابعت الأحداث التى لن أحكيها هنا أملا فى يذهب قرائى الأعزاء لمشاهدة الفيلم، وحتى لا أحرق لهم الحبكة والحكاية على الأقل.

الفيلم مبهج من حيث التصوير الرائق فى غيطان الريف المصرى ومشاهد الخضرة التى تشرح القلب و تفتح النفس. ومبهج كذلك لأن مشاهده تنقل أجواء طبخ مميز لعائلة طباخين فى الدقهلية مشهورين بأكلهم الشهى، وقدرتهم على عمل بوفيهات أفراح أكل بيتى، له شمخة وطعم .

فيلم مبهج لأن قصته بسيطة، مثل شخصيات أبطاله، يحبون ويأكلون، ويدافعون عن الأصالة فى مواجهة الزيف. عائلة يحيى الطباخ الذين يشتهرون بالأكل الحلو اللذيذ، ويحيون الأفراح بموائدهم الشهية فى مواجهة مع رجل الأعمال المتسلق الانتهازى فريد أبو راية (محمد فراج ) الذى يطمع فى لوكاندة يمتلكونها .

ورغم البهجة المحلقة مع الخضرة والأكل اللذيذ والوجه الحسن إلا أنى شعرت بأن هناك شيئا ناقصا، الفيلم أثار العديد من ردود الأفعال بعضها متحمس له والآخر يهاجمه، لكنى بصراحة أقف فى منطقة وسطى بين هؤلاء وهؤلاء. البعض أعلن غضبه لفكرة عمل يسرى نصر الله المخرج الكبير المبدع صاحب الرؤية مع المنتج أحمد السبكى صاحب الأفلام الشعبية المثيرة !.

البعض أحس بأن الفيلم أخرجه نصر الله، ثم ترك البهارات للسبكى يتبل الطبخة السينمائية، ويضيف على مقاديرها كما يشاء، حسب مذاق جمهوره الذى يعرفه جيدا. أنا شخصيا أحب فى السينما الخروج عن المألوف، أحب فكرة ربط الأكل بالحب، بالرغبة . فهناك فعلا رابط خفى يجمع بينهم جميعا. وقد أثارت تلك العلاقة بين الأكل والحب خيال العديد من الأدباء والفنانين فأنتجوا روايات شهيرة تحولت إلى أفلام مشهورة مثل Like Water for Chocolate و Eat, Pray and Love وغيرها ببساطة لأن الأكل إحدى متع الحياة.