الأخبار
عبد المنعم فؤاد
الحج الإيراني وأبرهة العصر الحديث
ليس بمستغرب أن يختلق كبار آيات الشيعة فتوي لزيارة كربلاء بدلا من حج بيت الله الحرام بعد أن أرادوا اخضاع شعائر الحج لأهواء سياسية، واجتهادات طائفية بدلا من الالتزام بأوامر الله سبحانه في إبداء السكينة عند بيته الكريم، فلا رفث، ولا فسوق، ولا جدال في الحج، إلا أن مراجعهم طلبت عكس ذلك!.
ولما لم يُستجبُ لها : أُطلقت الفتوي الخامنئية : بترك حج بيت الله تعالي، والتوجه شطر كربلاء، وهذا أمر عقدي ثابت في أمهات كتبهم كانوا يخفونه عن الأنظار، وكان الطيبون من بقية المسلمين يُصدقون ذلك بحسن نية، ويحاولون جمع الشمل لا تفريقه، لكن مراجع هؤلاء كانت تقننص الفرص لإظهار ما يُخفون، إلي أن حانت الآن فرصتهم بكيد منهم لا عن طريق غيرهم، فنادي المُنادي بالتوجه لكربلاء التي يفوق ثواب زيارتها في كتبهم عشرات المرات زيارة بيت الله الحرام، وحجه، ولا نقول ذلك اعتباطا بل توثيقا، وتأكيدا من أمهات كتبهم، فمثلا نري :
الكُليني صاحب كتاب : الأصول، والفروع من الكافي، وهو يعادل في مرتبته عند الشيعة كتاب البخاري عند أهل السنة، ويقول عنه كبار أئمة الشيعة : (إن هذا الكافي : كاف لشيعتنا) - بل ويدّعون : أن المهدي المنتظر المختفي -عندهم - من سنة 256 من الهجرة بدون سبب مقنع إلي الآن، وينتظرون خروجه كل يوم، ويدعون الله أن يعجل فرجه، يقولون: هذا المهدي اطلع في سردابه المختفي فيه علي كتاب الكافي هذا، وهو قائل تلك العبارة السابقة، ورددها بعده أئمتهم.. فقد جاء في هذا الكافي : حديثا نسبوه لجعفر الصادق في المجلد الأول ص 324 من فروع الكافي - طبعة إيران وفيه يقول:
(من أتي قبر الحسين عارفا بحقه.. في يوم عرفة كتب الله له ألف حجة، وألف عمرة مبررات متقبّلات، وألف غزوة مع نبي مرسل، أو إمام عادل..).
بالله كيف يقبل الشيعة علي الذهاب ليوم عرفة ليأخذوا حجة واحدة، ويتركوا ثواب ألف حجة، وألف عمرة، بل وألف غزوة مع نبي أو إمام ؟ !.
من المجنون عند هؤلاء الذي يترك زيارة الحسين ليستبدلها بزيارة مكة يوم عرفة ؟!.
أليس هذا هو الصد بعينه عن سبيل الله، والمسجد الحرام، والذي قام بهذا الصد من قبل: هم كفار مكة، وعاب عليهم المولي ذلك في آيات قال فيها: ( إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم ). الحج -25-
ونحن بالطبع لا نستطيع أن نُكفّر الشيعة طالما لم ينكروا فريضة الحج- صراحة -، ولكن نعاتبهم علي ما يزعمون من دعوة العامة البسطاء إلي ترغيبهم بهذه الأحداديث المختلقة لزيارة كربلاء بدلا من عرفات، وحج بيت الله تعالي، ونعاتبهم علي تشبههم في ذلك بهؤلاء الذين حكي عنهم القرآن الكريم في صدهم عن المسجد الحرام عن طريق الكذب، والتضليل، والذي يُبثُ في أوثق كتبهم، بل هناك عشرات من الكتب علي هذا النهج: تضلل الناس بهذا التضليل الكُليني السابق ففي كتاب (بحار الأنوار) لنعمة الله الجزائري ج 33- ص 101- وهو من أوسع كتبهم في علم الحديث لديهم، نراه ينقل عن جعفر الصادق قوله للشيعة : (.. لو أني حدثتكم بفضل زيارته - أي الحسين -، وبفضل قبره لتركتم الحج رأسا، وما حج منكم أحد - فلما تعجب احد السامعين من ذلك - قال له : ويحك أما علمت أن الله اتخذ كربلاء حرما آمنا مباركا قبل أن يتخذ مكة حرما..).
وأنا أقول لمن يصدق هذا الهراء : ويحك أنت !. أين هذا في كتاب الله، وفي سنة رسوله - صلي الله عليه وسلم -؟ ولمَ لم يطبقه سيدنا عليّ علي نفسه، ولم يتحدث به قبل الجزائري هذا؟؟.
ومن أعلم من عليّ، والحسن، والحسين حتي يدعي انتاج حج غريب، عجيب، مريب لم تعرفه الأمة الإسلامية جمعاء ما عدا هؤلاء الدخلاء الذين يوحون إلي أوليائهم »زخرفا من القول وزورا»‬ ؟
فالله تعالي لم يقل : اتخذت كربلاء حرما آمنا - بل قال سبحانه : ( أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم).العنكبوت -67- فأي عبقري هذا الذي يستطيع أن يُطبق هذا القول الحق علي كربلاء الشيعة ؟!.
بل نتحدي أن يخرج الشيعة آية تقول : جعل الله كربلاء البيت الحرام!. بل قال تعالي: (جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس) المائدة -98- ونتحدي أن يثبت جميع آيات الشيعة قولا صادقا منتسبا للرسول - صلي الله عليه وسلم- يدعو المسلمين إلي شد الرحال إلي كربلاء، وزيارتها، وثوابها المزعوم.
بل الثابت : أن الرحال لا تُشدّ »‬ إلا إلي ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصي»، هذا ما ثبت لدي الأمة عن طريق المصطفي - عليه الصلاة والسلام- ولا يوجد بدائل عن ذلك أبدا، وإلا لنطق التاريخ بأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- لما صده الكفار عن الحرم، وعقد الصلح معهم لعام آخر فيما يُسمي بصلح الحديبية قد أسرع بأصحابه إلي كربلاء بدلا من مكة لينال تلك الحجات المتعددات التي ارتآها مراجع الشيعة فقط !.
والسؤال : بأي منطق يتحدث الشيعة للمسلمين، وكيف يُشرعون ما لم يشرعه الرحمن الرحيم باستبدال زيارات، أو حجات لمكان آخر غير المكان الذي حدده الرحمن، وقام عليه رسول الأنام ؟؟!، وهل من اللائق أن يُترك آيات الشيعة يشقون صفوف الأمة، ويخلطون بين توجهاتهم السياسية، والدينية كل عام، ونري المظاهرات، والفتن، والقلاقل بين صفوف الحجيج بسبب هذه الطائفة ؟؟؟!.
لقد هدد البعض منهم هذا العام - كما نُشر في مواقعهم - بمزيد من القلاقل في الحج بسبب غياب إيران، فرد الله كيدهم، وخرج الحج في أبهي صورة، وأحسن تنظيم، وما شهدت مناطق الحرم أمنا مثل هذا العام، فمن ذا الذي يستطيع أن يتحدي الله في بيته، ويجمع الجموع في بيت آخر غير الذي شيده رب العالمين؟!.
لقد ذكرنا صاحب فتوي الحج البديل في هذا العصر الحديث بأبرهة العصر القديم، والذي أراد للناس أن يتوجهوا لكنيسته في الحبشة بدلا من الكعبة، وساق جيوشه للحرم ومعه أقوي أسلحة عصره، وهي : الفيلة القوية، وكان إذا أمرها أن تتوجه يمينا أو يسارا أو شرقا أو غربا توجهت، ولكن لما أمرها أن تتوجه لتحطيم الكعبة المشرفة عصت، وما توجهت !.. لعلمها - وهي الحيوان الأبكم، بجلال ومهابة هذا البيت العتيق.
فلما قاده شيطانه ليقود جيوشه لهدم البيت : أرسل عليه سبحانه سرية عسكرية في طلعة جوية واحدة : تُسمي الطير الأبابيل، فجعلته وجنوده كالعصف المأكول، وكان للزمان عبرة..
فهل يتعظ أبرهة العصر الحديث، وجنوده من هذه الموقعة، ويعود لرشده، ويعصي شيطانه، ويلتحم ومن معه بالأمة مرة أخري .
هذا ما نأمله..
والله من وراء القصد..


تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف