الحج عبادة يقف امامها العقل متحيرا. فالثواب الذي يتحصل عليه المسلم في الحج أكبر من ان يكون ثوابا لطاعة أو نسك ففضل الله في ثواب الحج عظيم ليكون الحج بثوابه عبارة عن دورة مكثفة في السلوك والأدب وفنون الحياة من شأنها تجعلك إنسانا جديدا ولذا كان التوجيه القرآني لمن يقوم بأداء الحج ان يضبط سلوكه وخلقه قال تعالي "الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوي واتقون يا أولي الألباب" سورة البقرة .197 لا ابالغ عندما اقول ان الحج ميلاد جديد فنحن نولد مرة عندما نخرج من أرحام أمهاتنا ونولد مرة أخري عندما نخرج من ذنوبنا فالنبي قال لسيدنا عمرو بن العاص عندما أعلن إسلامه اما علمت ان الاسلام يهدم ما كان قبله؟ وان الهجرة تهدم ما كان قبلها؟ وأن الحج يهدم ما كان قبله؟
اي ان بداية من دخل الاسلام ومن حج ومن تاب تكون جديدة لانه ميلاد جديد حياة جديدة انطلاقة متجددة.
الاحداث والطاعات التي تحدث في الحج يسلم بعضها بعضا لتصل بك الي الميلاد الجديد.
جاء رجل من الانصار الي النبي صلي الله عليه وسلم "فقال: يارسول الله كلمات اسأل عنهن.. فقال النبي صلي الله عليه وسلم : ان شئت اخبرتك عما جئت تسألني وان شئت تسألني واخبرك حالة من العجب ممزوجة بحالة من السعادة اصابت الرجل من عرض النبي له انه يستطيع ان بخبره بما جاء يسأل عنه فلم يتردد السائل "فقال: لا يا نبي الله اخبرني عما جئت أسألك؟ فقال : جئت تسألني عن الحاج ماله حين يخرج من بيته وماله حين يقوم بعرفات؟ وماله حين يرمي الجمار؟ وماله حين يقضي آخر طواف بالبيت؟ فقال: يا نبي الله والذي بعثك بالحق ما أخطأت مما كان في نفسي شيئا واصبح في انتظار الاجابة "قال: فإن له حين يخرج من بيته ان راحلته لا تخطو خطوة الا كتب له بها حسنة أو حط عنه بها خطيئة" فالحج هو العبادة التي اذا لم تفعل فيها شيئا تأخذ أجرا فلمجرد توجهه للبيت وتحرك راحلته يأخذ أجرا. وهذا تجهيز من الله لعبده حيث يثقله بالحسنات ويخفف حمله من الذنوب ليكون مستعداً للحرم "فاذا وقف بعرفة فإن الله عز وجل ينزل الي سماء الدنيا فيقول: انظروا الي عبادي شعثا غبرا اشهدوا أني قد غفرت لهم ذنوبهم وان كانت عدد قطر السماء ورمل عالج" ومشهد عرفة من المشاهد المدهشة المريحة فإذا كان اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأقرب ما يكون الرب من عبده علي جبل عرفات حيث ينزل الله عز وجل الي السماء الدنيا ويتجلي علي عباده. وعجب هذا المشهد ان الله يجمع الملائكة ليباهي امامهم بعباده فعلي الرغم من الله يخبرهم انهم شعثا غبرا اي سيئوا المظهر لكن العبرة عنا ليست بحلاوة المظهر لكنها بحلاوة القلب الذي تخلي عن كل زينة وجميل ثيابه لاجل الله فكانت الجائزة ان الله يغفر لهم ذنوبهم وان بلغت في الكثرة كقطر المطر او رمل الصحراء لتكون هذه أول مرحلة في الميلاد الجديد وهي مرحلة الخروج من الذنب "واذا رمي الجمار لايدري أحد ماله حتي يتوفاه الله يوم القيامة" فبعد ما غفر الله للعباد ذنوبهم علي جبل عرفات هو في حاجة الي قفزة في الثواب يبدأون بها ميلادهم الجديد فيتوجهون من بعد عرفة الي رمي الجمار وعندما يرمون الجمار يكتب الله لهم اجرا عظيما يخبر رسول الله عن عظمه انه لايعلمه احد حتي يلقي الله يوم القيامة "فإذا قضي آخر طواف بالبيت خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه".
الحج ميلاد جديد