الأهرام
سامى فريد
مترو مصر الجديدة المفترى عليه !
فى سان فرانسيسكو شارع اسمه باول ستريت يأتى اليه السياح من كل أنحاء العالم ليتمتعوا بركوب أقدم خط ترام على الأرض أنشيء عام 1888 يعنى منذ 128 عاما وهو واحد من 23 خطا لم يطبق منها سوى ثلاثة خطوط احتفظت بها الحكومة الأمريكية باعتبار أنها مصادر سياحية، لكن لماذا كان القرار الأمريكي؟ أولا لأن الترام تجاوز عمره الآن مائة عام بمعنى أنه تحول الى «أثر» ينبغى المحافظة عليه.أما الشارع الثانى فقد انشىء عام 1957 واسمه «باول ميثان» ويمتد لمسافة كيلو مترين ونصف الكيلو متر، وهناك أيضا الخط الثالث «باول هايتي» الذى يمتد ثلاثة كيلو مترات ونصف الكيلو متر.

وسيصدمنا السؤال: «لماذا يحافظون فى أمريكا عن تراثهم (!!) بينما نهدر نحن تراثنا وفى خطوط الترام أيضا؟!». فى مصر الجديدة ـ ومنذ شهور ـ هبت فجأة رياح هجمة ضاربة اقتلعت كل خطوط مترو مصر الجديدة بحجة توسعة الشوارع لانسياب المرور!!

ولأن الماء فيما يبدو حتى الآن لا يصعد الا فى العالى فان مشروع توسعة الشوارع من أجل سيولة المرور لم يفكر الا فى راحة أصحاب السيارات ولم يفكر فى الاف التلاميذ «الغلابة» أبناء الأسر «الغلابة» وأولياء الأمور «الغلابة» أيضا الذين كانت وسيلة انتقالهم ذهابا وايابا من مدارسهم واليها من عين شمس الى مصر الجديدة والدراسة مرورا بالميرغنى بخمسين قرشا فقط، ولم يفكر فى مستقبلهم وحجم معاناتهم بعد رفع المترو، فلا مدارسهم الحكومية تستطيع تعويض المترو ولم تفكرـ ولن ـ فى توفير وسيلة المواصلات البديلة لهم وعلى أولياء الأمور تدبير تكلفة سيارات التاكسى لنقلهم أو التضحية بابنائهم فى الركض خلف الاتوبيسات أو الميكروباصات، وبالطبع لم يفكر صاحب مشروع توسعة الشوارع وانسياب المرور الذى لا يرى الدنيا الا من خلال عين واحدة لا ترى مما رأته امريكا مما يسمونه «التراث» على أهميته، فمترو مصر الجديدة الذى احتار معنا منذ انشائه عام 1910 من نقله من شارع عماد الدين الى شارع الجلاء.. الى محطة كوبرى الليمون ثم مده الى ماسبيرو ثم العودة به الى رمسيس ثم خلعه فى القرار النهائى من على وجه الأرض وخلع قضبانه أو ردمها فى تراب الأرض نهائيا.كل هذا بما تكلفه من ميزانيات الصيانة ومحطات الكهرباء للتغذية مع مصاريف الاحلال والتجديد وشراء القاطرات والعربات الجديدة من اليابان وبلجيكا ليزيد عدد الركاب من 480 راكبا فى بداية الخدمة الى 35 مليون راكب حرموا نهائيا من خدمات المترو الاقتصادية من مصر الجديدة الى رمسيس ناهيك عن شكلها التراثى كواجهة حضارية للعاصمة رغم كل ما تكلفته طول عمرها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف