نصف الدنيا
نوال مصطفى
تركيا الغالية.. لماذا ؟
هل ممكن أن تتغير الدنيا بهذه الصورة ؟! سؤال وجدتنى أفكر فيه وأتأمله وأنا أقارن بين صورتين لمكان واحد. الصورة الأولى مطبوعة فى ذاكرتى لأيام جميلة قضيتها فى مدينة اسطنبول الساحرة، خلال زيارتين متتاليتين، إحداهما عام 2007 والأخرى عام 2011، والصورة الثانية، تكاد تكون لمكان آخر بعيد تماما عن الذكريات المحفورة على صفحة القلب والوجدان، صورة مليئة بمشاهد العنف، امتهان جنود أتراك، لقطات تسجل مظاهر الخراب والانهيار.

فى لحظات التأمل هذه، أجدنى فى حالة غريبة من الأسى والحزن على دولة كنا نعتبرها مثالا رائعا لدولة ناهضة استطاعت أن تحقق تقدما اقتصاديا هائلا خلال العشر سنوات الماضية، وأن تصبح واحدة من أقوى الدول التى صنعت فارقا فى التنمية والارتفاع بمستوى المعيشة لمواطنيها. تتداعى الذكريات فأتذكر كيف كنا نستقبل الرئيس التركى رجب طيب أردوجان استقبال الفاتحين إبان ثورة يناير 2011 ، وكيف كنا نستمع إليه بانبهار ونحاول استلهام تجربته.

هل ترتكب السياسة تلك الجرائم التى لا تغتفر فى حق شعوبها؟ هل فقد أردوجان عقله لينتقم من كل مواطن تركى شارك أو تعاطف أو حتى اشتبه بتورطه فى محاولة الانقلاب الفاشلة على حكمه؟.

لقد قام باعتقال الآلاف من الموظفين، وأغلق ألف مدرسة خاصة، وسرح جنود وضباط جيش بعد أن تم سحل العديد منهم فى شوارع اسطنبول، وحل الحرس الجمهورى بعد اعتقال 300 من أفراده، ومنع الكثيرين من السفر وأغلق عشرات الصحف واعتقل 42 صحفيا، و ..و.. و لا يزال العرض مستمراً! لا أحد يستطيع التنبؤ بالآتى من الإجراءات القمعية التى يخطط لها أردوجان وأعوانه لقص أظافر المعارضة فى تركيا، بل لفرمها بلا رحمة!.

لا أعرف ما الذى ينتظر تركيا من تداعيات خطيرة لما يحدث الآن، لقد أبدى الاتحاد الأوروبى استياءه وصرح بأن تلك الإجراءات القمعية التى تتخذها تركيا ضد كل من تعتقد أن له علاقة بفتح الله جولن «غير مقبولة» .وردا على الانتقادات الغربية الواسعة لممارسات رجب طيب أردوجان ضد معارضيه عقب نائب رئيس الوزراء التركى نور الدين شانيكلى قائلا: إن ما نراه حتى الآن هو فقط «قمة جبل الجليد» ملمحا إلى ما يجرى تحت الأرض من الأنصار الموالين لفتح الله جولن الذى تتهمه أنقرة بالوقوف وراء الانقلاب الفاشل.

ما يحزننى حقا أن يصيب الطوفان السياسى الذى قلب منطقة الشرق الأوسط رأسا على عقب منذ أحداث «الربيع العربى» تركيا، فما يحدث الآن فى تركيا سوف يؤثر على الدول الإقليمية فى المنطقة، وأراه استكمالا لمخطط الشرق الأوسط الكبير الذى عصف باستقرار دول عربية عديدة بدأ بالعراق ثم توالت الأحداث لتنهار ليبيا وسوريا واليمن ، ولولا ستر ربنا، وبسالة جيشنا، وإرادة شعبنا لكانت مصر ضمن حطام الدول العربية الذى يبحث الآن عن الخلاص.أتمنى أن تعبر تركيا هذا المنحنى الخطير بسلام ، لكنى للأسف أرى الغيوم كثيفة، والسحب غارقة فى السواد وأنا أتأمل المشهد التركى الآن !

من 30 سنة

أحاول دائما أن أبحث عن ضوء خافت فى نهاية النفق المظلم، لذلك ذهبت لأشاهد فيلم «من 30 سنة» أملا فى أن أرى هذا الضوء فيما يتعلق بالسينما المصرية، تلك التى كانت على مدى تاريخنا الحديث أحد أهم مصادر دخلنا القومى والأهم من ذلك أنها كانت قوتنا الناعمة التى تجعل لنا وجودا عربيا مؤثرا، وقويا فى المنطقة العربية، والعالم بشكل عام .

الحمد لله خرجت من دار العرض سعيدة بمستوى الفيلم رغم بعض الملاحظات والهنات. قصة محبوكة، ممثلين على مستوى احترافى محترم ومقنع وعلى رأسهم منى زكى وشريف منير وأحمد السقا ومرفت أمين. إخراج مميز وعدسة حساسة، يعيب الفيلم الطول الشديد ( كان يمكن اختصار 30 دقيقة) لكنه فى المجمل فيلم ممتع، يحترم عقل المشاهد ويتعمد إدهاشه ومفاجأته. ويقدم فيلما فى النهاية بعدما اكتسحت دور العرض خلال السنوات الخمس الأخيرة أعمال هى أقرب للاسكتشات مليئة بالإسفاف، والتدنى بكل صوره.

تحية لصناع الفيلم المؤلف أيمن بهجت قمر والمخرج عمرو عرفة والمنتج وليد منصور، لقد صنعتم يومى وجعلتمونى أرى أخيرًا ضوءًا خافتاً فى نهاية النفق الذى غرق فى الظلام طويلاً. شكرا جزيلا لكم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف