الوطن
أحمد الخطيب
فساد الأزهر.. وعملية بيع الجامعة (12)
مضطر أن أكشف للرأى العام المصرى، ولأبناء الأزهر على وجه التخصيص، وقائع أكبر تجاوز كاد أن يفعله «محمد عبدالسلام وشركاه» فى حق الأزهر جامعاً وجامعة على مدار تاريخه العريق والذى يعيش الآن أحط فترة مرت عليه فى حياته بعد أن تكالبت على إدارته مجموعة من أصحاب المصالح والمنافع الرخيصة.

الجريمة التى أوقفتها الدولة فى آخر لحظة قبل شهور هى الموافقة على إتمام إنشاء أول فرع للأزهر فى تاريخه خارج مصر لصالح إحدى الدول الخليجية الكبيرة، فى واقعة تكشف قدر الجرأة الكبيرة التى أضحى عليها هؤلاء جراء الإقدام على فعل أى شىء مقابل أى شىء دون وازع من ضمير أو مسئولية.

قبل شهور طلبت دولة خليجية كبيرة يعشقها المصريون أن يكون لها فرع خارجى خاص بها للأزهر على أراضيها به مجموعة كليات للتدريس على أراضيها تبركاً وإيماناً منها بدور المؤسسة الكبير، كون عقيدتها الدينية الرسمية والشعبية أزهرية خالصة بهدف دعم المنهج الإسلامى المعتدل الذى تجاهد فى نشره فى مواجهة المنهج المتطرف.. وبما أن الطلب هو الأول من نوعه فى تاريخ الأزهر فى أن تتقاسمه أرض أخرى مع مصر، فقد اشترط السادة المسئولون بالدولة الشقيقة شرطاً صريحاً لتحقيقه وهو ضرورة موافقة «الدولة»، ممثلة فى الرئاسة ومجلس الوزراء، وباقى المؤسسات الرقابية والأمنية والمحاسبية.

ولأن المنافع والمصالح هى التى تحكم الأمور فلم يقوموا بدراسة الطلب دراسة استراتيجية كافية وافية، تحسب فيها عواقب أن يكون للأزهر فرع خارج مصر قد يسحب البساط بمرور الزمن وبفعل القوة الاقتصادية للدولة الشقيقة من تحت أقدام الأراضى المصرية والمقر الرئيسى للأزهر بالقاهرة.

فتتغير مع الزمن وجهة الطلاب الدارسين الذين يأتون إلى الأزهر فى مصر من كل فج عميق من دول العالم إلى الدولة الشقيقة، ويمر الزمن فيضمحل دور المركز الرئيسى وتفقد مصر مع الوقت أكبر قوة تأثير دينية تعرفها منذ ألف سنة!

سيقول «عبدالسلام وشركاه» إنهم اشترطوا أن تكون إدارة الفرع أزهرية مصرية والأساتذة مصريين، ولكن من يضمن أن تظل هذه الشروط صامدة بعد ٥٠ عاماً مثلاً، ألن يكون «الفرع» قد قطع شوطاً نحو الاستقلال عن المركز الأم عبر تخريج آلاف الأساتذة هناك يؤهلهم لطلب الأحقية فى الإدارة والتدريس، فتصبح هذه الشروط بلهاء وقد عفى عليها الزمن حتى تصبح مجرد ذكرى تاريخية لا بأس من ذكرها فى لوحة جدارية داخل إحدى كليات «الأزهر الشريف» بالدولة الشقيقة؟!

أوهم «عبدالسلام وشركاه» الإخوة المسئولين بالدولة الشقيقة أن الدولة موافقة، وهو تجاوز كبير فى حق الدولة!

لم يقل «عبدالسلام» للإخوة الأشقاء فى الدولة الخليجية الحقيقة، وسار معهم فى الإجراءات الإدارية لإنشاء الفرع لمدة نحو ٤ أشهر، غير أن الإخوة الأشقاء شعروا بأن الدولة لا علم لها بالمسألة، فانسحبوا فى تأدب شديد بعد أن قررت الدولة وقف الإجراءات حفاظاً على خصوصية الأزهر التاريخية داخل مصر.

وحفاظاً على حق الدولة المصرية فى أن تبقى خصوصية الأزهر داخل أراضيها بعد أن كاد يبيعها البعض ممن يتغنون بأن ما تحقق فى عهد الإمام الطيب من استقلالية لم يتحقق من قبل.. فهل كان المقصود بالاستقلالية هو ارتكاب تلك الفعلة الشنعاء؟

■■ فى المقال المقبل سأكتب بالتفاصيل قصة عبدالسلام فى هيئة النيابة الإدارية وكيف انتقل لمجلس الدولة واستمراره مستشاراً لشيخ الأزهر بالمخالفة للقانون وعمليات تظبيط أقاربه داخل الجامعة والمشيخة، وعليه أن يرد إذا كان لديه ما يرد به دون أن يحتمى فى المشيخة ويصدر بيانات باسمها وكأنه حامى الحمى!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف