البديل
محمد دوير
شرف الحبس .. وقرف النظام
الأحكام التي صدرت بحق عشرات الشباب المصري المحتج علي تنازل النظام المصري عن جزيرتي تيران وصنافير ليست احكاما قضائية بالمعني العلمي للكلمة، إنها أحكام سياسية بامتياز، لا تهدف إلى حبس شباب تظاهر فحسب، ولكنها تهدف إلى بث روح اليأس والضعف والاستسلام في نفوس طليعة الفعل الثوري، وفي صفوف الحركة الثورية المصرية التي بدأت تستعيد عافيتها منذ عدة شهور ومرشحة للتطور في الشهور القادمة علي أثر توقعات بتفاقم أزمة النظام وصراعات أجنحته، وعلي أثر احتمال تضخم الحالة الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع مع تكاليف شهر رمضان المبارك ثم مع زيادات الموظفين في شهر يوليو.

وفي ظل أزمة النظام المصري الحالية يكون من الطبيعي أن يحتدم الصدام بين قوي الثورة والثورة المضادة، أن يستخدم النظام المفوض من رجال الجيش والشرطة والقضاء وبعض الفئات الشعبية، أن يستخدم ترسانة الأسلحة والقوانين سيئة السمعة في تكسير عظام هؤلاء المحتجين بهدف تهذيبهم ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه الاعتراض علي التنازل عن أرض أو الدفاع عن حق أو الاعتراض علي ارتفاع أسعار شامل في الغذاء والدواء والسكن.

لا يملك النظام الحالي بقيادة السيسي بدائل غير القمع، لا يملك وسائل غير الحبس، ليس لديه القدرة ولا الرؤية ولا الاستعداد علي مواجهة مشكلات مصر الخارجية أو الداخلية، فجميع الملفات أثبت فشله فيها، وصار بحق استمرار لنفس سياسات مبارك ومرسي في القمع والإفلاس السياسي. إنه نظام صاعد بقوة الي الهاوية، صاعد إلى حيث تقبع النظم المعادية للشعوب، إلى حيث مزبلة التاريخ، نظام فقد كل مبررات وجوده الأخلاقية، فقد معظم الدعم الشعبي ولم يتبق له سوي أنصار يتوهمون الحقيقة في خطابات الرئيس التي لا نفهم منها سوي لغة التهديد والوعيد.

نحن في مرحلة صار فيها الحبس وسام شرف، والولاء للنظام دليل فصام في الشخصية، فكيف ننتمي إلى نظام لا يعرف سوي الحبس والاعتقال وتكميم الأفواة؟!، كيف ننتمي إلى نظام يدعي كذبا أنه عنوانا للدولة، ورمزا للوطنية، ومفوض الإله من أجل الفقراء؟! ..

عشرات الشباب يقبعون خلف زنازين النظام، وملايين البشر يتذمرون من حياتهم ومعيشتهم ولا يملكون قوت يومهم أو يشعرون بمستقبل آمن، بعد حراك ثوري لفت انتباه العالم لحضارتنا وقيمتنا في التاريخ الحديث، ترتد الثورة وتفيق الثورة المضادة خوفا علي ضياع مصالحها وتقرر الانتقام من الجميع، الفقراء والأطباء والمحامين والصحفيين والسياسيين والشباب ..الجميع وقع تحت مقصلة نظام لا يعرف سوي لغة البطش ..

إلى هؤلاء الذين يرقدون الآن في مقابرهم، إلى هؤلاء الذين ينامون الآن في زنازينهم، إلى هؤلاء الذين ينتظرون دورهم في الاعتقال أو التعذيب أو الموت … اليكم جميعا …بني ثورتنا : معاداة هذا النظام علي أرضية الوطنية المصرية شرف لا يضاهيه شرف، وحماية الأوطان مهمة كل من يدرك قيمة الأوطان، قيمة التراب والهواء والولاء والانتماء ..فلا تنظروا لغير وطنكم، ولا تصدقوا هؤلاء الذين باعوا الأرض وتاجروا في قوت الناس.

وإلى هؤلاء الذين باعوا عقولهم وأوطانهم لنظام فاشل، أقول لكم … الثورة ليست في حاجة إليكم، والأوطان ستحيا بدونكم أجمل وأفضل، لا نريد منكم جزءا ولا شكورا، فمن مات ضميره لا حزن عليه ولا ندم…
دامت لشهداء الوطن العزة … وبقيت ثورتنا مرفوعة الرأس بهؤلاء الذين يحافظون علي جذوتها من خلف قضبان السجون.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف