التحرير
خالد داوود
بريد القراء
مؤخرا، كنت من بين صحفيين عديدين تعرضوا لمحاولات الاعتداء من قبل بلطجية النظام ممن يتم وصفهم بالمواطنين الشرفاء وذلك في أعقاب حضور اجتماع الجمعية العمومية للصحفيين قبل نحو اسبوعين. وكنت قد تعرضت لمحاولة اغتيال قبل ذلك بعامين ونصف على يد أنصار جماعة الإخوان المسلمين عقابا لي على دوري كمتحدث سابق بإسم جبهة الإنقاذ في الفترة القصيرة التي قضاها محمد مرسي رئيسا لمصر.

وكان لافتًا بالنسبة لي كيف حاول طرف الإستفادة من عملية الاعتداء بالضرب الأخيرة التي تعرضت لها أمام نقابة الصحفيين: أنصار الرئيس السيسي وأنصار جماعة الإخوان المسلمين. ونتيجة لسهولة القص واللزق والفوتوشوب في وسائل التواصل الإجتماعي، فلقد ابتدع أنصار الإخوان صورة مركبة لكي يؤكدوا أن عهدهم الميمون كان عصر الحريات والديمقراطية، بينما عهد الرئيس السيسي هو الأسوأ في القمع على الإطلاق. وقامت كتائب الإخوان الإلكترونية بنشر صورة لي وأنا أشارك في مؤتمر صحفي لجبهة الإنقاذ الوطني، وتحتها عنوان "خالد داود في زمن الرئيس مرسي" وبجوارها صورة أخرى ومعالم الضرب ظاهرة على وجهي وتحتها عنوان "خالد داود في زمن الرئيس السيسي".

طبعا كان الكذب في التركيب متعمدا، فالصورة الثانية التي تعرض فيها وجهي لاصابات بالغة كانت من مستشفى قصر العيني في أعقاب محاولة اغتيالي بالسكاكين ومحاولة قطع يدي اليسرى في أكتوبر 2013 بعد أن شاء حظي العاثر أن أقود سيارتي وسط مظاهرة لأنصار الإخوان ورافعي علامة رابعة. أي ان الصورة ترجع إلى مرحلة ما بعد عزل الرئيس السابق مرسي، وليست في أعقاب الاعتداء الأخير الذي تعرضت له قبل أسبوعين والذي تجمع في حولي مجموعة من البلطجية وأوسعوني ضربا بالقرب من نقابة الصحفيين، ولكن من دون إصابتي في وجهي أو استخدام آلات حادة كتلك التي استخدمها أنصار الإخوان في ما اعتبروه جهادا في سبيل الله، والدم مقابل الدم في فض اعتصام رابعة، حتى لو كنت شخصيا عارضت طريقة الفض والخسائر البشرية الفادحة التي ترتبت عليه.

نعم عارضت وما زلت أعارض فكر الإخوان وأرى أن اهتمامهم بمصحلة التنظيم قبل اهتمامهم بمصالح الشعب المصري هو ما أدى لإنتكاس ثورة يناير وطموح أن يكون لدينا رئيس مدني لمصر لأول مرة منذ ثورة 1952. ولكن معارضة فض رابعة واعتبار ما وقع فيها مذبحة لم يسجلها تاريخ مصر الحديث من قبل كان أساسا خشية على مصر واستقرارها، ولعدم الرغبة في الدخول في دائرة من العنف والعنف المضاد التي لن تنتهي سوى بعد سنوات، ولتجنب سيناريو شبيه بما وقع في الجزائر بعد أن قام الجيش هناك بإلغاء نتيجة الإنتخابات التي فاز فيها الإسلاميين بفارق كبير عن الحزب الواحد الحاكم.

ولكن المؤسف كانت حالة الشماتة الفجة في تعليقات أنصار الإخوان على حادثة الاعتداء الأخيرة التي تعرضت لها بالقرب من نقابة الصحفيين. وهذا هو حالهم للأسف في كل المصائب التي تحل بمصر، حتى لو كان الضحايا أساسا هم من المصريين البسطاء الذين لا ناقة لهم ولا جمل في السياسة، وكل ما يتطلعون له هو الرزق وسد رمق أسرهم ومتطلبات حياتهم العديدة. وكانت التعليقات من نمط "من اعمالكم سلط عليكم" و "مش هو ده السيسي اللي انتم دعمتوه للإطاحة بالرئيس المنتخب."
يظننا الإخوان سذج أو أن لدينا ذاكرة السمكة، وليس المجال هنا للتذكير بخيانتهم للثورة وتطلعاتهم لقمع كل معارضيهم لو كانت الأجهزة الأمنية قد تجاوبت معهم في هذا الصدد.

ولكن أنصار الرئيس السيسي ليسوا أقل دناءة في حملات التشويه والسباب والشتائم واستخدام كل الوسائل المبتذلة لمهاجمة معارضيهم. وقامت كتائبهم الالكترونية بالدخول إلى صفحتي الشخصية على موقع فيسبوك وقاموا بسرقة صورة قديمة عمرها يزيد عن خمس سنوات في حفل توديع تمت إقامته لي في مقر الأمم المتحدة بنيويورك بعد انتهاء عملي كمراسل صحفي هناك بصحبة مجموعة من المتدربات الصحفيات. وتم الترويج للصورة على نطاق واسع تحت عنوان "خالد داود يجتمع بوفد أمريكي في مقر نقابة الصحفيين للتآمر على مصر." أما التعليقات على الصورة فكان معظمها يحتوي على التهديد بالقتل والنفخ والحرق، انتهاءا بالتهديد بالذبح كما قامت السيدة النائبة نعمت قمر في مجلس النواب.

أما النائب مصطفى بكري الذي كان من أول من عملت معهم كصحفي بعد تخرجي من الجامعة عندما كان يصدر صحيفة معارضة في زمن الرئيس المخلوع مبارك، فزاد وقام بتأليف سيناريو متكامل مفاده أنني قمت مع السيد المحترم نقيب الصحفيين يحيى قلاش والأستاذ المحامي خالد علي بترتيب عملية تهريب الزميلين عمرو بدر ومحمود السقا إلى داخل نقابة الصحفيين وأصدرنا بيان مشترك يهاجم وزارة الداخلية. طبعا كل هذا كذب وافتراء، وذهبت لمقر نقابة الصحفيين بعد أن أعلن عمرو بدر والسقا عن اعتصامهما في النقابة كما العديد من الزملاء الآخرين، وكذلك كان حال السيد النقيب الذي كان يعلم منذ البداية أنه لا بد من احترام قرار النيابة بالضبط والإحضار للزميلين، ولكن بطريقة لائقة تحترم كرامتهما وحقيقة أن الإتهامات الموجهة لهم تتعلق بالأساس بقضايا نشر، وليس جرائم جنائية. والأهم أنه لم يصدر أن بيان مشترك ولا يحزنون، خاصة أنه ولا توجد لي صفة لاصدار مثل هذا البيان مع السيد النقيب.

وأرجو ألا يحدثني أحد عن تهمة "السعي لقلب نظام الحكم" الموجهة للزميلين. فهذه التهمة أصبحت لازمة يواجهها كل من يتم اعتقاله هذه الأيام، بداية بأنصار داعش ونهاية بفرقة أطفال الشوراع من الشباب المبدع. لم يعد النظام يطيق أي معارضة، وتهزه وتثير أعصابه أي أصوات مخالفة. والجديد أن آلة القمع والتشويه لم تعد تقتصر على أجهزة النظام الرسمية فقط، ولكن انضم لهم فرق الكتائب الالكترونية التابعة للنظام، والذين لو يعرف النظام حجم الضرر الذي يلحقونه به لكان أول من بادر بمطالبتهم أن يخرسوا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف