الرأى للشعب
ابراهيم نصر
خدمة الناس.. تقوى هرمون السعادة

ثبت علمياً أن خدمة الناس تقوى هرمون السعادة عند من يقدمون الخدمة وترفع معنوياتهم وتشعرهم بنوع من الرضا الشخصى عن ذاتهم وخاصة في الأزمات، ومن هنا تأتى أهمية وعظمة ما ورد فى الصحيحين عن أبي موسى رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك بين أصابعه". وعلى أرض الواقع فإننا نرى أن فى قضاء حوائج الناس سعادة، وفى إصلاح ذات البين سعادة، وفي التواضع سعادة، والتعاون على البر والتقوى وصدق الحديث وأداء الأمانة والصفح والإحسان كل ذلك يؤدى الى السعادة فى الدنيا والآخرة.

وفى ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تمر بها منطقتنا بفعل المؤامرة الكبرى - عافانا الله منها - تتجلى عظمة وقيمة التكافل الاجتماعى الذى ترسى قواعده مبادئ وقيم إسلامنا الحنيف، وتعاليمه التي تحث على السعي في قضاء حاجات الناس وكأن المسلم قد سخره الإسلام لخدمة الآخرين، بل يتضح لنا أن المسلم يكسب طاقة إيمانية كبيرة تدفعه لتقديم ما يستطيع من خدمات للآخرين طمعا وشوقا لما أعده الله له من الأجر والثواب.

لقد وجهنا الله تعالى في الكثير من الآيات القرآنية للتعاون والتكافل، ومن أبرزها قوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى)، فهى تحثنا على المساعدة وبذل النفس والمال لمساعدة المحتاجين، وفي الحديث الشريف عن أَبِى سعيدٍ الْخُدْرِى قال: بينما نحنُ فى سفرٍ مع النبى صلى الله عليه وسلم، إذ جاء رجل علَى راحلة لَه، قال: فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَه يَمِينا وَشِمَالا، فَقَال رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَن كَان مَعَهُ فَضْل ظَهْر فَلْيَعُد بِهِ عَلَى مَن لا ظَهْر لَه، وَمَن كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَىَ مَن لا زَاد لَهُ». قَال: فذكر مِن أَصناف المالِ ما ذكر، حتى رأَينا أَنه لا حق لأَحد منا فِى فضل. "رواه مسلم"، فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحث كل من له حاجة زائدة من مال أو زاد أو وقت أو نصيحة يستطيع ان يبذلها لإخوانه أو أهله وجيرانه عليه ألا يبخل بذلك عليهم.

ولكن ما جزاء الذي يبخل ؟.. جزاؤه دخول النار. {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (180 / آل عمران).. {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (34 / التوبة)؛ هذهِ القطع الذهبية تحمى في نار جهنم، فتكوى بها جباههم وجنوبهم، {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ} (35 / التوبة).

إن خدمة الناس ومساعدتهم وقضاء حوائجهم عمل إنساني رائع، يغرس في نفوس المحتاجين الأمل في أن الأخوة الإسلامية أو الإنسانية مازالت قائمة، وأن المروءة مازالت حية فى نفوس الرجال، وأن التعاون والمحبة والتراحم هي من صفات خير أمة أخرجت للناس.

نحن على أعتاب شهر رمضان المعظم .. شهر البر والإحسان ومضاعفة الحسنات، فليت أغنياء المسلمين لا يبخلون على الفقراء، وإن أقرضوهم قرضاً حسناً فإن الله يضاعفه لهم، وإن تعسر الفقراء فى السداد، فإن الله تعالى يختبر صبرالأغنياء عليهم، واذكروا قوله تعالى: " وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ" (280 / البقرة).
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف