الأهرام
احمد عمر هاشم
فضل الصيام فى شعبان
لشهر شعبان منزلة عظيمة, وفضل كبير, ولذلك خصه الرسول صلى الله عليه وسلم بكثرة الصيام فيه, ومما لاشك فيه أن للصيام ثوابا كبيرا, وأجرا وافرا, فالصيام والقرآن يشفعان للإنسان يوم القيامة، يقول الصيام أى رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعنى فيه, ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعنى فيه فيشفعانس ولأهمية الصيام, ولمنزلة شعبان كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصوم أكثر شهر شعبان. قالت السيدة عائشة رضى الله عنه: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان, وما رأيته فى شهر أكثر منه صياما فى شعبان. وعن أسامة بن زيد رضى الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان, وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين, فأحب أن يرفع عملى وأنا صائم.

ويتضح من هذا الحديث ان حكمة تخصيص الرسول صلى الله عليه وسلم شهر شعبان بكثرة الصيام تتلخص فى أمرين: الأول: فهو شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان, ولاشك أن العبادة فى أوقات الغفلة تكون أكثر ثوابا وتكون لها أهميتها ـ لدلالتها على الإخلاص وزيادة التقرب إلى الله تعالي, ولذا كان لصلاة الليل وهى فى وقت الغفلة ونوم الناس اكبر الأثر وعظيم الثواب فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون, وأما بالنسبة للأمر الثاني: فذلك لأنه شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك معربا أنه يجب أن يرفع عمله وهو صائم. وهكذا نرى أن لشهر شعبان منزلة كريمة وضحها رسول الله صلى الله عليه وسلم, ووضح السبب فى كثرة صيامه فى هذا الشهر.

ومن أجل ذلك كان على المسلمين أن يغتنموا أيام هذا الشهر بالعبادة وبالتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بسائر العبادات وخاصة عبادة الصيام, اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم, وقد وجهنا القرآن الكريم إلى الاقتداء به حيث قال رب العزة سبحانه وتعالي: لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا.

وفى شهر شعبان من الله سبحانه وتعالى على عباده بليلة مباركة من ليالى استجابة الدعاء وهى ليلة النصف من شهر شعبان. كما جاء فى بعض الأحاديث الشريفة الصحيحة التى تحث على قيام ليلها وصوم نهارها لأن لربنا فى أيام دهرنا نفحات فينبغى أن نتعرض لها وذلك بالعبادة والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى وفى هذه الليلة ـ على أرجح الآراء ـ تحولت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة, ارضاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم, حيث كان الرسول عليه الصلاة والسلام, يقلب وجهه فى السماء متمنيا أن يحول الله القبلة إلى الكعبة المشرفة, فكان يكتفى بأن يقلب وجهه فى السماء, ولكنه لم يتلفظ بشيء مخافة أن يكون ما يطلبه مخالفا لمراد الله تعالي, فأدبا وتواضعا من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكتفى بأن يقلب وجهه دون طلب فأجاب الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم وحول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة, وأنزل الله تعالى قوله: زقد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره.

وما أحوجنا إلى اغتنام الأيام المباركة والإقبال على رب العالمين فيها بقلوب مخلصة, وتوبة نصوح, ودعاء نتوجه به إلى رب العالمين, ونحن موقنون بالإجابة, لأن رب العزة سبحانه وتعالى أمرنا بالدعاء فى كل وقت وحين ووعدنا بالإجابة فى القرآن الكريم, حيث قال الله جل وعلا: وقال ربكم ادعونى استجب لكم فما بالنا حين يكون الدعاء فى مواسم الرحمات وأوقات الفيوضات؟ لا شك أنه يكون أرجى للقبول.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف