الوفد
حازم هاشم
مكلمخانة- «يجوز» التي تفتح الأبواب الخلفية!
نعرف جميعاً أننا نملك ترسانة ضخمة من القوانين ومكملاتها وتعديلاتها مما لا تعرفه بلدان أنحاء الدنيا!، وهذه الترسانة المصرية القانونية قد تضخمت عبر حقب طويلة منذ أن أصبحت لدينا دولة، ومما يستوقفني عند قراءة مواد أي قانون أو قرار وزاري أو قرار جمهوري أن هناك عبارة تذيل بها هذه كلها بعبارة «ويجوز للوزير المختص»!، وبعد هذه العبارة يتبين لي إذا ما استكملت ما ورد بعدها أن ما أجيز للوزير المختص يهدر ما سلف من محظورات وممنوعات ومحددات!، ولعل في كلمة «ويجوز» وما يأتي بعدها المفتاح الأساسي الذي يفتح الأبواب الموصدة بهذه القوانين والقرارات، وهي في أغلبيتها ماسة بمصالح ومنافع خاصة بالمواطنين الذين يصطدمون بالقانون والقرار الذي لا يمكنهم من الحصول علي ما يريدونه من المصالح والمنافع!، لكن الأمر في مجمله يتعلق بالمسئول الذي أجاز له ما ورد في ذيل القانون والقرار أن يسمح بما هو غير مسموح به، ومنح ما لا يمكن منحه ما يوافق المسئول الذي أجيز له أن يمنح ويمنع!، وكثيرا ما صادفني في نشاطي الصحفي المهني الكثير من القضايا التي دارت حول التوصل إلي أسباب منح الاجازة لأحدهم، ومنع آخر من الحصول علي هذه الإجازة، وكنت دائماً أقع علي الأسباب التي أدت إلي ذلك، وتتلخص الأسباب في مفتتح عبارة «ويجوز» التي مررت ما لا يمر، وأغلقت الأبواب كلها في وجه من أراد المرور!
ولم يقتصر الأمر علي جواز تمرير ما أقره القانون في نصوصه الأولي!، بل نلاحظ أن جواز التمرير قد أصبح في بعض القضايا التي وصلت إلي المحاكم ـ خاصة في مجال التعديات علي أراضي الدولة وسرقتهاـ أن البعض قد سعي إلي تملك بعض الأراضي المخصصة للاستزراع، فلما تم له ما سعي إليه إذا به يتنكر للغرض الذي خصصت الأرض له!، وقام هذا بتحويل الأرض إلي أراض فضاء قسم قطعاً للبناء عليها سواء لحسابه أو بيعاً للغير!، حتي إذا أثيرت قضية قطعة الأرض برزت التراخيص التي استخرجت بناء علي ما أجازه مسئول سوغت له عبارة «ويجوز» أن يجيز أعمالاً معاكسة للقانون الذي نظم في الأصل عملية تخصيص الأراضي للراغبين في استزراعها، لكن الذي وقع كان شيئاً آخر!، جعل العثور علي ما يجوز ومن يجيز يخلق واقعاً جديداً يستحق الجهد الذي بذل وفوقه قبلة لكلمة "يجوز" ومن أجازت له.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف