الأهرام
سناء البيسى
الجسر والجسارة
كان من ضروب المستحيلات تحقيق أمنية الطفولة عندما أطل من نافذة صالة بيتنا لأحادث صديقتى وجارتى التى تضطر للوقوف مسمرة قبالتى ساعات في شرفتها، والمسافة ما بيننا لا تتعدى مترا ونصف في الهواء، لنظل نحلم معاً بمعجزة كوبري صغير يأخذنى إليها في خطوة ويحضرها لى في غمضة عين بفستان البيت، ومن غير كلِبسات شعر تلملم الكمبوشة، ولا حذاء يعقر القدم، ولا إِذن مسبق بعد محايلة ومسكنة واستعطاف من الست الوالدة، ولا اضطرار للنزول علي سِنجة عشرة خمسة أدوار والدوران من بعدها حول الناصية البعيدة فايتة على سبع عمارات للعودة العكسية بنفس طول المسافة حتي الوصول لباب عمارة جارتى الساكنة قصادي لأطلَع لها درجات سلم خمسة أدوار رخام بالبسطة العريضة في كل دور، وأضرب الجرس وأنتظر حتى تفتح لى الشغالة لتنادى عليها أم صاحبتي من الداخل.. مين يا نبوية؟! تقول لها: بنت الجيران يا ستى.. تقوم تقول لها: عايزة حاجة؟! ترد عليها نبوية: عايزة الست الصغيرة.. تقوم تقول لها: روحى ناديها تشوفها عايزة إيه؟!.. ونقف أنا وبنت الجيران ع البسطة أو تدخلني لشرفتها لأتخيل صورتى في شباكها... ونكبر ونتلهى وواحدة تتجوز والثانية يتكلموا عليها، ونعزّل من الحى كله ويشيخ البيتين بدون إقامة كوبرى وشائج الوداد والقُرب.... واتخرج في الجامعة وينتقل بى العمل الصحفي من أخبار اليوم للأهرام في مبناه القديم بشارع مظلوم، ثم لمبناه في شارع الجلاء، ثم للملحق الذى يضم إصدارات الأهرام المختلفة، ليتم تسكين مجلة نصف الدنيا بالدور الخامس منه، ويستدعينى على عجلٍ رئيس مجلس الإدارة الأستاذ إبراهيم نافع من مكتبه المبطن المريح فى المبني الرئيسى ببرج الدور الرابع، فيكون لزامًا علىّ استعدادا لرحلة الشتاء والصيف الهبوط فوق الدرجات أو فى زحام الأسانسير، ثم الدخول في معترك السيارات والموتوسيكـلات والخلق الماشية والراكنة عند الخروج لشارع الجلاء، وبعدها المشى علي الرصيف بطول الزجاج الفوميه للمبنى، ثم الدخول فى خيمة الكشف عن المتفجرات في البوابة الرئيسية، ثم انتظار الأسانسير ذى الأرقام الزوجية.. و..من بعد اللهاث والتقاط الأنفاس مرات ومرات.. قلتها له مرة.. الأمنية.. ماذا يا سيدى لو أقمتم جسرًا ما بين البنايتين لتسريع العمل وحقوق الإنسان وتسهيل الحياة وتقليل المرمطة، خاصة وأن فى خطط مشروعاتكم التوسعية المبنى الثالث والرابع.. و..عشت ومشيت من فوق كوبرى الأهرام الداخلى وإن كان الخامس في المبنى الجديد يقابله السادس أو السابع ــ علي ما أظن ــ فى القديم، وأظل أتسول في المؤسسة المجنحة ــ التى رحل غالبية نجومها ومن بقي علي قيد الحياة أحيل قسرًا للتقاعد بحجة ضيق ذات اليد، مع تذبذب النيات في إصدار قانون أخلاقي ومُلزم للصحافة والإعلام ــ ابن حلال يقود توهانى عبر فروق الأدوار فمهما انتظرته فذلك أهون بكثير من المشى البهلوانى علي أرض الشارع المهين للوصول من مكتب إلي مكتب داخل مؤسسة واحدة!

ومن هذا المنطلق أعد نفسى أكثر الجمع سعادة بجسر الملك سلمان الذى أطلقتُ عليه علي الفور اسم «خاتم سليمان» صانع المعجزات... جسر المودة والجسارة في اتخاذ القرار ليعود بالمنفعة علي الجانبين فى الغد، وأمد يدي أسلم عليك باليد، وتمد خطوتك فركة كعب تبقي عندى السبت من قبل الأحد، وتعيش مصرنا منظومة سياحة جديدة بالعربة والقطار والأوتوبيس السياحى الذى تعتمد علي مثلها فرنسا في 85٪ من دخلها السياحى.. الجسر الحلم الذى إلى جانب كونه الأضخم علي مستوى مشروعات الطرق في العالم، والذى سيمتد بخطواتنا الحرة فوق جزيرة الأمل بعرض البحر الأحمر، فلا الرايحة للنبي الغالى في حاجة لمطار وإقلاع وربط الحزام وشخط المضيفة والساندوتش البايت والعصير الصناعى والأرجحة على كف عفريت في مطبات الهواء، ولا الرجعة مغسولة الذنوب من بعد التلبية والطواف والسعى ورمى الجمرات وجلب ماء زمزم تبركًا هي الأخرى في حاجة لركوب الهواء.. ولا أنا فى حاجة بعد الحبل السرى الوليد لكفيل أو فيزا وكسر النِفس في انتظار يحطم الأعصاب لا يُدخلنى في قرعة حج، فالإقامة على الناحيتين عندنا وعندهم خضراء ببطاقة خضراء لى أنا وعيلتى.. واللي يحب النبى قدامه الجسر مفتوح بطول البحر رايح جاى. وجسر المحبة حبّة حبّة سيكون في عرف الزمان سكة سفر لمصير واحد مشترك يخطط لدولتين شقيقتين لعام 2030 وهى المرة الأولي لخطة مستقبلية قائمة على قواعد اقتصادية صلبة وسليمة وليست مبنية على عواطف وأمنيات وشجب لأعمال العدو، ومما يجعل أسباب نجاحها مضمونة وغير قابلة للفشل أن الدولتين واقعتان تحت الضغوط الداخلية والخارجية لهما مما يوجب التنفيذ.. جسر الأحلام الجارى تحقيقها فوق الماء الذى قال عنه بالأمس ولى ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان «أن البضائع سوف تمر على الجسر الذى يمثل أهم معبر برى في العالم بمئات المليارات، وأن البطاقة الخضراء (الجرين كارت) ستمكن العرب والمسلمين العرب من العيش طويلا في المملكة».. ومن المتوقع والجَزْم قائم الآن برباعية المصير من بعد دخول دولتى الإمارات والبحرين سلك منظومة المحبّة.. ولقد عجبت أخيرًا من أمر الناصريين الذين يدّعون الناصرية أكثر من هدى ابنة عبدالناصر نفسه، فيشنون الآن عليها حملة شرسة بلا هوادة علي مواقع التواصل الاجتماعى لنشرها العديد من الوثائق التاريخية التي تثبت سعودية جزيرتى تيران وصنافير، وذلك من خلال بحثها في أوراق والدها ووزارة الخارجية في عهده، وما قامت به هدي ليس إلا من منطلق حر أمين صادق يعود إلي مكونات دماء ناصر الحقيقية وليس ادعاء وارتزاقا في عروقها!

جسر سليمان للمشروعات المصرية السعودية العملاقة التى يصل حجم التبادل التجارى فيها إلي 200 مليار دولار والتي تعد من مقومات أرض فيروز جديدة لما لها من أثر إيجابى للتنمية الاستثمارية، ليس لسيناء فقط بل لمصر والسعودية معاً وقارتى آسيا وأفريقيا والعالم أجمع.. سيناء التى قال عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الذكرى الرابعة والثلاثين لتحريرها أنه قد آن الأوان لتنعم بثمار تحريرها وأن تشهد حضارة ونموا وعمرانا يحقق آمال أهلها.. قالها ونصدقه.. قال إن أنشطة الجماعات الإرهابية تنحسر الآن في سيناء.. قالها ونصدقه.. قال إن مصر تبذل قصارى جهدها من أجل تحقيق السلام الشامل والدائم في منطقة الشرق الأوسط.. السلام الذى يقضي علي أحد أهم الذرائع التى تستند إليها التنظيمات الإرهابية ليس فقط لتبرير أفعالها ولكن أيضاً لاستقطاب عناصر جديدة إلى صفوفها.. السلام الذى يفتح أبواب الأمل ويدعم تحقيق التنمية وإرساء الأمن والاستقرار للأجيال القادمة.. و..تظل استعادة سيناء بالحرب ثم بالتفاوض المضنى تمثل ملحمة وطنية رائعة ومصدر فخر للأمة المصرية والعربية.. ليقول السادات فى خطابه للأمة بعد الحرب «لقد أحدثنا في إسرائيل زلزالا».. سيناء التي أعادتها إسرائيل لنا بخلع الضرس وكان من بين مطالبها الاستفزازية أن تكون الألف واللام ذريعتها الأولى للانسحاب من أراض محتلة، وليس من كل الأراضى المحتلة، مستندة على قرار الأمم المتحدة رقم 242 لسنة 67 الذى يشير إلي أن تنسحب القوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة التي احتلتها بعبارة lands occupied ولم يقل the lands occupied وفى ذلك فارق كبير، حيث تعنى الأولي أراض محتلة، بينما تعنى الثانية كل الأراضي المحتلة، وتلك حيلة من قام بصياغة القرار الثعبانى وهو اللورد الإنجليزى ويلنجتون، فإذا استطاعت إسرائيل بتلك الصياغة أن تبقى علي جزء من أرض مصر فيمكنها أن تبقى كذلك على جزء من أراضى سوريا ولبنان أيضاً... وعلى الدوام كان الإنجليز وراء كل مؤامرة على مصر لصالح إسرائيل فمن بعد وعد بلفور وقيام إسرائيل قررت الحكومة البريطانية أثناء معارك حرب فلسطين أن تبعث بقوة عسكرية بريطانية للمرابطة في منطقة «أم الرشراش» المطلة على البحر الأحمر (موقع ميناء إيلات الإسرائيلى فيما بعد) وكانت القوة البريطانية التي وصلت جزءا من كتيبة بريطانية في الأردن، ويومها كان التفسير الذى قدمته بريطانيا هو أن المنطقة تلك بموقعها الفريد علي البحر الأحمر منطقة استراتيجية مهمة بالنسبة لمواصلات الإمبراطورية، وأن وصول أى قوات محاربة في فلسطين إلي هذه النقطة يمكن أن يكون تهديدًا لا يحتمل لسلامة خط الاتصال الإمبراطورى. وفجأة في فبراير 1949 انسحبت القوات البريطانية من أم الرشراش وسلمتها لقوات الجيش الإسرائيلى الذى لم يستطع الوصول إليها بالحرب وإنما بترتيب خاص وهادئ مع السياسة البريطانية. وكان الهدف إغلاق كل سبيل للاتصال البرى بين مصر وبقية الدول العربية في المشرق، بل الفصل البرى الكامل بين العرب في قارتى أفريقيا «بما فيها الشمال الأفريقى كله وآسيا»!!

وكان من المطالب الاستفزازية لإسرائيل في مفاوضات الكيلو 101 لفض الاشتباك إصرارها علي وضع نظام رادار «إنذار مبكر» علي جبال سيناء لرصد تحركاتنا حتي عمق الفيوم.. وكان ردنا ــ طبعاً ــ «محال»؟؟ وخلال الانسحاب النهائى لإسرائيل فى عام 82 تفجر الصراع حول طابا ليُحال الأمر إلي التحكيم الدولى، وفي 30 سبتمبر 1981 أعلنت هيئة التحكيم في برلمان جنيف حكمها في قضية طابا بأنها أرض مصرية مائة فى المائة..

الصفاقة الإسرائيلية التى نشرت عنها جريدة «جيروزاليم بوست» في ديسمبر 1956 من أن الحكومة الإسرائيلية سوف تتقدم إلي الأمم المتحدة في 6 يناير القادم ــ وقتها ـ طالبة أن تدفع لها مصر تعويضا عن الأضرار التي لحقتها من أعمال الفدائيين وما إليها قدره 250 مليون استرلينى.... وعادت ريمة لعادتها القديمة ليطالب اليهود بطرق غير رسمية ومتكررة بدفع تعويضات عن أملاكهم في مصر بعد هجرتهم إثر ثورة23 يوليو52 بلغ قدرها5 مليارات دولار في3500 قضية ويعود هدفها الرئيسي من تلك القضايا إثبات أن الفلسطينيين ليسوا وحدهم أصحاب حق العودة، بل اليهود أيضا، ومن هنا فالحل سيب وأنا سيب، أي تخلي الفلسطينيين عن حقوقهم مقابل الحقوق التي تخلي اليهود عنها وهي ممتلكاتهم، فكـلاهما ضحية.... وأطلقنا مبادرتنا لجميع جهات البحث والتقصي بإعداد دراسة وافية أجريت بشكل شامل ودقيق ومستمد من البيانات الرسمية لدي الجانب المصري والشركات الأجنبية للكشف عن ثروات مصر المنهوبة من إسرائيل، وذلك بموجب المادة الثامنة من معاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل في مارس1979 والتي ذكرت: يتفق الطرفان علي إنشاء لجنة مطالبات للتسوية المتبادلة لجميع المتطلبات المالية، وأن الإدارة المصرية لتطالب بتفعيلها علي الفور.. وخرجت الدراسة الوافية بتقرير من750 صفحة من الحجم الكبير مرفق به190 خريطة جغرافية بيانية للأراضي المصرية التي تناولها التقرير، وكان علماء الآثار المصرية قد قاموا بتجميع المعلومات عن الآثار التي سرقتها إسرائيل من سيناء بعد توثيقها بمساعدة علماء ومعاهد في الدول الأوروبية وجمعها في17 مجلدا..... وفي سرية تامة تقدمت القاهرة بطلب للجهات المختصة في الأمم المتحدة في عام2005 أكدت خلاله علي حق مصر الحصول علي تعويضات تبلغ500 مليار دولار بسبب احتلال إسرائيل شبه جزيرة سيناء التي تمثل6% من مساحة مصر وتعطيل كل سبل الحياة والتقدم فيها، وكذلك مدن السويس والإسماعيلية وبورسعيد والدلتا خلال فترات عدوان الحروب الإسرائيلية علي مصر..

التقرير كان لاتخاذ قرار سياسي دولي إما للكشف عنه، أو إبقائه طي المباحثات السرية، وحتي الآن لم يزل طي السرية، وإن حُق له ألا يطل برأسه فقط، بل أن يقف في المواجهة سافرا متسيدا في ساحة الحق والعدل والقانون.. يقظة التقرير رصدت قيام إسرائيل بقتل250 ألف مصري مدني وعسكري خلال حروبها علي مصر، إلي جانب إحداثها إصابات بحوالي مليون مواطن آخر من سكان سيناء ومدن القناة والدلتا ومن خاضوا الحروب المصرية، وللمرة الأولي تطالب مصر إسرائيل في تقريرها الحاسم بالتعويضات لجميع الأسري الذين قتلتهم خلال الحروب بدم بارد، ويؤكد التقرير للمرة الأولي حدوث عدة مذابح مرفقة بأسماء وبيانات ما يقرب من 15 ألف مصري مدني وعسكري قتلتهم إسرائيل... و..وفقا للتقرير فإن إسرائيل قد دمرت القوات الجوية المصرية في عام1967 دون سبب ودون اعتداء مصر عليها مستندة علي الادعاء بأن تصريحات جمال عبدالناصر النارية أقلقتها ودفعتها لشن الحرب، واتهمت مصر إسرائيل بتدمير البنية التحتية بالكامل لسيناء ومدن القناة، كما دمرت قطع القوات البحرية المصرية في البحرين الأحمر والمتوسط، دون تهديد منهم مباشر لقواتها... كما يوجد بالتقرير اتهام ضد إسرائيل بأنها جففت30% من آبار المياه العذبة في سيناء حتي تحدث تغييرا علي الأرض في التجمعات السكانية التي تتجمع حول المياه، وبذلك تم إخلاء عشرات القري بتلك الطريقة تمهيدا لتكريس الاحتلال الإسرائيلي لسيناء، كما أنها استغلت أعوام الحرب والاحتلال الطويلة وقامت ببناء شبكات عميقة للغاية من أنابيب المياه الجوفية ــ طبقا لما كشف عنه الخبراء علي الطبيعة في التقرير ــ التي لم تزل تمثل30% من مصادر المياه التي تحصل عليها إسرائيل بلا مقابل بسبب البنية الجغرافية للأرض في سيناء التي تنحدر ناحية إسرائيل بشكل طبيعي، كما أنها أقامت مراكز لتجميع المياه تحت الأرض علي الحدود المصرية... ووفقا للتقرير المطالب بتعويضاتنا من إسرائيل فإنها كانت قد عطلت أثناء احتلالها منذ عام1967 إلي1982 كل موارد سيناء السمكية علي السواحل مع البحر المتوسط، والبحر الأحمر، وخليج السويس، وهي تشكل30% من مساحة السواحل المصرية مجتمعة.. كما دمرت إسرائيل الشعاب المرجانية المصرية، ونقلت40% من الحياة البحرية بطريقة إعادة زراعتها حول شواطئها، كما استغلت كل منتجات البترول المستخرجة من سيناء لخدمة عجلة الحرب والصناعة والاقتصاد الإسرائيلي عن الفترة ذاتها، كما أفرغت سيناء من الحياة البرية، واستولت علي سلالات كاملة من الحيوانات، بينها الغزال والوعول، وحتي الثعابين السامة أخضعتها لمصانع إنتاج الأدوية والسموم، وصدرتها إلي أوروبا، كما قتلت الذئاب والثعالب لاستخدام فرائها..

واستغلت إسرائيل أراضي سيناء في الزراعة، حيث زرعت زهورا صدرتها بمئات الملايين من الدولارات، محققة في فترة الاحتلال من زراعة الورود فقط2 مليار دولار.. وأشار التقرير إلي سرقة إسرائيل لربع ثروة سيناء من الصخور الثمينة والرخام في عمليات تعدين ونقل غير مسبوقة، وأخلت منجمين للذهب وأفرغتهما من محتواهما بالكامل، وحتي الرمال سرقتها إسرائيل بملايين الأطنان من سيناء للاستخدام الصناعي والتجاري، خاصة في الصناعات الزجاجية، وباعت علي مدي أعوام الاحتلال صخورا وأحجارا صناعية بما يعادل49 مليار دولار بسعر اليوم طبقا لتاريخ التقرير الذي أشار إلي أن جامعات إسرائيل بمساعدة جيشها قد دمرت الكنائس بشمال سيناء، وفي طور سيناء دمرت المنطقة الأثرية برأس راية التي تحتوي علي قلعة إسلامية من العصر العباسي، والتي استمر دورها الحضاري حتي العصر الفاطمي، وقاموا بأعمال حفائر بقلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون بطابا التي شيدها صلاح الدين عام1711 ميلادية لصد غارات الصليبيين، وحماية طرق الحج... وأضافت البيانات الواردة في التقرير استيلاء سلطات الاحتلال الإسرائيلي علي المعدات الخاصة بمنجم المغارة لإنتاج الفحم في شمال سيناء، حيث قامت بتفكيكها ونقلها إلي داخل الأراضي المحتلة دون سند قانوني، وقامت بعمل حفريات في أكثر من35 موقعا أثريا بطرق غير علمية للحصول علي آثارنا للاتجار بها، وقامت إسرائيل بتدمير مسرح البيلوزيوم الذي يعد من أكبر المسارح الرومانية بجانب كنائس وحمامات وقصور تقدر مساحتها بنحو3 كيلومترات مربعة بشمال سيناء، عندما استخدمت المنطقة الأثرية كمعسكر لجنودها وآلياتها.. وقامت قوات الاحتلال بتعطيل الملاحة البحرية الدولية في قناة السويس ـ منذ5 يونيه1967 حتي5 يونيه1975 عندما أعاد الرئيس السادات افتتاحها من جديد ــ لتحرم مصر من مئات الملايين من الدولارات..

وفجر التقرير مفاجأة من النوع الثقيل بتأكيده أن قوات الجيش الإسرائيلي نهبت كل فروع البنوك المصرية التي كانت موجودة في قطاع غزة قبل يوم5 يونيه1967، ومنها البنك الأهلي المصري فرع غزة، وبنك الزراعة الذي سرقت خزائنه بالكامل لتوزع علي قادة الجيش الإسرائيلي في أكبر عملية سطو عسكري في التاريخ الحديث.. وتطالب مصر في تقريرها علي الجانب الآخر بتعويض قدره100 مليار دولار عن ضررها في قطاع السياحة فقط التي توقفت تماما خلال فترة احتلال إسرائيل لسيناء، كما كشفت عن استيلاء قوات الاحتلال الإسرائيلي علي نحو165 مليون برميل زيت و70 مليار قدم مكعب غاز تقدر قيمتها بنحو7 مليارات دولار بأسعار فترة الاحتلال الممتدة من1967 حتي..1979 وجاء في فصل كامل بالتقرير ما قامت إسرائيل بزرعه من ألغام أرضية بلغت2% من مساحة شبه الجزيرة، وأن تلك الألغام لاتزال مزروعة، ولم تسلم إسرائيل خرائطها لمصر، مع العلم بأن معاهدة السلام نصت علي ذلك فورا.. و..حتي جثامين الموتي من الرهبان بالمقابر الأثرية بمنطقة وادي فيران والتي يعود تاريخها للقرنين الخامس والسادس الميلاديين لم تسلم من السطو الإسرائيلي علي سيناء الغالية التي امتثلت رغما عنها لنهش ضباع الصهيونية الملتاثة تبعا لتخطيطها الجهنمي لطمس هويتها وتزوير تاريخها وسرقة آثارها تمهيدا لصبغها بالصبغة اليهودية ليكون ذلك ذريعة للعودة، لتحقيق حلم إسرائيل الكبري.

و..تنقل طائرات الهليكوبتر الإسرائيلية العسكرية من منطقة أطلال سرابيط الخادم في جنوب سيناء مسلة فرعونية ومجموعة كبيرة من الحجارة الأثرية الثقيلة الوزن في حضور اثنين من ضباط الرتب العالية هما ييكوئيل آدم وأوزي ناركيس ومشاركة العديد من الجنود لتوزع المسروقات ما بين الجامعة العبرية ومجموعة موشي ديان الخاصة الذي سأله الصحفي الإسرائيلي لافي لابرام كوهين حول أحقية إسرائيل في تلك الآثار المنهوبة فأجابه ديان: إنها قطع نادرة حقيقة ولها قيمة فنية عالية، لكن المصريين لا يعيرونها اهتماما أو رعاية، وبدلا من تركها في مكانها لعوامل الدمار فلنضعها نحن بكل التوقير في محراب متحف!!..

ويسأل ضابط إسرائيلى ضابطاً مصريا في يوم تسلم مصر آخر شبر من أرض مصر «طابا» ما الذى ستفعلونه في سيناء بعد استلامها كاملة؟ فأجاب ابن مصر «سنُعمرها وسنزرع كل شبر فيها بالبشر، وسنبنى فيها المصانع والمدارس».. لكن سيناء على مدى الأربعة والثلاثين عاما من بعد تحريرها لم تحصل على نتيجة توازى أبدًا ما بُذلَ من أجلها من تضحيات، ولتكرار المعاناة كثيرا ودوماً بات من الظاهر أن المسألة فيها «إنَّ»، أى تعمد، ووجهات نظر خارجية تضغط علي صانع القرار لتبقي سيناء ميدانًا مفتوحاً للحروب والصراعات والأطماع، ويعيش أهل سيناء تحت الرصاص يضحون من أجل الوطن ليتهمهم الإعلام المضلل بالبيئة الحاضنة للإرهاب فيدافعون عن أنفسهم بأن منفذو غالبية العمليات الإرهابية من محافظات أخرى غير سيناء.. و..ها قد فعلها الرئيس السيسى.. ونصدقه.. في التنمية الحقيقية لسيناء على أرض الطبيعة، حيث دخلت أخيرًا الحفارات العملاقة مواقع الأنفاق الجديدة تحت قناتى السويس لربط سيناء بالوطن بالشكل الذى تستحقه خاصة بعد رصف وتعبيد 2000 كيلو من الطرق لتهيئة المناخ للتدفقات الاستثمارية المتوقعة خلال الفترة المقبلة.. ويهمس أحد أبناء سيناء في أذن المسئول: «هناك مستعمرة زراعية علي الحدود كانت إسرائيل تطلق عليها اسم (ياميت) تعد من أفضل الأماكن لإنتاج الفاكهة وقد دمرتها إسرائيل غِلا وشرًا وحقدًا قبل انسحابها منها، فلماذا لا تتم إعادة تعميرها مع خطط الإعمار الجديد، حيث تنتج أفضل أنواع العنب في العالم بشهادة الجميع».

ولا نجد غيرها.. ولا نأسف بألاّ هناك غيرها.. فغيرها لن يهز المشاعر مثلها.. ولن يكون أبدًا مثلها.. أغنية شادية مصر وسيناء والعرب، من كلمات عبدالوهاب محمد ولحن جمال سلامة.. أغنية الغبطة والبهجة والكرامة والجلوس فوق منصّة السحاب عندما تمتلئ الشادية المصرية بزخم عواطفها تجاه وطنها فيرتفع عنقها وتشمخ بأنفها لتهتز خصلاتها مع حركة تألقها:

سيناء رجعت كاملة لينا ومصر اليوم فى عيد





الطريق إلي الهند

إذا ما كان البرلمان قد وافق أخيرا بنسبة تقارب الأغلبية علي بيان الحكومة فلتمض القافلة فى مسيرتها واضعة في الاعتبار أن المعارضين ليسوا من يغرسون الأظافر في لحم الوطن، ولا من يستحقون تركهم ينبحون، واصطناع الطاعة لا يقل ضلالا عن تصيد الخطأ، والنائب ليس موظفا ولكنه صاحب ضمير وبالتالي لا يستطيع أحد إجباره علي التصويت فيما لا يرغب.. ومن هنا فليست بنود البيان آيات منزلة بما يوجب عليها أن يكون لها أذن صاغية وعيون مفتوحة وعقل مستنير وقلب كبير لكل ما يجد علي الساحة من جديد ومفيد، مثل الذى أعلن عنه وزير الكهرباء الهندى فى الأسبوع الماضى من رغبة الهند في المساعدة المجانية لجميع الدول النامية في آسيا وأفريقيا والمحيط الهادى لإنتاج طاقة نظيفة، وتوطين التكنولوجيا مجانا لشعوب تلك الدول، حيث ثبت للـهند علي الطبيعة وفي خلال عام واحد فقط، ونتيجة لسرعة تطور التكنولوجيا وبرؤية غير قابلة للنقاش أن الطاقة الشمسية أرخص بكثير من جميع أنواع الطاقة الأخرى، حتى أنه سينتج 20 جيجاوات هذا العام «فقط» من الطاقة الشمسية بما يماثل تقريبا إنتاج مصر من جميع إجمالى الطاقة لديها، ويؤكد الهندى الوزير أنه خلال الأعوام الثلاثة المقبلة سيكون إنتاج الطاقة الشمسية أرخص بكثير من إنتاج الفحم «أرخص أنواع الطاقة»، ويبرئ الوزير الطاقة الشمسية من الاتهام بارتفاع أسعارها علي المصادر الأخرى وذلك بوجوب استخدامها نهارا لتشغيل المصانع والمنشآت مع استغلال فروق التوقيت في شبه القارة الهندية عامة كمثال..

وصرح الوزير أثناء مغادرته نيودلهى إلى نيويورك للمشاركة فى مؤتمر المناخ يوم 22 ابريل الماضى بأنه يريد كسب المساندة لتكوين تحالف دولى للطاقة الخضراء مؤمناً بأن الغرب يقاوم الاتساع فى هذا المسار متهما الدول الغنية بأنها تقدم مشروعات الطاقة الجديدة بأرقام ضخمة وأن الدول الفقيرة ــ التى يقفز فيها الدولار ببهلوانية الأكروبات ــ لم تأخذ أى مساعدات مجدية كى تزيد من طاقتها الخضراء.

فإذا ما كانت مصر تبعاً لبيان الحكومة التى نالت فى بقائها على مقاعدها ختم النسر تستهدف أن تكون الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 هى 30٪ من إجمالى الطاقة المنتجة، أفلا يكون من واجب وزير الكهرباء ــ المشهود له بالتيار السارى بلا انقطاع وموتور رفع المياه للدور السابع ــ تغيير خطة بيان الحكومة بناء على التطورات التكنولوجية السريعة المتلاحقة حولنا لتصبح على الأقل 50٪ وبما لا يفهم منه عدم تشجيع خطة الدولة في تنويع مصادر الطاقة. نووياً أو من جميع المصادر الأخرى.. ولماذا لا نكون ضمن التحالف الذى تنادى الهند لإقامته ــ وكانت لنا معها تجربة ناجحة ورائدة في تحالف دول عدم الانحياز ــ فنصدر يوماً الطاقة الشمسية إلى أوروبا... اطلعوا يا سادة من الصندوق.. اطلعوا من هدومكم.. اطلعوا شموا هواء الطاقة الشمسية النظيف.. شقوا جدران البيان.. روحوا السند روحوا الهند روحوا بلاد تركب الأفيال فالمتغيرات سريعة وفاتورة الكهرباء أصبحت مهزلة في أودة عم سيد البواب!!



شمسك الذهب

تشدو فيروز:

مِصرُ عَادَت شَمْسُك الذَهَبُ

تَحْمِلُ الأرضَ وتَغْتَرِبُ

كَتَبَ النِيلُ على شَطهِ

قِصَصَاً بالحُب تُلْتَهِبٌ

لَك مَاضٍ مِصْرُ إن تَذكُرى

يَحْمِلُ الحقَ ويَنْتَسِبُ

ولَك الحَاضرُ فى عِزْهِ

قِببٌ تَغْوَى بِها قِببُ

چِئتُ يامصر وچَاء مَعى

تَعَبٌ إن الهوى تَعَبُ

وسُهَادُ مُوچِعٌ قُلْتُهُ

هَارِبَاً مِنِّى ولا هَرَبُ

صِرتُ نَچْمَ الحِبِ أُحْصَى

إذا أُحْصِيَت فى الظُلْمَةِ الشُهُبُ

قَسَمَاً بالمُبدعِ سَبَبَاً يَا

حَبِيبِى إنَّك السَبُبُ

الحضاراتُ هُنا مَهْدُهَا

بعَطَاءِ المچدِ تَصْطَخِبُ

نَقَشَت في الصَخْر أسفارها

فإذا مِن صَخْرِكِ الكُتُبُ

مِصْر يا شَعْبَاً جَدِيدا غدٍ

صَوْبَ وَچْه الشمس يَغْتَرِب
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف