اليوم السابع
محمود سعد الدين
أين اختفى الاختفاء القسرى؟
على مدار الشهرين السابقين كانت قضية الاختفاء القسرى هى القضية الرائجة على مواقع التواصل الاجتماعى، وهى الكلمة الأكثر تكرارا لقطاع كبير من السياسيين القادمين من معسكر «المعارضة لأجل المعارضة».. هل حق لهم مناقشة قضية الاختفاء؟ طبعا.. لا مانع طالما فى ضوء الحفاظ على القانون وضمانا للحقوق والحريات.. ولكن أين اختفى الاختفاء القسرى من أجندة لغة أهل السوشيال ميديا ومعسكر «المعارضة لأجل المعارضة»؟ الحقيقة.. لا أعلم.. لكن ما أعرفه أن الضجة الكبيرة على القضية لدرجة أن منظمات أجنبية تدخلت ونادت بنفس القضية.. ثم الاختفاء الرهيب.. ليس له دلالة واحدة غير أن كلمة الاختفاء كانت «لعبة».. نعم.. «لعبة».. لأن الكلمة كانت وسيلة لتهييج الرأى العام.. وسيلة لاختلاق خلاف مع الجهاز الأمنى.. وسيلة لوضع الدولة فى حرج شديد أمام العالم الخارجى.. لأنه كيف تقنعنى أن كل أبناء معسكر «المعارضة من أجل المعارضة» يغردون فى نفس الوقت عن الاختفاء القسرى ثم يقفون دون اتفاق عن التغريد ويتناسون القضية، فلا تبينا من الحق فى قضية الاختفاء ولا تأكدنا من وجود حالات بالفعل لنتضامن معها وندافع عنها ونسعى وراء الكشف عن كواليس اختفائهم! الترتيب الزمنى لاختفاء قضية الاختفاء القسرى، بدأ مع تصاعد أزمة مقتل الطالب الإيطالى ريجينى وانتقل الاهتمام من «الاختفاء القسرى» إلى «ريجينى» واستبدلت التغريدات من «الاختفاء القسرى» إلى «ريجينى»، الغريب أن أزمة تيران وصنافير ظهرت بعد ريجينى، ولكن بقيت أزمة ريجينى مستمرة على عكس الاختفاء التام لـ«الاختفاء القسرى». الدلالات دائما تحمل مؤشرات للفهم.. هنا لا تقل لى، إن قضية الاختفاء هى قضية أصيلة فى الشارع أو لها ذيول عواقب سلبية يعانى منها قطاع كبير كما كان يسوق البعض، الاختفاء القسرى قضية روج لها البعض فى وقت فراغ سياسى لزيادة استعداء الشارع للأمن، وللتأكيد عندما كان بعض القيادات بالأجهزة الأمنية تخرج للإعلام وتتحدث عن عدم صدق وقائع الاختفاء أو أنها قضايا مختلفة أو حتى إنها صادرة من الجمعيات الممولة، كنا وقتها نرد بأن الأجهزة دائما ترفع شعار المؤامرة، فلم تعد تفرق بين ما هو واقعى وما هو مؤامرة، ولكن الحق يقال، بعد اختفاء الاختفاء القسرى، تتجلى الحقيقة أمامنا، نعم هناك وقائع اختفاء أشخاص عن ذويهم، ولكن ليست كالتى سوق لها البعض، ليست بالمئات فى كل المحافظات، هى وقائع فردية تستوجب من الدولة التحقيق فيها، ولكن باسم الاختفاء القسرى واجه البلد مؤامرة فعلا.. مؤامرة شارك فيها البعض بقصد.. والبعض بدون قصد.. من قصد ذلك يعلم فعلا أن الاختفاء القسرى وهم.. ولكن أصر على الترويج له ضربا فى الدولة وتشويها لصورتها لدى العالم.. أما من روج دون قصد.. فهو روج لإيمانه بأن المختفين يتوجب على الدولة الإفصاح عن أماكنهم.. والحقيقة أنه لا يلام أصحاب الفئة الأخيرة، إنما عليهم التعلم أنه ليس كل القضايا التى يرفع فيها شعارات حق، هى قضايا حق بالأساس، لأنه قد تكون قضايا باطل، ولكن يروج لها بشعارات حق للتزييف. قضية اختفاء الاختفاء القسرى درس لى كمحمود، شاب صحفى كان يؤمن بضرورة تحرك الدولة، وكان يلوم الأجهزة الأمنية على التقصير وكان يرفض أى وجهة نظر بأن الاختفاء القسرى وراءه «إن».. و«إن» كبيرة جدا، ويدعمه بعض شخصيات يتحدثون باللغة العربية بينما قلبهم وعقلهم فى الخارج. أخيرا.. من يجد إجابة يراسلنى.. أين اختفى الاختفاء القسرى؟ -
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف