الصباح
أحمد شوقى العطار
رسائل الإرهاب السرية لأوروبا
>>الأوروبيون رفضوا التدخل البرى فى سوريا..وداعش يطالب بإسقاط بشار من قلب فرنسا وبلجيكا
ندور دائمًا فى دوامة من التساؤلات حول مصادر تمويل الإرهاب؟ أسماء المنفذين؟، ملابسات العملية والأسلحة المستخدمة ؟ هوية التنظيمات الإرهابية وأساليبها ومخططاتها ؟
تتقطع أنفاسنا، وتستهلك قوانا فى الإجابة عن هذه الأسئلة -المهمة طبعًا- وتشغلنا التحريات والتحليلات والتقارير الأمنية حتى نصل فى النهاية إلى إجابات لا تتغير تقريبًا، التنظيمات هى هى، الأساليب والمخططات لا تختلف كثيرًا فى كل مرة عن الأخرى، هوية المنفذين وجنسياتهم لا تخرج عن نطاق جغرافى محدد، وبعد الانتهاء من الإجابات المرهقة للجميع، يعود كل شىء لأصله، وننسى تقريبًا ما حدث، وننسى أيضًا أن نسأل أنفسنا السؤال الأهم، والذى ينبغى أن يستحوذ على كل الاهتمام والتحليل والدراسة، ويحتاج لتحركات على الأرض فورًا.
ما الذى تريده التنظيمات الإرهابية من صناعة هذا الكم من العمليات الإرهابية فى أوروبا؟
هل من الحكمة أن نظن أن هذه العمليات نتيجة إفرازات عشوائية من عقول أتلفها التطرف الدينى كصراع بين الإيمان والكفر كما يردد المتطرفون بألسنتهم؟ أم أن الإرهاب فى أوروبا يحمل رسالة خطيرة ومهمة للأنظمة الحاكمة فى القارة الباردة وللشعوب أيضًا؟
وإذا كان الأمر كذلك فما الرسالة وماذا يريد الإرهاب من أوروبا ؟
1-بعد أحداث 11 سبتمبر بعام تقريبًا تبنى أسامة بن لادن علنًا مسئولية تنظيم القاعدة عن اعتداءات 11 من سبتمبر فى الولايات المتحدة، وذلك فى شريط صوتى بثته قناة الجزيرة الفضائية القطرية - الوكيل الحصرى لتسجيلات القاعدة - وتحدث بن لادن فى بداية الرسالة عن الأسباب والدوافع التى دعته لاختيار الولايات المتحدة لكى ينفذ فيها أحداث 11 سبتمبر.
مؤكدًا أن الاجتياح الإسرائيلى للبنان عام 1982 كان أول الأحداث التى جعلته يفكر فى ذلك، وأن القضية الفلسطينية تعد الدافع الرئيسى وراء تنفيذ القاعدة لهذه الهجمات.
والهدف كان الضغط على الولايات المتحدة من أجل حسم الصراع الفلسطينى مع الكيان الصهيونى المحتل.
بعيدًا عن نبل الهدف وإجرامية الوسيلة لكن فى كل الأحوال كانت رسالة بن لادن للعالم واضحة لا ريب فيها.
2-عشرات من العمليات الإرهابية وقعت فى سيناء منذ ثورة 30 يونيو لم تتوقف طوال ثلاثة أعوام تقريبًا ضد الجيش والشرطة.
كل هذه العمليات الإجرامية تبناها تنظيم إرهابى أطلق على نفسه «أنصار بيت المقدس»، ومنذ اليوم الأول الذى ظهر فيه هذا التنظيم، وهو يعلن للجميع من خلال فيديوهات مسجلة دوافعه وأهدافه وراء ما يمارسه من إجرام ضد جنودنا فى سيناء.
نستطيع إيجاز هذه الدوافع والأهداف فى كلمتين يمكن أن نعتبرهما رسالة واضحة من الإرهابيين لشعب مصر ومؤسساته.
3-الحكم.. نريد الحكم
على خُطى القاعدة وأنصار بيت المقدس تسير الجماعات الداعشية التى أصاب سرطانها جنبات القارة الباردة.
والرسالة هذه المرة مفادها
«سوريا.. نريد سوريا»
وجاءت هذه العمليات بعد أن فشلت الجماعات المتطرفة على أرض سوريا منذ 2011 وحتى الآن فى انتزاع سوريا من فم بشار وحلفائه فى روسيا وإيران، بل تحول الوضع على الأرض فى اللحظة الراهنة لصالح بشار وجيشه.
كما أخفقت التحركات الدولية التى تستخدم شعار الحرب على الإرهاب ستارًا لنواياها الحقيقية فى إسقاط بشار، وإنهاء الوضع فى سوريا لصالح الجماعات المتطرفة، وفشل التحالف الدولى الذى دشنته 32 دولة بقيادة الولايات المتحدة تحت شعار محاربة الإرهاب التأثير على وضع بشار الأسد داخل سوريا وإنهاكه تحديدًا بعد التدخل الروسى طوال الفترة الماضية الذى وقف عائقًا بين التحالف وبين أهدافه غير المعلنة فى سوريا، وكشف نوايا التحالف الحقيقية بتوجيه ضربات فعلية، وليست مصطنعة ضد داعش والجماعات المتطرفة، وأصبح الوضع الراهن بالنسبة لدول معينة داخل التحالف يحتاج إلى تدخل أكثر صرامة من ذى قبل قد يصل إلى تدخل برى يتم التخطيط له منذ عام تقريبًا مع محاولات الضغط على موسكو لترفع يدها عن بشار.
وكى يستطيع التحالف الذى تقوده الولايات المتحدة رفع حدة التدخل فى سوريا يحتاج إلى مساندة ودعم مباشر ومشاركة فعالة من أوروبا الممثلة داخل التحالف بـ 10 دول، وشهدت الشهور الماضية منذ تدشين التحالف رفض شعبى ملحوظ داخل أوروبا للتدخل البرى فى سوريا، فوفقًا لاستطلاع فرنسى أجراه معهد «بى فى أه» أكد غالبية الشعب الفرنسى معاداته لأى مشاركة لبلاده فى ضربة عسكرية موجهة ضد الحكومة السورية، وأن أكثر من 64% من الشعب يرفض أى تدخل عسكرى فى دمشق.
بينما عبر 35% من الفرنسيين عن خوفهم من أن أى تدخل عسكرى قد يؤجج المنطقة كاملة.
فى ألمانيا لم يختلف الوضع حيث أجرت قناة التليفزيون العامة «زد دى إف» استطلاعًا حول التدخل البرى فى سوريا، وكانت النتائج أن 58 فى المئة من الألمان يرفضون تدخلًا عسكريًا غربيًا فى سوريا.
ونفس الوضع فى إيطاليا وإسبانيا وبلجيكا آخر دول أوروبا التى ذاقت مرارة الإرهاب وتفجيراته منذ عدة أيام.
العمليات الإرهابية فى قلب أوروبا تستطيع أن تقلب الرأى العام الأوروبى رأسًا على عقب ليقبلوا غدًا ما رفضوه بالأمس، العمليات بمثابة رسائل للضغط على الحكومات والشعوب الأوروبية من أجل التحرك والتدخل البرى فى سوريا، وإسقاط بشار الأسد لتصبح سوريا بالكامل فى يد داعش والجماعات المتطرفة.
والرسالة تحمل تهديدًا واضحًا، إما أن تتدخلوا أو يستمر إسهال العمليات الإرهابية واللاجئين السوريين فى إزعاج القارة الهادئة منذ أكثر من نصف قرن.
الملمح الأخطر أن الإرهاب يقف فى نفس الصف مع دول بعينها، والأهداف أصبحت واحدة، وتتمثل فى إسقاط بشار، وتسليم سوريا للجماعات المتنازعة ليبدأ التفتيت الحقيقى، مما لا يدع مجالًا للشك أن الجماعات المتطرفة صنيعة أجهزة مخابرات دولية وإقليمية تسعى لإشعال المنطقة بأكملها.
من الواضح أن أوروبا خصوصًا مع تكرار العمليات الإرهابية سترضخ فى النهاية للشروط التى يمليها الإرهاب، ومن يدعمه من دول معروفة للجميع، وستقبل أوروبا بالحرب الكبرى فى سوريا التى قد تنتهى إلى شرق أوسط مفتت، ونظام عالمى جديد.
4- بحسب صحيفة الجارديان البريطانية ذكر الملك عبدالله عاهل الأردن أن تسلل الإرهابيين إلى أوروبا جزء من السياسة التركية، وأن أنقرة تبحث عن حل دينى فى سوريا، وتحاول استغلال أزمة اللاجئين، ودخول الإرهابيين إلى أوروبا من أجل تحقيق مصالحها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف