فيتو
عماد صبحى
..ومين مايحبش الإمارات
لماذا يعود كل المصريين من الإمارات منبهرين؟.. سؤال ألقاه في وجهى أحد الأصدقاء باعتبارى واحدًا ممن عملوا وعاشوا ثمانى سنوات في تلك الدولة التي تعد أكبر حاضنة للإنسانية جمعاء، وبوتقة لبشر ينتمون لـ220 جنسية من كل ألوان الطيف الإنسانى والاجتماعى والدينى والجغرافى واللغوى.

دفعنى السؤال لكتابة هذا المقال، وأزعم أن لدى مائة سبب لتفسير هذا الانبهار، غير أننى سأكتفى بالقليل من مشاهد الحياة اليومية هناك.

*في الإمارات إذا ذهبت مثلا لاستخراج رخصة قيادة لايوجد "الولد المخلصاتى" الذي يتقاضى منك 1000 جنيه ويأتى لك بها وأنت جالس على المقهى، دون أن يكون لديك معرفة بالفارق بين إشارة المرور الحمراء والخضراء، هناك تتعلم القيادة أولا، ثم تدخل امتحانا ليس فيه شبهة فساد أو مجاملة قبل أن تحصل على الرخصة، وقد ترسب مرة واثنين وعشرة طالما لست مؤهلا للقيادة حتى لو كنت ابن وزير.

* وجود سلعة في أي سوبر ماركت مر على انتهاء صلاحيتها يوم واحد كفيل بإغلاقه وتشميعه، لأن مسئولى الرقابة الغذائية هناك لا يتقاضون رشوة، ولايجرؤ صاحب المحل أن يعرض رشوة عليهم، لأن مصيره سيكون خلف القضبان.

* إذا صدمت سيارة شخص، لا يرفع صوته ولا يلوح لك بيديه، وإنما يمدها إليك -لا يمدها عليك- ليصافحك بكل ود، لأن جميع السيارات التي تسير في الشوارع مؤمن عليها إجباريا، ويتم إصلاحها في التوكيل مجانا، شرطة المرور تحضر في لحظات قليلة لتحرر لك محضرا في هدوء.

* أهلها طيبون، شعبها محب للمصريين بصدق، لا يشعر أي وافد أن هناك تمييزًا بينه وبين المواطن، عندما تذهب إلى أي جهة حكومية يحصل ابن البلد على رقم ويجلس إلى جوارك بتواضع شديد منتظرا دوره مثلك بكل أدب وبدون تعالٍ.

* الطب هناك ليس تجارة وإنما مهنة إنسانية بجد، عندما تدخل مستشفى للعلاج تشعر بآدميتك وإنسانيتك.

* هناك لا يمكن أن ترى عيناك سيارة واحدة تسير في الشارع تصدر عوادم سوداء، لأن المرور يرفض تجديد الرخصة للموديلات التي مر عليها عدد معين من السنوات، وبالطبع لا يوجد هناك "الواد محروس بتاع المرور" الذي يطلب منك المعلوم مقابل تجديد رخصة سيارتك المتهالكة بالمخالفة للقانون.

* كل سيارات التاكسى أحدث موديل، ولا يوجد شيء اسمه "العداد مش شغال"، ولا يماطل السائق في أن يمنحك باقى الأجرة حتى لو كان ربع فلس لأن إبلاغك عن مخالفته ستؤدى لـ "تفنيشه" وربما ترحيله إلى بلده.

* لايجرؤ شخص على أن يسير عكس الاتجاه، لأنه سيجد من أفراد الشرطة من سيخرج له من تحت الأرض ليلاحقه، ويلقى القبض عليه ويودعه في السجن.

* لا وجود هناك لبلطجية الأرصفة الذين يفرضون عليك إتاوة عندما تركن سيارتك دون أن يقدمون لك أي خدمة.

* لايوجد صراصير قذرة تسير في الشوارع اسمها "تكاتك" يقودها أطفال، لأن منافذ الدولة محكمة، ولا يجرؤ أي مستورد على تهريب توكتوك واحد بالمخالفة للقانون، هناك لا ترى عيناك شاحنات تسير نهارا، لأن القانون يحظر سيرها دون الثانية عشر ليلا والسادسة صباحا لكى لا تعطل ولا تربك المرور، وهناك رادارات تعمل ليل نهار لضبط إيقاع السرعات في الطرق.

* لا توجد طرق غير مرصوفة أو بها تكسير أو غير مخططة بالعلامات الإرشادية، الكل يسير في حارته ولا تجد من يمارس البلطجة عليك من سائقى الميكروباص مثلا، لأنه ليس هناك ميكروباصات لنقل الركاب من الأصل.

*إذا طلبت الشرطة تأتى إليك في ثوان، ولا تجد من يرد عليك بالقول "مش فاضيين للخناقات، لما حد يموت نبقى نيجى".

* لا صوت يعلو على صوت الهدوء، لا تسمع كلاكسات، لا باعة جائلين، لا بائعى أنابيب، لا كلاب ضالة، لا طرق مظلمة، لا زبالة في الشوارع.

الإمارات باختصار أجبرت من يعيش فيها على احترام القانون فاحترموه، بشعار "أنت حر مالم تضر"، هي دولة متكاملة الأركان والمعالم، وأبعد ماتكون عن الفوضى، هي بلد زايد عاشق مصر، وصاحب المقولة الشهيرة «النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي» التي دشنت معركة البترول التي خاضتها دول الخليج في حرب 73، وعندما قاطعت الدول العربية مصر بعد قمة بغداد بسبب اتفاقية كامب ديفيد ظل الرجل على تواصله مع مصر، الإمارات هي نصيرتنا وسندنا في كل المحن، وآخرها محنة مخطط الإخوان لتغيير هوية مصر قبل ثلاثة أعوام.

وما ذكرته من إيجابيات هو قليل من كثير، ربما يفسر حالة الحنين الدائم والعشق الأبدي بين المصريين والإمارات، فلم أر في حياتى مصريا عاش فيها إلا وشعر بأنها وطنه الثانى.

وأختم بمقولة لصديق مصرى قرر بعد ثورة يناير العودة مجددا إلى الإمارات بعدما غادرها" أنا عائد ليس من أجل المال، وإنما من أجل نمط حياة مريح ورفاهية لم أجدها في بلدى مصر التي أعشقها".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف