صباح الخير
نهى العليمى
امتلكى مفاتيح سعادتك
كلنا نبحث عن الحب فى حياتنا.. ونتوق للحنية والاهتمام.. ودائماً نجد المرأة هى من تشتكى من الحرمان خاصة بعد سنوات من العطاء والتضحية فى بيتها.. فتتمنى لو يتذكر زوجها «عيد جوازهم»، أو تطمئن ابنتها عليها بعد زيارة الطبيب.. أو تحتفل بها أسرتها فى عيد الأم، أو عيد ميلادها.

ولكن هل جربت عزيزتى المرأة أن تحتفى بنفسك؟ تكافئى نفسك على مجهودك كما تكافئين أطفالك على نجاحهم؟ هل فكرت يوماً أن تجعلى مفتاح سعادتك فى يدك أنت فلا تنتظرى من أحد كلمة شكر لإسعادك؟ للأسف ثقافة اهتمام المرأة بنفسها وتدليلها لنفسها فى مجتمعنا إما منقوصة تنحصر فى شراء بعض الملابس أو الذهاب للكوافير لتغيير لون شعرها.. أو مفقودة تماماً فتظل المرأة مشحونة ومتعبة ومرهقة وتبحث عن الحب والحنان أو الشكر والامتنان ممن حولها بالاستعطاف تارة أو بالخناق تارةً أخرى.. أو أن تركن للسكوت والانزواء فى بعض الأوقات وتظل حزينة تندب حظها وعمرها الذى فات.. فلماذا لا تبدئين بإيجاد حبك الحقيقى لنفسك؟ وتكتشفين شغفك بنفسك وتدليلها! فقد تجدين السعادة التى تبحثين عنها، وتعطين لنفسك ما تستحقينه، فهو خير احتفال بنفسك، سواء فى يوم المرأة، أو عيد الأم، أو عيد ميلادك، أو كل يوم.
• خليكى أم شريرة
لا تتفاجئى بالعنوان ففى كتاب دينيز سيكيبانى «قواعد الأم الشريرة mean mom rules قامت الكاتبة بتقديم سبع نصائح للأم لتكون أماً ناجحة حتى وإن أطلق عليها أبناؤها أو البعض شريرة؛ فأن تكون حازمة ولها قواعدها فهى بالفعل أم ناجحة وأن هذه القسوة لها مبرراتها وأنها من وراء قلبها وأول هذه القواعد أن التدليل والاستجابة لكل طلبات أطفالها تجعلهم غير قادرين على مواجهة الحياة وأن القواعد الحازمة فى الأكل الصحى والمذاكرة تسهل دورها ودورهم والدراسات أثبتت أن نشأة الأطفال فى بيت منظم بقواعد يجعلهم مستقلين وواثقين من أنفسهم ولكن ما استوقفنى أن إحدى تلك النصائح وأهمها: أن الأم يجب أن تعتنى بنفسها جيدا وتحب نفسها؛ لأن الأولاد يتعلمون منها التوازن وكيف يحبون أنفسهم ويعتنون بها وعلى النقيض فإن التفانى المبالغ فيه فى خدمتهم يخل بالمعادلة فيجعلهم يكبرون على الأنانية ولا يفكرون إلا فى أنفسهم.
• ماتنسيش نفسك
فى مؤتمر حول «صحة أفضل للمرأة» دار النقاش حول صحة الأم وكيف تؤثر على الأطفال وأن الاهتمام بصحة المرأة يبدأ منذ يوم ولادتها وأكد لى الدكتور علاء غنام رئيس قسم النساء والتوليد بكلية الطب جامعة عين شمس أنه من واقع خبرته أنه وللأسف المرأة المصرية لا تهتم بصحتها أبداً إلا فى فترة الحمل وهذا الخطأ بعينه لأن صحة المرأة تبدأ من أول يوم ولادتها.. وعلى الرغم من وصولنا لعام 2016 مازلنا نتكلم عن فوائد طبق السلطة وتناول الخضراوات للفتاة ولكن ثقافة الأكل الصحى غائبة عن مجتمعنا خاصة النساء والأمهات فتجدها تحضر طبق السلطة لأولادها وتهتم باستشارة الطبيب عند مرضهم.. وتنسى هى إمداد جسمها بالفيتامينات المهمة لجسمها أو استشارة الطبيب عندما تحتاجه، مع انها هى الاساس وصحتها هى ما تنعكس على صحة أولادها.
ومؤخراً انتشر أكثر من بوست على الفيس بوك عن إهمال الأم فى صحتها وكيف تجرى على الطبيب عندما يمرض أحد أولادها بينما تتكاسل عندما تتعب هى عن اللجوء للطبيب.. كيف تهتم بصحة أولادها وزوجها وغذائهم وتنسى أن تحضر لنفسها طبق سلطة مفيدًا أو صنفاً من الطعام تحبه.. وتنتشر النصائح بين جيل الأمهات الصغيرات للموازنة بين الاهتمام بالبيت والزوج والأسرة والاهتمام ببشرة وجمال وصحة المرأة بنفسها ونصائح بسيطة بتناول بعض المواد الغذائية المتوافرة ولها تأثير مباشر فى صحة المرأة وجمالها.. ولعل وعسى!
• نصائح للسعادة
• نصيحة علم النفس:
العديد من الدراسات تؤكد أن أكبر نسبة من الناس الأكثر ميلا للانتحار أو حتى الاكتئاب هم ممن ينقصهم التقدير لذاتهم والثقة فى أنفسهم، بل الأكثر ميلا لتأنيب أنفسهم لرغبتهم فى المثالية المطلقة، هذا ما تؤكده الدكتورة جوزيت عبدالله أستاذ علم النفس بالجامعة الأمريكية وتقول: قد يكون الإنسان سعيدا وراضيا عن نفسه بغض النظر عما إذا كان هذا الإنسان غير جميل أو غنى وعلى النقيض قد تجد إنسانا كامل الأوصاف، لكنه غير راض ودائم الشكوى وتنعدم ثقته بنفسه وبإمكانياته، وغالبا ما يلقى باللوم على من حوله كالزوجة التى تشتكى من عدم رد جميل أولادها لها بعدما أفنت حياتها فى خدمتهم، أو تنازلت عن عملها أو طموحها لأجل زوجها مثلا، مثل هذه الشخصية فى الغالب تخطئ فى حق نفسها وتنتظر من الآخرين إعطاءها هذا الحق، فكيف تنسى هى حقها على نفسها وتطالب الغير بعكس ذلك؟! فالتوازن مطلوب حتى فى العطاء، فعندما يحمل الإنسان نفسه فوق طاقته فهو يخطئ فى حق نفسه، ثم يصب غضبه المكتوم على من حوله إذا لم يقدروا ذلك.
وتضيف الدكتورة جوزيت: بالطبع أنا مع العطاء والتفانى فى إسعاد الإنسان لأسرته، لكن على الإنسان قبل ذلك أن يدرك واجبه نحو نفسه، فمن خبرتى مع كثيرات من المرضى النفسيين الذين يترددون عليّ أدرك أن الإنسان هو الذى يفرط فى حق نفسه أولا فى الغالب أو ينظر لنفسه بطريقة فيها دونية منذ البداية، وهى التى تؤدى للتعامل معه بهذا الأسلوب من المحيطين به، ومع ذلك فإن أمر تعويد الإنسان على غير ذلك فى سن متقدمة ليس بالمستحيل، فالتأهيل النفسى لمن يعانون من هذا الإحساس موجود، المهم الإصرار والعمل على ذلك.
ويستطيع أى إنسان أن يحب ذاته بمعرفة حقوقه على من حوله والمطالبة بها وعدم تحميل النفس أكثر مما تتحمل، وقد تكون أشياء بسيطة يستطيع الإنسان عملها لنفسه تدخل عليه السعادة والرضا.
• ابدئى بإعطاء نفسك حقها
خلال السطور القادمة وفى 10 خطوات أقدم لك روشتة للبدء فى إعطاء نفسك حقها عليك:
أولا: انجحى مع نفسك لتنجحى مع غيرك.. لتبدئى بداية صحيحة حاولى أن تكونى صريحة مع نفسك وتعرفى على ما تريدينه فعلا.. أهدافك فى حياتك.. رضاكى عن نفسك وعمن حولك.. عيوبك.. من ترتاحين إليه ومن تضغطين على نفسك لتجلسى معه.. وفى كتاب «كيف تتخلص من تصرفاتك السلبية وتقيم علاقات ناجحة مع الآخرين» ليوسف الأقصري يقول: راقب نفسك وكن صادقا وتعامل بإيجابية مع عيوبك ولا تيأس من إصلاح نفسك واعلم أن الموارد الخارجية لا تصنع حياتك، وإنما يصنعه ما بداخلك من قدرات، وتحلّ بالشجاعة لتواجه نفسك وتواجه غيرك بما يستفزك».
ثانيا: لا تبخلى على نفسك بربع ساعة يومياً اقتطعى وقتا خاصا بك افعلى به ما تحبين ولو ربع ساعة يومياً، ارسمي، ارقصي، اتصلى بصديقة تبعث فيكى السعادة والأمل.. سيشحنك ذلك لتكملى يومك بإيجابية.
ثالثا: حافظى على صحتك البدنية والنفسية كمحافظتك على ابنك، فلا تهملى زيارة الطبيب إذا احتجت أو خبيرا أو مستشارا نفسيا إذا تطلب الأمر والغريب أنك قد تقصرين فى الذهاب للطبيب عندما تمرضين أو لا تحضرين لنفسك الدواء وفى نفس الوقت تغضبين وتلومين زوجك إذا نسى إحضار الدواء.. ويشمل ذلك أن تمارسى أى هواية تحقق لك الرضا والسلام النفسى الداخلى فلاشك أن الرياضة لها حجم لا يستهان به فى الصحة النفسية.. كذلك حددى لنفسك مشوارا تشعرين فيه أنك تدللين نفسك ولو مرة فى الشهر ذهاب للسونا أو للكوافير أو السينما أو شرب القهوة فى كافيه فذلك قد يحدث فرقا فى حالتك النفسية.
رابعاً: لا تقسى على نفسك بتأنيب نفسك أكثر مما تستحقين على خطأ لم تكونى تتعمدينه وارفقى بنفسك وجدى لها الأعذار.
خامساً: فرحى نفسك فى المناسبات الخاصة بك مثل عيد ميلادك أو زواجك لا تتركى مفتاح سعادتك فى يد غيرك فلا تعتمدى على وجود أحد ليشجعك على مشوار ممتع تودين الذهاب له ولا تنتظرى هدية من أولادك أو زوجك لتفرحي، فرحى أنت نفسك واشترى لنفسك هدية لعيد ميلادك وألبسى شيئا جديدا، بل تستطيعين كما تكافئين أولادك أن تطبخى صنفا من الطعام تحبينه أو تصنعى «كيكة» حلوة فى عيد ميلادك وتشترى الورود الحمراء لنفسك فى عيد الحب وأدخلى السرور على قلبك وقلب أسرتك وتذكرى أنك أنت مصدر سعادتك.
سادساً: فرحى غيرك وزودى دائرتك، خطأ نقع فيه جميعاً بحصر تفكيرنا وهدفنا فى منطقة واحدة كأننا نضع كل البيض فى سلة واحدة مع أننا لو كبرنا دائرة العطاء فتشمل أكثر من أولادنا وتمتد لمساعدة شخص يحتاجنا كيتيم فى ملجأ أو مسن فى دار مسنين أو حتى جار أو قريب أو حيوان أليف نطعمه ونهتم به مهما كنا مشغولين ذلك من شأنه إمدادنا بسعادة كبير ويكون كبديل لتبادل الود والرضا النفسى عند انشغال أزواجنا أو أولادنا.
سابعاً: فضفضي، ففى دراسة نشرتها مجلة جمعية القلب الأمريكية شملت 1793 شخصا بينهم 877 من النساء تمت متابعتهن لمدة 10 سنوات لدراسة احتمال إصابتهن بأمراض القلب، وجد أن الأشخاص المرحين التلقائيين الذين يعبرون عن مشاعرهم بإحاطة أنفسهم بأصدقاء للتعبير عن مشاعرهم أقل بنسبة 22% تعرضا لأخطار أمراض القلب والضغط لقدرتهم على التغلب على مشاعر التوتر، فاحرصى على وجود الأصدقاء فى حياتك ولو قل عددهم المهم أن تشعرى معهم بالسعادة والراحة وبأنك على طبيعتك.
ثامناً: ابدئى فى أى وقت يمكنك فى أى سن أن تفتحى صفحة جديدة وتحققى ما رغبت فيه دوما، ففى حديث لأوبرا وينفرى قالت: أعظم اكتشافات هذا القرن هو معرفتنا بأن الإنسان يستطيع تغيير مستقبله بمجرد تغيير معتقداته، فإذا آمن الشخص بنفسه فى أى وقت ورغب فى تحقيقه واعتقد فى ذلك سيستطيع تحقيقه لا محالة. وفى كتاب «الكنز» لماجدة المفتى تقول: الكاتب الهندى ديباك شوبرا يؤكد أن كل إنسان خلق وله موهبة خاصة تميزه حتى ولو لم تكن شديدة الأهمية وعلى كل إنسان اكتشافها فى أى وقت ليتناغم مع الطبيعة. وكتبت: لكل إنسان خزانة يختار ما يملؤها بها لذا فعليك اختيار ما يملأ خزانتك إما أمل، حب، سعادة أو العكس، لذا ففى الفترة التى تسمى مثلا بسن اليأس قد تكون خفت التزاماتك نحو أولادك وأصبح عندك فائض من الوقت، فيمكنك دراسة أى شيء كنت تتمنين دراسته وتثقفين نفسك فى أى مجال، أو أخذ كورسات مثلا كنت تريدين أخذها ولم يتسنَ لك ذلك واجعلى ذلك هديتك لنفسك.. أو بداية ريجيم لتصلى لوزن مثالي.
تاسعاً: تخلصى من القديم كل فترة حاولى فرز ما فى دولابك من ملابس أو فى دولاب مطبخك من أدوات وتخلصى فورا من أى شىء لا تستخدميه وابعدى عن الكركبة وركنة الأشياء فلها مفعول السحر فى إضفاء الطاقة الإيجابية والإحساس ببداية جديدة وراحة نفسية.
عاشراً: ابتسمى دائما فالابتسامة لها مفعول السحر ليس على من حولك فقط وإنما عليك أنت، ففى كتاب شريف عرفة، لماذا كل من حولى أغبياء؟! كتب أنه قد أثبتت الدراسات الحديثة أن رسم البسمة حتى دون الشعور بالسعادة يبرمج العقل والجسد على تحسن الحالة المزاجية.
وأخيرا علينا ألا ننتظر السعادة، بل علينا أن نرحل معها إلى أى مكان تتوجه إليه وبذلك نستطيع أن نكون سعداء فى كل الأوقات.
• نصيحة ابن القيم
وخير كلام ما نصح به ابن القيم رحمه الله قائلاً: «لن يقاسمك الوجع صديق، ولن يتحمل عنك الألم حبيب، ولن يسهر بدلا منك قريب. اعتن بنفسك واحمها، ودللها ولا تعط الأحداث أكثر مما تستحق.
تأكد حين تنكسر لن يرممك سوى نفسك، وحين تنهزم لن ينصرك سوى إرادتك، فقدرتك على الوقوف مرة أخرى لا يملكها أحد سواك، لا تبحث عن قيمتك فى أعين الناس وابحث عنها فى ضميرك؛ فإذا ارتاح الضمير ارتفع المقام، وإذا عرفت نفسك فلا يضرك ما قيل فيك.
لا تحمل هم الدنيا فإنها لله، ولا تحمل هم الرزق فإنه من الله، ولا تحمل هم المستقبل فإنه بيد الله. رضى الله عنك وأرضاك وكفاك وأغناك.
لا تيأس من حياة أبكت قلبك وقل يا الله عوضنى خيرا فى الدنيا والآخرة. فالحزن يرحل بسجدة، والفرح يأتى بدعوة.
لن ينسى الله خيرا قدمته، وهما فرجته، وعينا كادت أن تبكى فأسعدتها.
عش حياتك على مبدأ «كن محسنا حتى وإن لم تلق إحسانا، ليس لأجلهم بل لأن الله يحب المحسنين».•
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف