الوفد
منتصر جابر
الناصية- مسابقات للمغفلين!
يوم انتشرت مسابقات الغناء في العالم العربي.. لم يعد فيه غناء، ويوم أن وافق المطربون والمطربات بالجلوس كمحكمين في هذه المسابقات.. كانوا قد توقفوا عن الغناء وقوفاً.. واتخذوا من التحكيم شغلانة أخرى لكسب الفلوس بدلاً من الغناء.. وكله سوق!
ومنذ أن بدأت هذه المسابقات في اكتشاف مواهب جديدة.. لم تظهر أو تلمع أي موهبة جديدة .. حتى الذين فازوا فيها.. انطفأ نجمهم قبل أن يلمعوا لأنهم صنيعة تجارة المواهب وأنصافها، وسلعة في بيزنس استغلال احتياجات الشباب العربي للحصول على فرصة بعد أن توقفت المؤسسات الإعلامية في الدول العربية، إذاعة وتليفزيون، من هذه المهمة، لأنها مشغولة باكتشاف مواهب الحكام والملوك والرؤساء!
والذين يديرون مثل هذه المسابقات مثل الذين يبيعون الورود في المقابر.. يكسبون من بيعها على قبور الغناء والتمثيل والاستعراض.. فماذا يفيد الميت وردة علي قبره لا يتمكن من أن يشم عطرها أو يرى ألوانها.. وما فائدة اكتشاف موهبة بينما لا يوجد غناء أصلاً أو مسرح للفنون؟!
ويوم كانت الساحة الغنائية مليئة بعشرات المواهب، في كل مجالات الفن، لم تكن هناك مسابقة واحدة للموهوبين.. وهل شاركت أم كلثوم، أو فيروز، أو عبدالوهاب.. وغيرهم العشرات بالعالم العربي في مسابقة للغناء ليكتشف الجمهور مواهبهم، أو شارك حسين رياض أو أمينة رزق أو زكي رستم، وغيرهم العشرات، في مسابقة للتمثيل ليصبحوا أشهر النجوم.. وهل.. وهل؟!
وإذا كانت هذه المسابقات موجودة وشائعة في أمريكا والدول الأوروبية، هذا لأنها جزء من صناعة ضخمة في عالم الترفيه المنتشرة في هذه الدول، مثل مسرح برودواي ومعناها «الشارع العريض» وهو من أشهر المسارح الاحترافية في أمريكا والعالم، وأحد المعالم الثقافية ونقطة استقطاب سياحي لزوار مدينة نيويورك، بلغ جمهوره 13 مليون شخص في موسم 2014/2015، وبلغت عوائده 1.36 مليار دولار، ويقع المسرح في حي مانهاتن بنيويورك، في منطقة تضم أربعة مسارح أخرى، ويتسع لـ 1765 مقعداً، بالإضافة لمسارح ويست إند في لندن.. فماذا لدينا نحن من كل هذا.. خرابات شارع الهرم في القاهرة أم دكاكين شارع الحمرا في بيروت أم مولات دبي المليئة بالملابس والإكسسوارات بأكثر من عدد سكان الإمارات؟!
ولا أعتقد أن مطرباً، مشغولاً بالغناء، أو أى مبدع حقيقي، سوف يتخذ من المتاجرة في أحلام الشباب العربي شغلانة.. وأن يعمل موظفاً لدى شركات الإعلانات والاتصالات وصناع الوهم في بلاد يقتلها الفقر والمرض والجهل وتقتات على المعونات والمنح والقروض للإنفاق على شعوبها.. وإن الغرب يفعل ذلك في إطار حزمة متكاملة من العلم والتعليم والفنون والثقافة، والتفوق في السياسة والاقتصاد والزراعة والصناعة والابتكارات والتقنيات الحديثة.. كلها تعمل وتبدع في منظومة واحدة.. بينما نحن مازلنا نعتقل الشباب بسبب التظاهر، ونحاكم الأدباء بسبب كتاب، ونسجن المفكرين بسبب رأى.. وبالله عليكم كيف للدول الطاردة للمتفوقين في العلوم.. أن تستبقي الموهوبين في الفنون؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف