الدستور
د. حياة عبدون
«نزار» ما زال بيننا
أنا منذ خمسين عاماً أراقب حال العرب.. وهم يرعدون، ولا يمطرون.. وهم يدخلون الحروب، ولا يخرجون.. وهم يعلكون جلود البلاغة علكا ولا يهضمون. أنا منذ خمسين عاماً. أحاول رسم بلادت سمى مجازاً «بلاد العرب» رسمت بلون الشرايين حيناً وحينما رسمت بلون الغضب. وحين انتهى الرسم، سألت نفسى: إذا اعلنوا ذات يوم وفاة العرب.. ففى أى مقبرة يدفنون؟. ومن سوف يبكى عليهم؟ وليس لديهم بنات..وليس لديهم بنون. . وليس هنالك حزن،وليس هناك من يحزنون!! يا وطنى، جعلوك مسلسل رعب نتابع أحداثه فى المساء. فكيف نراك إذا قطعوا الكهرباء؟ أنا. .. بعد خمسين عاماً أحاول تسجيل ما قد رأيت. . رأيت العروبة معروضة فى مزاد الأثاث القديم. .
ولكنى ما رأيت العرب!! صدقت يا نزار يا قبانى. . لقد أعلنت وفاة العرب فى 1994 !!! فيا ترى ما كلماتك إذا شهدت حال العرب الآن. .. حال الأمة الإسلامية الآن..! إذا خسرنا الحرب لا غرابة لأننا ندخلها بكل ما يملك الشرقى من مواهب الخطابة بالعنتريات التى ما قتلت ذبابة لأننا ندخلها بمنطق الطبلة والربابة، السر فى مأساتنا صراخنا أضخم من أصواتنا وسيفنا أطول من قاماتنا خلاصة القضية توجز فى عبارة لقد لبسنا قشرة الحضارة والروح جاهلية.. هكذا حلل حال العرب وحال الأنظمة العربية وسياستهم التى أدت إلى نكسة 67 !!. .. فيا ترى ما موقف نزار إذا كان شاهداً على «الربيع العربى»... التقسيم الجديد للشرق الأوسط.. انهيار القوة العربية المشتركة...؟ يا ترى كيف كان سيصف حال العرب الآن بعد إعلانه وفاتهم منذ سنوات طويلة؟ كيف كان سيصف حال العراق، اليمن، سوريا، ليبيا، لبنان..؟ فى قصيدته «إلى الجندى العربى المجهول».. أشعر وأنا أتوغل داخل كلماته التهم المعنى، الفكرة، الحزن، السخرية من كل ما لا يبذلون أى جهد إلا فى استهلاك وتحريك ألسنتهم داخل أفواههم للهجوم على الجندى الذى يحميهم ويحمى الوطن.. أشعر كأنه يقف ضد الخائنين للعروبة، للخائنين للوطن.. الطابور الخامس المتوغل فى أركان الدولة.. المواقف الهشة للجامعة العربية لكل مدمنى الكلام الذين لم يتغيروا على مر العصور.. لو يقتلون مثلما قتلت ولو يعرفوا أن يموتوا.. مثلما فعلت.. لومدمنوا الكلام فى بلادنا.. قد بذلوا نصف الذى بذلت.. لو أنهم من خلف طاولاتهم قد خرجوا.. كما خرجت أنت.. واحترقوا فى لهب المجد،كما احترقت.. لكن من عرفتهم ظلوا على الحال الذى عرفت.. يدخنون، يسكرون، يقتلون الوقت.. ويطعمون الشعب أوراق البلاغات كما علمت.. وبعضهم يغوص فى وحوله. وبعضهم يغص فى بتروله.. يا أشرف القتلى.. على أجفاننا أزهرت الخطوة الأولى إلى تحريرنا.. أنت بها بدأت.. يا أيها الغارق فى دمائه.. جميعهم قد كذبوا.. وأنت قد صدقت.. جميعهم قد هزموا.. ووحدك قد انتصرت. . كأنك تعيش بيننا يا نزار فلم يتبدل الحال!!..كأنك تسمع أصواتهم الجوفاء.. فلم يتغير العرب.. ولم تعود الحياة مرة أخرى للعرب.. فاقرأوا معى الفاتحة عليهم!!..موعدنا الأحد المقبل إن شاء الله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف