الجمهورية
ثناء حامد
البحـــــــــث عن .. الإنســـــــــانية

"الجحيم هم الآخرون" .. عبارة أطلقها الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر.. ولم يدر أنها ستصبح عنوان سنوات سوداء سيعيشها بشر لا حول لهم ولا قوة.. سوي أنهم يقيمون في منطقة اسمها الشام.. قررت القوي الغاشمة ان تكون نقطة البداية لتقسيم وإقامة الشرق الأوسط الجديد بعد فشلها الكبير في مصر وشعب مصر.. ولكن وسط هذا السعار الدولي.. تساقط الضحايا كأوراق الشجر في خريف الطبيعة لدرجة ان اللحظات والمرئيات تحولت الي عذابات متتالية للكثير منا ونحن نري ان الشفقة والرحمة تبخرت من قلوب البشر.. وتحولت مشاهد الاطفال الأبرياء في سوريا وسط الجليد في مخيماتهم الرثة وثيابهم التي لا تستر ولاتقي.. الي مناظر معتاده وكأننا أصبنا جميعا بحمي اللامبالاه.. ومع كل مرة ينفطر فيها قلبي وأتساءل ألا من عاقل من العرب أو في البشر يوقف هذه المهزلة؟
ألم يبكينا منظر طفلين مرتعدين خلف إحدي السيارات ويحملان أخيهما الرضيع يطعمانه بعضا من اللبن والخبز بعد ان ماتت الأم.
ألم يترجف العالم كله لصورة طفل الشاطئ إيلان الذي لم يجد عيسي ليمشي به علي الماء ليوصله إلي شاطئ آمن؟
ألم نتمن لالاف المهاجرين من قوارب الموت من الجحيم المستعر أن يبعث موسي من جديد ليشق لهم البحر بعصاه ويصلوا لأي بقعة.. ولكن موسي لن يبعث ولاعيسي.. وغرق إيلان وغرق الالاف والعالم يتفرج بلا أدني رحمة أو شفقة.. وعلي ما يبدو انه سيظل محتفظا بدور المتفرج إلي أن ينتهي المخطط الدولي لأمن إسرائيل.
وها أنا أشم رائحة فرحة إسرائيل التي ترقص طرباً.. فها هو أول صدام حقيقي ومعلن بين السنة والشيعة.. بين السعودية وإيران.. ونجحت خطة فناء المنطقة علي اساس التقسيم الطائفي مرة وبين السنة والشيعة مرة وبين الانتماء القبلي مرات.. وضاعت اليمن والعراق وليبيا وسوريا والبقية في الطريق.. ويا فرحة أمريكا وإنجلترا بنجاح التخطيط لتكتمل فرحة إسرائيل بجني الثمار.. والكل يسير كمغيب في اتجاه الخراب.. منساقين وراء الكرامة والكبرياء.. ولم نقرأ الأحداث بترو.. ونوحد الصفوف ونتخذ موقفا واحدا في اتجاه عدو يجيد اللعب بالأدوات.. وللأسف كنا نحن العرب هذه الأدوات وأخشي أن يجئ يوم علينا لا نجد فيه جنسا يسمي العرب.. فالاوطان ليست مساحة جغرافية بقدر ما هي بشر لهم سمة واحدة فوق تلك الجغرافيا ليصبح هناك وطن حقيقي.
أفيقوا .. ولا تدعوا الاخرون يصنعون لنا الجحيم ونحن نتطوع ونسارع بإلقاء انفسنا فيه.. ولنجتمع علي كلمة سواء.. فالشعوب هي التي تدفع الثمن دائما.. وليكن لقاء اليوم بالجامعة العربية عنوانه الحفاظ علي الهوية العربية.. وانقاذ الملايين من الهلاك قبل فوات الآوان.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف