الأهرام
قداسة البابا تواضروس الثانى
ميلاد المسيح لإسعاد البشر
فى قصة الميلاد المجيد أحداث عديدة ومشاهد متنوعة، بعضها فردى لأشخاص بعينهم ، وبعضها جماعى لجماعات حاضرة وشاهدة على هذا الحدث الفريد...
من بين هذه الجماعات : «المجوس» وهم حكماء الشرق الذين كانوا يهتمون بعلوم الفلك والنجوم ... وعندما وجدوا النجم العجيب والذى صاحبهم فى رحلتهم من المشرق حتى بيت لحم اليهودية قالوا فى قلوبهم: هنا والآن تنتهى رحلتنا اللانهائية ... «قد رأينا نجم فى المشرق وأتينا لنسجد له...ب (متى2:2).

أما جماعة الرعاة البسطاء الذين كانوا يسهرون على رعيتهم فى البادية يتنقلون من موضع إلى آخر.. فشاهدوا بشارة الملاك ونوره العجيب «هنا أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب أنه ولد لكم اليوم فى مدينة داود مخلص هو المسيح» (لو11:2) وجاءوا إلى المذود ليتأكدوا من حقيقة تلك البشرى كأنهم يقولون فى قلوبهم «هنا والآن تبدأ رحلتنا اللانهائية» والمعنى المقصود من وراء زيارة المجوس الحكماء وزيارة الرعاة البسطاء ، ان البحث عن الحكمة العالمية البشرية قد انتهى، والآن بدأت السعادة الحقيقية والحكمة السماوية حيث اقترب الله إلى الإنسان فى زمن فريد وحيد وصار عمانوئيل «الله معنا» (متى23:1).

وهذه الرحلة اللانهائية هى رحلة الإنسان على الارض رحلة البحث عن السعادة والسرور والبشر، فى هذه الرحلة ينقسمون إلى فريقين فريق يبحث عن سعادته الشخصية والفردية و الذاتية والخاصة.

وفريق يبحث عن سعادة الآخرين سواء كانوا قريبين أو بعيدين.

وفى أنشودة الميلاد: المجد لله فى الأعالــى

وعلى الأرض السلام

وبالـنـاس الـمـســــرة (لو14:2)

إشارة إلى هذه الحكمة العالية «وبالناس المسرة» أو «فى الناس المسرة» بمعنى كيف يعيش الناس فى المسرة والسرور، أو بمعنى آخر هل يمكن إسعاد البشر. ويصير سؤال الميلاد المجيد كيف نسعد الآخرين؟!

وكأن احتفالنا بعيد الميلاد كل عام هو لتجديد أفكارنا وحياتنا وتوعية بمسئوليتنا كبشر تجاه بعضنا بعضا، وللإجابة على الاسئلة الحياتية والمصيرية عن وجودنا البشرى وحياة كل الإنسانية.

كيف نسعد الآخرين؟

إن هدف الميلاد الاول هو إسعاد كل البشر وسرورهم ولكن كيف؟! ... إن عناصر حدث ميلاد السيد المسيح تجيب على هذا السؤال المهم فى خمسة مجالات:

العذراء أسعدتنا بطهارتها ونقاوتها: السيدة مريم العذراء فخر جنسنا، هى المثال الأول فى نقاوة القلب وطهارة الكلام والسلوك.

اختارها الله لتكون معبرا للكلمة المتجسد لميلاد السيد المسيح.

وكأن الخطوة الأولى لكى تسعد إنسانا أوشعباً أن تكون أنت نقى القلب، طاهر اللسان، عفيف اليد، فلا يمكن أن نحصل على ثمرة شهية من شجرة رديئة... أو على سعادة حقيقية من حياة فاسدة ...

قرية بيت لحم أسعدتنا بضيافتها ومآواها: هى قرية صغيرة جدا فى ضواحى أورشليم ولم تكن ذات شأن أمام المدن الكبيرة صاحبة الأحداث الجسام ، و لكن عندما استضافت السيد المسيح فى ليلة ميلاده وأوجدت له ذلك المذود الصغير ضعيف الإمكانيات ، لمع نجم القرية واشتهرت وصارت كبرى المواقع المقدسة فى التاريخ المسيحى...

وأنت أيها الإنسان عندما يتسع قلبك الصغير وتؤوى فيه الضعيف والبعيد والمريض والمحتاج والذى بلا مأوى إنما تسعد الجميع ويلمع اسمك وشخصك أمام خالقك فى علاه.

الرعاة البسطاء أسعدونا بسهرهم وأمانتهم: لقد كانوا فقراء يعيشون حياة بدائية جدا وهم رُحَل يتنقلون من مكان إلى آخر وهم يعتنون بقطعان الخراف التى يرعونها. وكان المجتمع لا يقبل شهادتهم فى المحاكم بل ويتم اتهامهم عند فقد أى شىء ورغم ذلك كانوا أمناء يحرسون حراسات الليل علي رعيتهم (لو 8:2) وعاشوا بسطاء انقياء أمناء واستحقوا أن ينالوا الإعلان السمائي الأول عن ميلاد السيد المسيح (لو 2-8-14) وأنت أيها الإنسان بسهرك وأمانتك في عملك وخدمتك ومسئولياتك الشخصية والعائلية والاجتماعية والدينية تستطيع ان تسعد من حولك وتكون لهم نورا وفرحا ومسرة ......

المجوس الحكماء أسعدونا بزيارتهم وهداياهم: كانوا علماء في الفلك يدرسون النجوم وحركة الكواكب ويعيشون الحكمة والفلسفة ويبحثون عن «الحقيقة» .. وعندما وجدوا النجم العجيب تتبعوه من بلاد الشرق حتي وصلوا بيت لحم في رحلة طويلة، وقد بذلوا الوقت والجهد والعناء وأتوا وقدموا هداياهم الغالية من الدهب واللبان والمر والتي تعبر عن شخصية المولود ومسيرة حياته الخلاصية . وأنت أيها الإنسان تستطيع ان تشعر الآخرين بالزيارة والافتقاد والمشاركة القلبية في مناسبات الآخرين من أفراح وأتراح .....

الملائكة أسعدونا بتسابيحهم وظهورهم : لقد أنشدوا وقت ميلاد السيد المسيح تلك الأنشودة الخالدة «المجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة » (لو14:2)

ان العبادة النقية الهادئة هي التي تفرح قلب الله وتسعد قلب الإنسان ...

وأنت أيها الإنسان تستطيع إسعاد الآخرين بالصلاة النقية من اجلهم وبالتسابيح المعزية والسماوية وبالعبادة الصادقة، التي تتحول الي اعمال صالحة وخدمات مباركة .

وفي هذه المناسبة المفرحة نقدم تهانينا القلبية الي السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، ونبارك جهوده لإسعاد كل المصريين، كما نقدم التهنئة الي السادة رئيس مجلس الوزراء والوزراء والمسئولين كل في موقعه، مع تهنئة خاصة الي رجال القوات المسلحة ورجال الشرطة الوطنية، ونذكر شهداءنا بكل الإكرام والتقدير، ونصلي ان يمنح الله السلام والاستقرار لكل الشعوب التي تعاني من العنف والجريمة والإرهاب متمنين الخير والفرح والسلام للجميع.. وعام جديد سعيد لمصر والمصريين .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف