الأهرام
أحمد محمود كريمة
خواطر فى مولد سيدنا المسيح
سيدتنا مريم العذراء التقية والنقية (عليها السلام) في محرابها المعطر بنفحات ربانية، مضيئا بأنوار صلوات وأذكار
وأدعية الله تبارك وتعالي، زكت نفسها باطنا وظاهرا بالعبارات والقربات، تزورها ملائكة الرحمة لتزف إليها الاجتباء والاصطفاء وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك علي نساء العالمين * يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين (الآيتان 42 وما بعدها من سورة آل عمران)، ثم تزف إليها البشري العظمي، والنفحة الكبري: يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسي ابن مريم (الآية 45 من سورة آل عمران)، وولد سيدنا المسيح (عليه السلام) مؤيدا بالبراهين والبينات والمعجزات والكرامات: إذ قال الله يا عيسي ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلي والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتي بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين * وإذ أوحيت إلي الحواريين أن آمنوا بي وبرسلولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون (الآيتان 109 وما بعدها من سورة المائدة)، وآتينا عيسي ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس) (الآية 253 من سورة البقرة)، وبدأ الدعوة بموضوعية وواقعية وتواضع أخاذ يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة (الآية 6 من سورة الصف)، ما جاء ليبني دعوته علي أنقاض غيره، ففي إنجيل متي: لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأكمل (متي: إصحاح ح5 عدد 7)، ووضح أن دعوته لإغاثة ذوي الحاجات غذاء الروح، وراحة الجسد، ففي إنجيل متي: ولما رأي الجموع صعد إلي الجبل، فلما جلس تقدم إليه تلاميذه، قال: طوبي للمساكين بالروح، طوبي للجياع والعطاشي إلي البر فإنهم لا يشبعون، طوبي للحزاني لأنهم يتعزون، طوبي للرحماء لأنهم يرحمون، طوبي لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله، طوبي لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون، طوبي للمطرودين من أجل البر لأن لهم ملكوت السماوات.

في القرآن الكريم دعوته لتخفيف المشاق عنهم التي كانت علي الأقدمين ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون (الآية 50 من سورة آل عمران) تحمل يسوع المسيح (عليه السلام) معاناة من غلاظ قلوب لا تبهرهم معجزاته الخارقة، ومكارم أخلاقه العالية السامية، وتلاقت الرومانية المحتلة لوأد دعوة المحبة والسلام، وترك وصاياه الحكيمة (سلاما أترك لكم، سلامي أعطيكم، لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب، سمعتم أني قلت لكم أنا أذهب ثم آتي لكم (يوحنا 27 وما بعدها، 14)، و ليكون لي في سلام، وفي العالم ضيق، ولكن ثقوا أني قد غلبت العالم (يوحنا بإصحاح 16 فقرة 33).

سيدي المسيح.. سلام عليك يوم ولدت، سلام عليك يوم تموت، سلام عليك يوم رفعت، سلام عليك يوم تعود في أواخر الزمان، سلام عليك يوم تبعث حيا.

مسلمو مصر لن يخونوك في أتباعك! فقد أوصانا بهم رسولنا محمد (صلي الله عليه وسلم) ستفتح لكم مصر فاستوصوا بأهلها خيرا...، فأحسنوا إلي أهلها فإن لهم ذما ورحما رواه مسلم، وقرر علماؤنا مثل الإمام النووي (رحمه الله تعالي) في كتابه رياض الصالحين: الرحم كون هاجر أم إسماعيل (عليهما السلام) من أهل مصر، و الصهر كون مارية القبطية أم إبراهيم (عليهما السلام)، منهم لن تهدر حقوقهم، ولن تنقص مكانتهم، فالكل يعمل في خدمة وطاعة الله عز وجل: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصاري والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (الآية 62 من سورة البقرة).

ومعابد أهل الكتاب ومساجدنا سواء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز (الآية 40 من سورة الحج).
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف